تعليم الفتاة في اليمن حظي باهتمام واسع من الحكومات المتعاقبة
صنعاء /سبأ: سميرة قاضي حظي تعليم الفتاة في اليمن خصوصاً منذ الـ 22 من مايو 1990 م، باهتمام واسع من خلال تصدره أجندة عمل الحكومات المتعاقبة وما تضمنته من خطط وإستراتيجيات متعددة، وضعت في مقدمة أهدافها تقليص الفجوة في معدلات الالتحاق بين الذكور والإناث في مختلف مراحل التعليم . وفي هذا السياق وإدراكا لأهمية تعليم الفتاة في عملية التنمية الإجتماعية الشاملة باعتبار المرأة نصف المجتمع وطاقة بشرية فاعلة لايمكن تجاهلها في عملية التنمية أو تحقيق الأهداف التنموية المرجوة إلا بالنهوض بأوضاعها، عملت الدولة على معالجة الأسباب التي تقف وراء تدني إلتحاق الفتيات بسلك التعليم. ولم تقتصر الجهود في هذا المجال على توفير المبنى المدرسي فحسب بل أجريت دراسات ومسوحات ميدانية بهذا الخصوص وورش عمل وندوات علمية بمشاركة المتخصصين في الجهات المعنية والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني المهتمة, كرست لتشخيص الأسباب خاصة الإجتماعية منها, والدور الذي يمكن أن يضطلع به المجتمع في التغلب على هذه الصعوبات. وأثمرت الجهود والخطط والبرامج والإستراتيجيات التطويرية التي نفذتها الدولة في هذا المجال رفع نسبة التحاق الفتاة بالتعليم محققة نجاحات غير مسبوقة، ليصل عدد الملتحقات في التعليم الأساسي إلى مليون و607 ألاف و779 طالبة بالإضافة إلى 172 ألفا و813 طالبة في مدارس التعليم الثانوي عام 2006 م ، مقارنة بمليون و427 ألفاً و208 طالبات عام 2003م. في الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة قبول الطالبات من 290 ألفاً و 380 طالبة عام 2003م إلى 306 ألاف و719 طالبة عام 2006م . ومايعزز الثقة بأن تعليم الفتاة سيشهد قفزات نوعية في المستقبل القريب، أن البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية ركز على الإهتمام بالتعليم والتوسع في برامج البنى التحتية والدعم المؤسسي لقطاع التعليم في الريف و الحضر وإيلاء إهتمام خاص بتعليم الفتاة وتذليل كافة الصعوبات أمام إلتحاقها وتوفير العوامل والأجواء المشجعة للفتاة وأسرتها . ومن المعالجات التي أسهمت في زيادة إقبال الفتاة على التعليم إفتتاح مدارس خاصة للفتيات متضمنة كافة المرافق والمتطلبات اللازمة. وتفيد بيانات الجهاز المركزي للإحصاء ووزارة التربية والتعليم أن عدد المدارس لكلا الجنسين وصل إلى 14 ألفا و975 مدرسة حظيت الطالبات منها بـ 640 مدرسة أساسية وثانوية فيما بلغ عدد المدارس المشتركة ( أساسي- ثانوي ) للبنات والبنين حوالي 625 مدرسة. ويعتبر موضوع تعليم الفتاة محور اهتمام كبير للجهود الحكومية في التعليم وذلك من خلال حجم الإنفاق على قطاع التعليم الأساسي والثانوي بجانبيه الجاري والاستثماري الذي وصل عام 150 مليار عام 2008م مقارنة بعشرة مليارات في العام 1990م.