زعماء العراق يجتمعون في محاولة لحل الأزمة السياسية
بغداد/14 أكتوبر/رويترز: قالت الشرطة العراقية وشهود عيان ان 17 شخصا على الأقل قتلوا أمس الاثنين كما اصيب العشرات في موجة من تفجيرات السيارات في وسط بغداد وقع معظمها في منطقة يقطنها اغلبية من الشيعة. وتأتي التفجيرات في وقت تستعد فيه الحكومة العراقية المنقسمة بشدة لاستضافة جولة ثانية من المحادثات النادرة بين الخصمين اللدودين ايران والولايات المتحدة في العاصمة غدا الثلاثاء لمناقشة امن العراق. ووقعت ثلاثة من اربعة انفجارات في حي الكرادة على الجانب الشرقي من نهر دجلة ووقع انفجاران منها بشكل متزامن تقريبا بالقرب من مكتب حكومي ومنطقة تسوق مزدحمة على بعد 500 متر، وانفجرت سيارة ملغومة قرب مكتب حكومي في الكرادة يصدر بطاقات هوية للعراقيين. وقالت الشرطة إن الانفجار كان يستهدف فيما يبدو دورية للشرطة. وأضافت أن ثلاثة من رجال الشرطة كانوا بين ستة قتلوا في الانفجار. واصيب 20 اخرون بجروح. وقال ابو نور وهو صاحب متجر يبلغ من العمر 45 عاما “كان مشهدا مروعا.. فجأة انتشرت النار في المنطقة. رأيت جثتي رجلي شرطة متفحمتين داخل سيارتهما وتناثر الجرحى على الارض وكانت ايديهم فقط هي التي تتحرك في طلب المساعدة.” ، واضاف “شعرنا بالهلع.. لم نر سوى النار والدمار والموت. بدأت اكره الحياة.”
وأظهرت تغطية تلفزيونية صفا من السيارات المحترقة في شارع ضيق في الوقت الذي جرى فيه السكان والمتسوقون بحثا عن مكان يحتمون به. وقتل اربعة اخرون كما اصيب 18 في انفجار متزامن تقريبا في مكان قريب من جسر رئيسي فوق نهر دجلة يؤدي إلى المنطقة الخضراء الواقعة تحت حراسة أمنية شديدة، وبعد اقل من ساعة وقع انفجار آخر بسيارة ملغومة يبدو انه استهدف ايضا دورية شرطة كانت تعبر ساحة الواثق بحي الكرادة مما أدى لمقتل ثلاثة اشخاص. وكان بين القتلى اثنان من رجال الشرطة، وبعد قليل قتل اربعة اخرون عندما انفجرت سيارة ملغومة في وقت الغداء خارج سروان اشهر مطاعم الكباب في بغداد عبر نهر دجلة بالقرب من المنطقة الخضراء. وبدأ الجيش الامريكي حملة امنية في بغداد منذ خمسة اشهر في محاولة لوقف التفجيرات التي يلقي باللوم في الكثير منها على القاعدة والقتل الطائفي بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية. وقامت القوات الامريكية والعراقية بعملية كبيرة اخرى في منتصف يونيو حزيران في مناطق محيطة ببغداد بعد ان اجبرت حملة بغداد مقاتلي القاعدة والمسلحين على الخروج من العاصمة الى المناطق المحيطة بها، وتزامنت العمليات الامنية مع وصول 28 الف جندي امريكي اضافي. وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في وقت متأخر امس الأحد ان مبعوثين امريكيين وايرانيين سيعقدون جولة ثانية من المحادثات في بغداد غدا الثلاثاء لبحث الوضع الأمني المتدهور في العراق. وكان السفير الايراني حسن كاظمي قمي قد اجتمع مع السفير الأمريكي ريان كروكر في بغداد في 28 مايو ايار في أرفع لقاء بين الخصمين خلال نحو ثلاثة عقود. وتتهم واشنطن إيران بإذكاء العنف في العراق من خلال دعم وتسليح جماعات من المقاتلين. وتنفي إيران الاتهامات وتلقي بالمسؤولية في إراقة الدماء على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 ، ولكن حالة الفوضى الامنية الآخذة في التصاعد بالعراق دفعت البلدين اللذين انقطعت علاقاتهما دبلوماسية بعد قليل من قيام الثورة الإيرانية عام 1979 إلى السعي من أجل ايجاد أرضية مشتركة للتفاهم. سياسيا قال مسؤولون أمس الاثنين إن من المقرر أن يعقد زعماء العراق السياسيون الخمسة الكبار قمة