أقواس
كنت احد المحظوظين حقاً.. عند ما شرفني الفنان العدني الكبير/ خالد السعدي باتصال هاتفي من مكتب الزميل الأستاذ/ نجيب مقبل، مدير تحرير(14 أكتوبر) في الحادية عشرة من مساء الثلاثاء قائلاً: معك شخص يحبك لا تعرفه مع إنني اعرفه من خلال مواقف سرعان ما تذكرتها عندما قال لي: انا خالد السعدي فقلت له فوراً نعم أنت وجهنا المشرق في الخارج انت البلسم الشافيومن لا يعرفك انت يا ابن المعلا فقد كنت معنا بيننا وذهبت بك الغربة لكنها لم تكن لك كربة!قال الفنان خالد: ادعوك لحفل تأبين المرحوم يوسف احمد سالم في فندق ميركيوري غداً وانا سعيد جداً وأتشوق لحضور ( حبيب قلبي) بلهجة لبنانية.. فوعدته وفعلاً حضرت وبحت عنه فجاء بعد السابعة والنصف ورأيت ماله من هالة وإحاطة من الحضور كبارا وصغاراً الكل أتى وكان لحضور النسوة أغلب وأعم وتتوج اللقاء بشخصيات كبيرة ومهمة.كان الضيف الشاب يصافح/ وكيل المحافظة احمد سالمين واسمحوا لي ان اسميه هكذا مختصراً الاسم حسب ماكنا ننادي الزعيم الوطني الكبير سالم ربيع علي بـ(سالمين) حبيب الكادحين رحمة الله عليه آمين.. أقول بعد التحايات للضيوف.. قدمت نفسي له وكان العناق وهات يا( بوس) والله لم اشهد بحياتي حفاوة واحتراماً وتقديراً كهذا ومن فنان مشهور وانا الرجل البسيط المغمور ربما لدى البعض لكن خالداً إعطاني دفعاً وحافزاً للرقي وقد أكبرني في نفسي هذا السعدي السعيد وحقاً ابن الأصل والأصول هكذا وإلا فلا..الحفل التأبيني لم يكن للبكاء والنواح وقد استغربنا في البداية لكن التجديد كان مثيراً ومدهشاً كيف نحيي ذكرى فنان غال علينا مثل المرحوم/ يوسف احمد سالم رحمه الله عليه أنحييها بحزن؟ .. لا .. بل بتخليد لائق وبتقديم وصلات من أغانيه وتراثه العظيم وقد مثل خالد السعدي ذكرى غابت عنا سنين طوالاًً فهو قد حرك المشاعر بل وأوغل في تذكيرنا بالذي كان.. وأعادنا إلى الخمسينات والستينات في ذلك الزمن الذي كانت فيه عدن موطناً للحفلات والأغاني التي حضرها عمالقة الفن العربي امثال/ فريد الأطرش وشفيق جلال وهيام يونس وغيرهم هكذا يكون ابن عدن ذاكرة وتجديداً وقد جعل (الشيوبة) الكبار يتمايلون ويصفقون وهو يغني( النهر الخالد) لعبد الوهاب كما قدم باقة جميلة من أغنيات المرحوم يوسف احمد سالم المعروف بـ(عبدا لوهاب اليمن) وهو كان فعلاً يستحق ذلك وقد شاركته الفنانة أمل كعدل في أغنية جميلة..أيه يا خالد يا سعدي ويا سعادتنا فعلاً كم كنت نجماً في عدن وأنت في فرقة الإنشاد وكم أنت أكثر نجومية وأنت ترعى المبدعين وتتعهد بإقامة مهرجان سنوي لهم في عدن او في اليمن كلها.. أليس ذلك هو الوفاء كل الوفاء في زمن( ضاع فيه الوفاء) وتغيرت الطباع وصار البعض مثله مثل الـ( بعاع) لا يفقه مايدور حوله!*حضور الكبار كان لافتاً وهم الأساتذة/ احمد الحبيشي، عبدا لله إبراهيم محمد، عبدا لله باكدادة، د. مبارك حسن الخليفة، مبارك سالمين، أمل بلجون، أمل كعدل، صباح منصر الفنانة الأنيقة المتميزة ، جمال داود، جلال احمد سعيد، عبدالحفيظ ردمان المعمري ورجالات الصحافة والإعلاميين وحشد كبير من الشخصيات الاجتماعية لن يتسع الحيز لذكرهم فرداً فرداً.. كلهم أتوا لتخليد الفقيد الرائع يوسف احمد سالم رحمة الله عليه وللاحتفاء ايضا بابن عدن الفنان خالد السعدي.. وكانت بحق أمسية انتهت مراسيمها عند الحادية عشرة ليلاً .. وكان الصياح والصفير يملآن القاعة « وعاد السهرة إلا أحلوت ياخالدنا»!ماذا يمكن أن نسجل عن هكذا وفاء غير أن نحني الهامات احتراماً لهكذا مواقف ونعلم أن الفنان السعدي قد تجشم المصاعب واقتحمها وهو في المستوى ولو كان غير ذلك لما أتي واحتفل وأعلن عن قيام مهرجان سنوي يتكفل به بالتنسيق مع مكتب الثقافة وقيادة المحافظة لتكريم وتخليد المبدعين أحياءً ومتوفين في أن واحد..