(بنغالور)
لو لم يضل الملك فيرا بالالا طريقه في أثناء رحلة صيد قبل نحو 800 عام مضت، لَما كانت قد وجدت اليوم مدينة اسمها بنغالور.. لكنه ضلّ كما تقول الأُسطورة، وكان ذلك من حسن الحظ.جوها المعتدل جعلها تزخر بالحدائق والمتنزهات وقصر بنغالور المبني عام 1887 تم تصميمه على غرار قلعة وندسور البريطانيةظل الملك فيرا هائمًا على وجهه في الغابة، جائعًا وعَطِشان، حتى وجد كوخًا، فاندفع إليه، وكانت ساكنتَه عجوزٌ طيبة، قدمت إليه وجبة طعام من اللوبيا المسلوقة. وقد أُعجب الملك فيرا بلطفها وكرمها، وأطلق على المكان اسم « بنداكالورا» وتعني بلغة كانادا المحلية «مكان اللوبيا المسلوقة». ثم دُعيت المنطقة فيما بعد بنغالورو، حتى جاء البريطانيون ليختصروا الاسم إلى ما هو عليه الآن «بنغالور».«مكان اللوبيا المسلوقة» الآن، هو وسط المدينة الذي يعج بحركة أكثر من 6 ملايين نسمة. إنها معقل صناعة التقنية المتقدمة في الهند، وبخاصة قطاع تقنية المعلومات الذي يدر على البلد مليارات الدولارات سنويًا، ويأتي في المرتبة الثامنة بين أكبر قطاعات الصناعة الهندية، أما المدينة فهي من أسرع المدن الآسيوية نموًا.عبر التاريخ، كان أكبر عامل جذب لبنغالور هو جوها المعتدل، فوقوعها على ارتفاع 920 مترًا فوق سطح البحر، جعلها تزخر بالحدائق والمتنزهات، حتى أن هذا البساط الأخضر يغطي 40% من مساحة المدينة، وهو ما يعطي منظرًا رائعًا من الجو في أثناء الهبوط في مطارها، وهو، أيضًا، ما جعل بنغالور أجمل مدن الهند بلا جدال.ومن المؤسف أن صفات كانت تطلق على المدينة، مثل: «جنة المتقاعدين»، أو «المدينة المكيفة الهواء»، لم تعد تنطبق عليها الآن. فالنمو غير المسبوق الذي شهدته بنغالور خلال العقد الأخير أو حول ذلك، أدى إلى ازدياد عدد السيارات التي تجوب الشوارع سيئة الصيانة زيادةً لا تصدق، والنتيجة هي: تلوث الهواء، والضجيج، واختناقات مرورية تُفقد المرء صوابه.من بين ابرز معالمها منطقة شارع المهاتما غاندي «إم جي»، وشارع بريجيد، وكون بنغالور بمنزلة وادي سيليكون الهند، فإن مراكز الإنترنت تنتشر في كل مكان، لكن هذه المنطقة تشهد أكبر تجمع لها.وبالقرب من طريق المهاتما غاندي، تقع تحفة معمارية تخطف الأنظار. إنها فيدانا سودها، ذلك المبنى الضخم الذي يؤوي الهيئة التشريعية، وهو مبنيٌّ على الطراز الدرافيدي الحديث، وفي يوم الأحد من كل أُسبوع، وأيام العطل الرسمية، يُضاء المبنى ليلاً فيبدو منظره رائعًا ومهيبًا، ويأتي كثير من الناس وعائلاتهم لقضاء أمسيات نهاية الأسبوع على مروجه الخضراء.على الجهة المقابلة تمامًا لفيدانا سودها، توجد إحدى مفاخر بنغالور الرائعة. إنه مبنى المحكمة العليا الأحمر اللون، الذي بني عام 1864، هذه المنشأة الجديرة بالتصوير مبنية بالكامل بالطوب الأحمر.ولم يأتِ إطلاق وصف «مدينة الحدائق» على بنغالور من فراغ، فإن اثنتين من أكبر عوامل الجذب السياحي للمدينة، هما حديقة لال باغ النباتية، التي أسسها الحاكم حيدر علي في مطلع القرن الثامن عشر، وحديقة ومتنزه كبّون، على اسم المفوض البريطاني السير مارك كبّون إبان الحكم البريطاني. ولدى بنغالور حصتها من الآثار التاريخية، ليس أقلها قصر تـبّو في قلب المدينة القديمة، الذي كان المقر الصيـفي للـحاكم الأُسطوري، القلب الشجاع، تـبّو سلطان «ابن الحاكم حيدر علي المذكور آنفًا» . إن نظام الـنقل العام في بنغـالور مكتظ بدرجة كبيرة، ويستحسن تحاشيه. سيارات الأُجـرة «الراديو» مريحة ولكنها غالية.