أقواس
نعمان الحكيم ذات يوم .. وهي تزور صهاريج الطويلة بكريتر . مبدية استغرابها ودهشتها من الحالة التي وصلت إليها .. قالت خبيرة آثار أجنبية لزميلتها ):هذه الصهاريج موقعها ليس هنا ، وكان يفترض أن تكون في مكان آخر)).. في إشارة منها إلى الإهمال والعبث الذي لحق بالصهاريج التي عمرها عمر المدينة ، وثم ترميمها بعد فترة الاحتلال .. وقد كان المستعمر منصفاً للغاية ، حيث أنه وبعد استقراره في المدينة بحث عن خرائط تلك المواقع وعمل على إحياء ما طمر بفعل السنين .. ويقال إن مهندساً شاباً توفي في منتصف العقد الثالث كان مكلفاً بترميمات الصهاريج والقلاع والاستحكامات المحيطة بكريتر .. وأن قبره موجود إلى اليوم في المساحة الواقعة أمام البنوك بجانب مدرسة أروى والمحجوزة بلافتة باسم البنوك الأهلي اليمني ، وكانت زمان ملعباً للكرة يعرفه أبناء كريتر الذي بعضهم اليوم شيوخاً .. وقد تعرض هذا القبر للعبث هو الآخر ..لكن هيكلة مازال يعبر عن شيء يجب الحفاظ عليه ..والمهندس الذي أشرنا إليه كان على ما يبدو موفقاً في إعادة حفر ونبش الصهاريج المطمورة وأعادها إلى الحياة .. ما أعطى المدينة أهمية تاريخية وحضارية .. وقد أكد الأهمية الخبير الإسترالي ، في التسعينات من القرن الماضي ، عندما زار الصهاريج (والدروب السبعة) أكد أن عمرها من عمر (سد مأرب) لوجود المادة الرصاص الرابطة بين بعض المغالق والفتحات إضافة إلى الجانب الهندسي في البناء من حيث أحجام الحجارة وطريقة تركيبها ومقاومتها لعوامل التعرية والسيول وغيرها .. ما يعني أن الصهاريج قد أستأثرت باهتمام الانجليز ، فما بالنا نحن اليمانيين الذين يهمنا كثيراً هذا الموقع ، لكي نحافظ عليه ونجعل هذه (الأجنبية التي قالت ما قالت)إزدراء ونكراناً لموقع الصهاريج في عدن بسبب إهمالها عكس ذلك وهلم جرا..لقد كانت الاهتمامات المتعاقبة على هذه الآثار العظيمة ، لم ترق إلى المستوى المطلوب .. حيث ما تزال الآثار العبثية موجودة ، وهو ما أدى إلى خدش لجمال هذه المواقع من حيث استخداماتها لأغراض شتى ، سواء بقصد أم بغير قصد .. وذلك ما أفقد المكان رونقه وأهميته ، لأن مستوى الترميمات والإستخدامات أدت إلى دهورة الموقع وفقدان أهميته ، ويا ليت القائمين قد استفادوا من زياراتهم لآثار في بلدان عربية وغير عربية ولو كانوا كذلك ، لما وصلت حالة الصهاريج إلى ما هي عليه اليوم .. مجرد أطلال وخرائب ، ولا تبعث إلا على الأسى والحزن، مع عملنا أن مبالغ ضخمة ترصد لترميم هذه الصهاريج بما يليق ، وليس من منظور عصري إطلاقاً ولا تستخدم لنفس الهدف!إننا إزاء آثار عظيمة نتحدث عنها ونكتب ونقيم فيها فعاليات ثقافية لكننا لم نع أن هذه المواقع ينبغي أن تكون عاكسة بشكل جوهري لحضارة وعراقة وأصالة المدينة وناسها .. ينبغي أن تشكل هيئة آثارية بخبراء مجربين ، لحماية الصهاريج والدروب السبعة ، بمثلما تم إسناد ترميم (المدرسة العامرية برداع) وهي تنسب إلى عامر بن عبد الوهاب . القائد المعروف .. فقد اسند ترميمها لهيئة آثار (إيطالية يمنية ) ما جعل المدرسة والجامع يظهران بمظهر التاريخ والعراقة ، فكيف بنا ونحن نتحدث عن وجه عدن ومركز إشعاعها التليد (الصهاريج والدروب السبعة ) وغيرها من الآثار .. مثل (قلعة صيرة- الإستحكامات التاريخية والعسكرية ومدرسة أبناء السلاطين- والمنارة وساعة البنجار و..و.. وغير ذلك مما لا يتسع المجال لذكره هنا ..