فضاء
وفقاً لبعض دعاة الديمقراطية والتحديث فان الديمقراطية التي تمارس في اليمن ليس فيها من الديمقراطية الحقيقية شيء سوى اسمها وهم لا يرون اية افاق ايجابية في الديمقراطية اليمنية وربما لديهم الحق في ما يذهبون اليه من تفسيرات سلبية وكما يبدو فعلاً فان ممارستنا للديمقراطية في هذه البلاد وبالطريقة التي نعتمدها في ذلك فاننا لن نصل الى طريق وما من هدف يمكن رؤيته بوضوح ولن يكون من نافل القول اننا بأسلوبنا الديمقراطي هذا انما نكرس الواقع السياسي القائم بدلاً من تغييره نحو الافضل بل ان التغيير اذا حدث فانه سوف يرمي بالبلاد الى احضان القوى المتخلفة التي تتخذ من الدين ستاراً سياسياً ومنطاداً تقفز منه الى السلطة ان تحليلاً بسيطاً لواقع القوى السياسية في اليمن سوف يظهر بجلاء ان الاحزاب والقوى السياسية هي من الضعف الشديد والهزال الذي لا يمكنها ولن يمكنها في المستقبل القريب والبعيد من منافسة المؤتمر الشعبي العام الحزب الحاكم وحزب الاغلبية باستثناء حزب الاصلاح الذي يعتمد اساساً على الدين في نشاطه السياسي كما يقول منافسوه بالطبع والاصلاح المنخرط حالياً فيما يسمى باحزاب اللقاء المشترك هو الوحيد بينها الذي حاز على نسبة من اصوات الناخبين في اخر انتخابات برلمانية تؤهله فعلاً لوراثة المؤتمر الشعبي العام فيما اذا وهن الاخير او تركه رئيسه أي رئيس الجمهورية حيث ان المناكفين للمؤتمر الشعبي لا يرون فيه حزباً قادراً على البقاء دون الرئيس ناهيك عن قدرته على الفوز بالاغلبية البرلمانية ، لقد حاز الاصلاح على نسبة 21 من اصوات الناخبين مقابل اكثر من 70 للمؤتمر الشعبي فيما لم تحصل احزاب اللقاء المشترك وغير المشترك إلا على نسبة لاتتجاوز 6 على احسن تقدير ما يعني عملياً ان القوى المتدثرة بعباءة الدين قادمة لا محالة و لا احد يجرؤ على عدم الاعتراف بان الدين الاسلامي على الدوام هو دين الحق والعدل والمساواة ولعل اهم ميزة دنيوية للاسلام هي انه دين العدالة الاجتماعية ودين كرامة الانسان غير ان الذين يعتنقون السياسة بتأشيرة دخول دينية وان لم تكن ظاهرة هم في الاساس يسيئون الى الدين اولاً ويوسخون السياسة ثانياً ويكذبون على انفسهم قبل غيرهم ثالثاً وهذا الحكم السلبي لا ينطبق على حزب الاصلاح فلا نريد ان يتم فهمنا خطأ ولنكن اكثر صراحة فمثل هذا الحكم قد لا ينطبق او ربما انه لا ينطبق على الاصلاح وهذا لا يعني عدم الاعتراف بأن " الساحة " السياسية اليمنية وملعبها هما ملك للمؤتمر الشعبي وللاصلاح " المتدين " اما بقية الاحزاب مثل الاشتراكي والناصريين والبعث فهي احزاب ابتعدت وتبتعد كل لحظة عن الشارع وعن الفعل فيه وتكاد تفارق الحياة ان لم تكن قد لفظت انفاسها الاخيرة بالفعل وازاء هذا الواقع فان التغيير المأمول في اليمن سيظل حلماً بعيد المنال على الاقل في المدى المنظور الا اذا ارتمت البلاد في احضان السياسيين الذين يقحمون الدين في السياسة من اجل الوصول الى السلطة وحسب ، دون تقديم اية حلول للازمات المستفحلة في البلاد .