هذا الأسبوع في مسعى لإنهاء أزمة سياسية تسببت إلى حد كبير في شل البلاد على مدى شهور، وأبلغوا أن الزعماء الأكراد والعرب السنة والشيعة يعترفون بالأزمة السياسية وأنهم قد يجتمعون يوم الجمعة. وقال مسؤول حكومي كبير “إنهم سيعقدون اجتماعات متواصلة. حتى الآن لدينا السابع والعشرين كموعد مبدئي لكنه لم يتأكد بعد بشكل نهائي.” ، وستضم القمة الرئيس جلال الطالباني وهو كردي ورئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي ونائب الرئيس السني طارق الهاشمي. كما أنها ستضم مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بنوع من الحكم الذاتي ومساعد كبير للزعيم الشيعي القوي عبد العزيز الحكيم. وقال المسؤول الحكومي إن القمة قد يتم توسيعها أيضا لتشمل شخصيات أخرى أساسية مثل رئيس الوزراء المؤقت السابق إياد علاوي. ومن المتوقع أن يناقش الزعماء موضوعات مختلفة مثل كيفية الاتفاق على تعديل الدستور. وقال مسؤولون إن من الممكن أيضا إدراج مسألة هوية مدينة كركوك النفطية الواقعة في شمال العراق على جدول الأعمال، ويريد الأكراد ضم كركوك لإقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي لتصبح عاصمته ويريدون المضي قدما في إجراء استفتاء بحلول نهاية العام لكن سائر الجماعات العرقية تعترض. وينص دستور العراق على إجراء استفتاء حول مصير كركوك بحلول نهاية العام. وتواجه حكومة المالكي ضغوطا متزايدة للوفاء بمعايير حددتها واشنطن لإنهاء العنف الطائفي والمضي في إصلاحات اقتصادية وسياسية. لكن النزاع السياسي بين فصائل الحكومة جعلها ضعيفة وهشة، وتوقف الوزراء العرب السنة في الحكومة عن حضور اجتماعات مجلس الوزراء بينما انسحب الوزراء الشيعة الموالون لرجال الدين المتشدد مقتدى الصدر من الحكومة. وقال مسؤول شيعي كبير طلب عدم ذكر اسمه “الموقف جد خطير والبلد مشلول ولذلك هم في حاجة للاجتماع لتحريك الأمور للأمام.” وهناك حديث خلف الكواليس عن تعديل وزاري لكن البعض يعتقد أن ذلك من شأنه دفع العراق إلى حافة الانهيار لأن مختلف الفصائل ستحاول حينئذ إثارة موضوعات تم بالفعل الاتفاق عليها. وتمارس الولايات المتحدة ضغوطا على العراق لتسريع إقرار عدة قوانين تهدف إلى وأد العنف الطائفي ورأب الانقسامات العميقة بين الأغلبية الشيعة والأقلية من العرب السنة. وحتى الآن لم يتسلم البرلمان سوى مسودة واحدة تتعلق باحتياطات العراق النفطية الهائلة لكنه لم يبدأ مناقشتها بكامل أعضائه حتى الآن، وتهدف مسودة قانون النفط إلى تخفيف حدة التوتر من خلال طمأنة السنة بشأن حصتهم في أرباح النفط. ويملك العراق ثالث أكبر احتياطيات نفطية في العالم لكن أغلبها يوجد في الشمال الكردي أو الجنوب الشيعي، أما القوانين الأخرى التي تنظم إجراء انتخابات اقليمية محلية على مستوى المحافظات بنهاية العام والسماح لبعض أعضاء حزب البعث الذي كان يتزعمه الرئيس الراحل صدام حسين بالعودة إلى الحكومة والجيش فتحتاج هي الأخرى لإقرارها، لكن الوقت ينفد من أيدي الحكومة العراقية قبيل تقرير عن التقدم في العراق على المستويين الأمني والسياسي والذي من المقرر أن يرفع إلى واشنطن في 15 سبتمبر أيلول. وينظر إلى التقرير الذي يعكف على إعداده السفير الأمريكي في بغداد ريان كروكر وقائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بتريوس على أنه سيكون خطا فاصلا سياسيا، ومن المؤكد أن يؤدي نقص التقدم فيما يتعلق بإقرار هذه القوانين الاساسية إلى زيادة الأصوات الداعية إلى سحب القوات الأمريكية من العراق من جانب المعارضين الديمقراطيين في الكونجرس بالإضافة إلى بعض الجمهوريين.