حدث وحديث
نعمان الحكيم- ودعته مدينته الهادئة.. إلى مثواه الأخير.. وودعه زملاؤه وأهله ومحبوه في مدينة المعلا.. وعدن كافة.. ودعناه عصر أمس الخميس بعد صراع مع المرض الذي لم يمهله كثيراً.. وهكذا هي الحياة، رحلة ونهاية وخلود أبدي..- رحل عنا التربوي والصحافي المحبوب.. رحل أحمد راجح سعيد، الشعلة التي كانت دائمة التوهج.. لم نجده يوماً متبرماً أو كسولاً، كان كتلة من النشاط الذي يخلق ويربي ويبدع، كنا نراه صباح مساء في حركاته السريعة وكلامه المقتضب وابتساماته العريضة، عرض أخلاقه وسيرته العطرة في التربية وفي الصحافة خصوصاً (الصحافة الرياضية) التي وهبها كل حياته..- أحمد راجح سعيد الذي لم يصل سنه بعد إلى الستين عاماً، هو تقريباً من سننا في حوالي الـ (58) أبتلاه الله بمرض الكبد الذي لحقه وبدأ يتحسن، لكن قرحة المعدة وانتشار المرض كانا سباقين إلى التمكن منه فسبحان الله أن نرى رجلاً رياضياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أن نراه فريسة لمرض لم يبرأ منه، فلله ما أعطى ولله ما أخذ.. وإلى الجنة يا صاحبي ويا حبيبي راجح، فأنتم السابقون ونحن اللاحقون..- لقد كان أحمد راجح كثير التواصل مع أصدقائه، حتى وهو على فراش المرض، وكان يحضر له الجرائد اليومية صهره الأستاذ/ هائل سيف سلام، الشخصية الاجتماعية الودودة الذي سخر له كل ما لديه وأسرته العزيزة، وكانت شقيقة أحمد راجح الأستاذة التربوية حرم الأخ/ هائل سيف وأبناؤها يؤدون واجباً نحو خالهم وهي الحال للشقيقة التربوية التي هي الأخرى فقدت قبل أشهر أحد أبنائها النجباء إثر مرض سريع.. وهكذا كانت إرادة الله أن تتضاعف أحزان المرأة (الشقيقة) بفقدانها ابنها ثم شقيقها أحمد راجح الذي فقدناه جميعاً والحزن يسيطر علينا ويخيم على حياتنا، ولكنها إرادة الله ولا راد لإرادته سبحانه وتعالى..- كان أحمد راجح سعيد رحمة الله عليه لا تفوته أية مناسبة إلا ويحضرها، وكان قلمه لا يجف عن الكتابة، وشهدت صحفنا المحلية سفراً من كتاباته التربوية والرياضية والسياسية والرثائية.. ولعلنا نتذكر كتاباته الأخيرة ورثائه للتربوي العلم المرحوم/ عبدالله فاضل فارع، وكيف تمكن من تدبيج مداخلة مهمة نحو الرجل جعلت منه في مصاف العباقرة الخالدين.. هكذا كان الراجح ولتتصوروا أننا عندما أبلغناه وهو في مرضه، عن وفاة الصحافي الشهير/ عادل الأعسم رحمة الله عليه انتفض وارتعش وهلل وكبر وبدا عليه الأسف والحزن وهو الأجدر بذلك لأنه كان يتم تبديل دمه شبه يومي، ليواصل الحياة التي لم يكن من مفارقتها بد أبداً.. ولكل أجل كتاب..- لقد فقدناك أيها الحبيب وفقدنا صوتك الذي كان يأتينا عبر الهاتف.. (يا حكيم التربية.. أيها القلم المعبر عنا.. روح استلم فلوسك من أكتوبر.. لقد جابوا لك كذا وكذا.. أما أنا (يقصد نفسه) فكان حقي أقل..) ثم يضحك كعادته.. ويا لها من مفارقات لأن الرجل لم يكن ليدخن أو يخزن أو يشرب الشاي بعد المغرب، حفاظاً على صحته وكياسته.. ولكنه مع هذا وذاك كان قوي الإيمان والرسوخ في المبادئ.. وعرفته مساجد المعلا مداوماً على أداء الفرائض وبخاصة مسجدي الغفار وهائل..- رحمك الله يا أحمد، يا من كانت آخر كلماتك.. أنا مسلم.. أين المصحف.. أين النظارة.. لتقرأ آيات من الذكر الحكيم قبل أن تفيض روحك إلى بارئها.. فلك الرحمة والغفران والخلود، ولأهلك وذويك الصبر والسلوان.. ولنا أن نتذكرك ما حيينا.. إنا لله وإنا إليه راجعون..