كما يتضح ذلك في ارتفاع عدد المباني المدرسية في عموم محافظات الجمهورية من 8633 مدرسة عام 90 الى 14 الفاً و 975 مدرسة عام 2006م تضم 152 الف فصل دراسي، فضلا عن إرتفاع عدد طلاب التعليم الأساسي خلال السنوات الـ 18 الماضية من اقل من مليون طالب وطالبة إلى أكثر من أربعة ملايين و497 ألفا و 643 طالباً وطالبة عام 2006 منهم أكثر من مليون وستمائة ألف طالبة . وارتفع عدد المعلمين والمعلمات في مختلف مراحل التعليم الأساس والثانوي من أقل من 20 الف معلم ومعلمة عام 90 الى أكثر من 206 ألاف معلم ومعلمة في مختلف محافظات الجمهورية منهم 39الف معلمة. وعلى الرغم من جهود الحكومة للدفع بتعليم الفتاة, إلا انه مازالت هناك صعوبات قائمة في قضية تسرب الفتيات وانقطاعهن عن الدراسة وهي القضية التي تعد محور ارتكاز في الخطط الحكومية الخاصة بقطاع التعليم .وكيل وزارة التربية والتعليم لقطاع تعليم الفتاة فوزية نعمان تقول إن القطاع نشط ضمن مهامه في الدفع بتعليم الفتاة وزيادة التحاقها بالمدارس والحد من التسرب للإناث خاصة في المناطق الريفية والنائية من خلال البرامج التوعوية والبرامج التحفيزية والتشجيعية وبرامج التدريب بالتعاون مع الشركاء المحليين والشركاء الدوليين من المنظمات العاملة في ميدان التنمية والمانحين . ونوهت الى ان الوزارة نفذت العديد من البرامج والأنشطة الخاصة للدفع بتعليم الفتاة تنفيذا للبرنامج الانتخابي لفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح فيما يخص تحسين جودة التعليم وإعادة هيكلة مؤسساته وتشجيع المبادرات الجديدة. حيث ركز البرنامج الإنتخابي لرئيس الجمهورية على اتخاذ المزيد من الإجراءات الكفيلة بتوفير التعليم المجاني للجميع و العمل على تخفيض الرسوم الدراسية على الطلاب الملتحقين بالمدارس والمعاهد الى جانب تقديم برامج وطنية لسد الفجوة في الالتحاق في مجال التعليم بين الذكور و الإناث و الريف و الحضر وضمان عدالة التوزيع والمساواة في الحصول على الخدمات.. وفي هذا الصدد نفذ القطاع ورش عمل في بعض المحافظات للبحث في العوامل والحوافز التي يمكن ان تمنح للمعلمات وتساعد على جذبهن للعمل في المناطق الريفية وكذا ورش عمل تنشيطية لمعلمات الريف لتأهيلهن في الجوانب الاجتماعية ليعملن كأختصاصيات اجتماعيات في مدارسهن بالمناطق الريفية ليقمن بدورهن في متابعة الطالبات في المدارس ومتابعة أولياء الأمور وإشراكهم إلى جانب المدرسة في الاهتمام بتعليم بناتهم الى جانب تفعيل مجالس الأباء والأمهات القائمة في المدارس من خلال إدارتي تعليم الفتاة ومشاركة المجتمع وتشكيل مجالس آباء وأمهات في المدارس التي لم توجد فيها. وتطرقت نعمان الى ظاهرة تسرب الفتيات من مدارس التعليم الأساسي.. مرجعة أسباب انقطاع الفتيات عن المدارس الى عوامل , الفقر والزواج المبكر وعدم قناعة الاسر بأهمية تعليم الفتاة.موضحة بان الإستراتيجية الوطنية للتعليم اعتبرت تعليم الفتاة عاملا هاما في تحسين الحالة الصحية للأمهات والأطفال وتحسين معدلات الخصوبة, فضلا عن دوره الهام في أحداث تغيير اجتماعي لوضع وحالة المرأة في المجتمع .