بيروت / متابعات : صدر مؤخرا عن دار الساقي كتاب «الجهاديون في لبنان من قوات الفجر إلي فتح الإسلام» للصحفي والباحث اللبناني فداء عيتاني.يؤرخ الباحث لجماعات الإسلام الجهادي في لبنان، مستعرضا تاريخ نشوء جماعات الإسلام السياسي الجهادي في مدينة طرابلس، المعقل الرئيسي لسنة لبنان، ومن ثم تمددها إلي المخيمات الفلسطينية في البلاد، والتي تقطنها أغلبية سنية تعيش ظروفا اجتماعية واقتصادية وسياسية بالغة السوء، إذ ساهمت ظروف الحرب الأهلية اللبنانية في بلورة فكر إسلامي مقاوم للاجتياح الإسرائيلي للبنان، امتد فيما بعد ليشمل الجهاد ضد المتعاونين مع الإسرائيلي، ليصبح الجهاديون، علي قلة عددهم وتأثيرهم في تلك الفترة، منخرطين في لعبة الحرب الأهلية، خاصة بعد انتصار القوات الإسرائيلية عام 1982، واستسلام منظمة التحرير الفلسطينية وبقية فصائل المقاومة التي كانت تعمل في لبنان للحصار الذي فرض علي العاصمة بيروت.ويري الكتاب أن انتهاء الحرب عام 1991، وما أعقبها من أحداث كان عاملا مهما في تطور «الفكر الجهادي»، في لبنان، مثل أحداث الجزائر عام 1992، واستهداف المسلمين في البوسنة والشيشان.ويوضح عيتاني كيف ترسخت في هذه المرحلة فكرة عالمية الجهاد، ذلك أن المسلم عليه نصرة أخيه المسلم في كل الأمكنة التي يتعرض فيها لاضطهاد، وبالفعل كان هناك العديد من اللبنانيين الذين عادوا من البوسنة والشيشان بعد عام 1995، وفي هذه المرحلة أيضا تكونت قناعة لدي الجهاديين، بأن تحرير فلسطين لن يتم إلا إذا أقيم حكم الله في أرض الإسلام، وبالتالي فإن بقاء النظم الحالية يحول دون تحرير الأرض المحتلة، وبدأ الجهاد العالمي ضد الصليبيين وعملائهم.في نهاية التسعينيات، ساهم الجهاديون اللبنانيون بشكل محدود في عمليات القاعدة ضد المصالح الأمريكية، ولكن التحول الأساسي في عمليات تنظيم القاعدة العالمي، والذي ترتب عليه التحول في ذيوله الصغيرة في لبنان، كانت عملية 11 سبتمبر وما تلاها من حرب أمريكية ضد الإرهاب في أفغانستان والعراق.في العراق، بدأت علميات القاعدة تطال الشيعة إلي جانب المحتل الأمريكي، وانطلقت فتاوي تكفير الشيعة واستحلال دمائهم. امتدت هذه الفتاوي عبر المجاهدين في لبنان، ليعود الصراع السني- الشيعي إلي التأجج في البلاد.في هذه الأثناء كان لبنان يمر بأزمة سياسية حادة بدأت مع اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في فبراير 2005، بين الأكثرية النيابية التي يغلب عليها الطابع السني والمعارضة التي هي شيعية في غالبها.كان تحليل الجهاديين اللبنانيين للأزمة السياسية في البلاد أن المعارضة الشيعية تريد الاستئثار بالحكم، والتيار السني الأكبر في البلاد، أي تيار المستقبل، يخضع لتفاهمات، ويتنازل عن بعض حقوق السنة في البلاد مقابل بعض الامتيازات السياسية التي يحصل عليها تيار المستقبل.وهكذا انفتح باب الجهاد ضد الدولة، بأكثريتها ومعارضتها، وكان استهداف الجيش في بداية أحداث نهر البارد استهدافا للدولة باعتبار أن مؤسسة الجيش هي المؤسسة الوحيدة التي ظلت حتي اللحظة الأخيرة بعيدة عن التجاذبات السياسية مؤكدة أنها تمثل اللبنانيين جميعا.