وطبقا لذلك ركزت الإستراتيجية على أربعة اتجاهات أساسية للنهوض بتعليم الفتاة من خلال العمل على تحسين البيئة التعليمية وتحسين إدارة القطاع والإتجاة نحو اللامركزية للتعليم الأساسي ورفع معدل الالتحاق الكلي. وفي هذا الجانب تم تنفيذ برامج تحفيزية وتشجيعية للفتيات وأسرهن في الريف منها مشروع التغذية المدرسية الممول من منظمة الغذاء العالمي الذي خلال 2002- 2005م في اكثر من 83 مديرية في مختلف محافظات الجمهورية واستفادت منه 397 الفاً و 999 طالبة, إلى جانب دعم 440 الفاً و892 طالبا وطالبة بمواد غذائية خلال العام 2006م ضمن المشروع في عدد من المحافظات (المحويت وحجة وتعز والحديدة وعمران واب وأبين)، تضمنت توزيع ثلاثة أكياس من القمح وثلاثة جالونات من الزيت لكل طالبة . وأشارت إلى أنه سيتم خلال العام الحالي كذلك توزيع 47 الفاً و 713 الفاً كيس قمح و 64الف 564 علبة زيت و 660 الفا و800 كيلو تمر على 66 الفاً و 80 طالبة في 1227 مدرسة في 17 محافظة من محافظات الجمهورية, وذلك بهدف تحفيز وتشجيع الأسر الفقيرة على الدفع بفتياتهم إلى المدارس . وفضلا عن ذلك فقد استفاد 323 ألفاً و 444طالبا وطالبة في عشر محافظات من مشروع الحقيبة المدرسية الممول من البنك الدولي وبعض المنظمات المحلية و الدولية خلال الفترة من 2005-2002م ضمن مشروع المسار السريع . واوضحت فوزية نعمان ان الوزارة نظمت ورش عمل بالتعاون مع وزارة الأوقاف والإرشاد ومكاتبها و إدارتي تعليم الفتاة ومشاركة المجتمع بالمحافظات للتوعية بأهمية تعليم الفتاة إلى جانب التنسيق مع خطباء المساجد لنشر الوعي بضرورة تعليم الفتيات لأهمية العائد من ذلك على الطالبات وعلى الأسر والمجتمع. واشارت الى انه تم التنسيق مع منظمات دولية لتتبني دعم العملية التربوية وتعليم الفتاة خاصة في المناطق النائية في بعض المحافظات وذلك تنفيذا للتوجهات الحكومية الهادفة الى تعميم التعليم باعتباره حجر الزاوية في العملية التنموية, حيث نفذت منظمة جايكا اليابانية ستة مشاريع في ست مديريات نائية بمحافظة تعز صنفتها الأكثر احتياجا وفقرا وتولت دعمها بصرف مبالغ مادية للفتيات في المدارس وكذا دعم مادي لكل مديرية إلى جانب مشروع الحوافز المشروطة بدعم من البنك الدولي في ثلاث مديريات بمحافظة لحج بتقديم مبالغ مالية للفتيات كل شهرين على أن تسلم للأمهات.أما على المستوى المحلي فقد برز الدعم الحكومي لعملية تعليم الفتاة أيضا فيما يخص ضمان حقوق المعلمين والمعلمات بما يحقق الاستقرار المعيشي و الوظيفي لهم، وإعفاء الطالبات من الصف الأول وحتى السادس الاساسي من الرسوم المدرسية و قرار ربط الدرجة الوظيفية بالمدرسة لضمان بقاء معلمات الريف في مناطقهن. وجسدت هذه الخطوات اهتمام القيادة السياسية بقضية تعليم الفتاة باعتبار المرأة نصف المجتمع وعنصر فاعل وشريك أساسي في العملية التنموية .ولعلنا لانبالغ إذا قلنا أن ماتحقق من إنجاز في مجال تعليم الفتاة بالرغم من تدني أرقام الملتحقات في التعليم الأساسي والثانوي عن المستوى المطلوب إذا ماربطنا ذلك بالواقع الإجتماعي ومايسوده من عادات وتقاليد معروفة ومايجب أن نعيه جميعا هو أن قضية التعليم بشكل عام وتعليم الفتاة بشكل خاص قضية مجتمعية بامتياز بمعنى أن الجميع معني بالنهوض بها ولاتقتصر على جهة دون غيرها أوعلى الدولة وحدها.