ابوظبي / واماستعرضت نشرة “مصرف الإمارات الصناعي” في عددها لشهر فبراير الانعكاسات الإيجابية للسوق الخليجية المشتركة .فمع بداية العام الجاري 2008 اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي خطوة مهمة للغاية تتمثل في تطبيق بنود السوق الخليجية المشتركة، حيث يتوقع أن يترتب على عملية التطبيق هذه نتائج وانعكاسات ايجابية كبيرة على كافة اقتصادات دول مجلس التعاون دون استثناء .بحسب النشرة فقد تم الاتفاق على إقامة هذه السوق بعد سنوات طويلة من التعاون والتنسيق والتدرج في المواطنة الخليجية والتي شكلت جميعها الأساس القوي للوصول إلى هذا المستوى المتطور من التكامل الخليجي، ففي عام 1983 تم الاتفاق على إقامة منطقة للتجارة الحرة، أعقبها بعد عشرين عاماً، أي في عام 2003 الاتفاق على تعرفة جمركية موحدة، حيث أسهمت هاتان الخطوتان في تطوير العديد من وسائل الاندماج الاقتصادي، بما في ذلك زيادة التبادل التجاري البيني .وتقول النشرة ان العمل باتفاقية منطقة التجارة الحرة في عام 1983 أدى الى زيادة حجم التبادل التجاري البيني من 6% قبل تطبيق الاتفاق الى 8% في سنوات الثمانينات والتسعينات، أما الجدار الجمركي أو التعرفة الجمركية الموحدة، فقد كان لها تأثير كبير في زيادة التبادل التجاري البيني والذي ارتفع من 8% الى 12% بعد الاتفاق على التعرفة الموحدة اعتباراً من الأول من يناير/ كانون الثاني ،2003 وذلك رغم بعض الصعوبات واختلاف وجهات النظر حول التفسيرات الخاصة بالنظم الإدارية والجمركية .ويشير ذلك بصورة واضحة الى وجود امكانات لزيادة التبادل التجاري البيني والذي يلعب دوراً محورياً في تكامل الاقتصادات الخليجية، إلا أن الإجراءات الإدارية والجمركية لعبت دوراً معيقاً في السنوات الماضية، ولكن يتوقع أن يؤدي تطبيق بنود اتفاقية السوق المشتركة الى إزالة هذه العوائق، وبالتالي انفتاح الأسواق الخليجية واندماجها في سوق واحدة كبيرة بعد تحرير عوامل الإنتاج وحرية انتقال رؤوس الأموال بين دول المجلس .وبفضل هذه الاتفاقية، فإن التبادل التجاري البيني سيرتفع ليصل الى نسبة تتراوح ما بين 15-20% في غضون السنوات المقبلة، مما سيشكل نقلة نوعية للاقتصادات الخليجية .وبالإضافة إلى تنامي التجارة البينية، فإن السوق الخليجية المشتركة ستفتح المجال أمام نمو الاستثمارات، بما فيها الاستثمارات الصناعية وتوسع أنشطة القطاع الخاص وتكاملها وتنامي أسواق المال من خلال السماح بحرية تداول الأسهم وتحقيق المواطنة الخليجية وحرية تأسيس الشركات، مما ستوجد فرصاً جديدة للاستثمار وسهولة انتقال السلع والخدمات والأيدي العاملة بين هذه البلدان .وبحسب نشرة المصرف الصناعي بأنه إذا ما سارت الأمور بالصورة الواردة في قرار قمة الدوحة، فإن دول المجلس ستتحول في عام 2010 الى قوة اقتصادية مهمة مدعومة بإنتاج نفطي وصناعي وباقتصاد يفوق الألف مليار دولار، مما يعد تحولاً جذرياً في طبيعة العلاقات الاقتصادية في المنطقة . إن عوامل النجاح متوفرة لبلوغ هذا الإنجاز والوصول الى سوق خليجية متكاملة، إلا أن ذلك بحاجة الى جهود مكثفة لإنجاح هذا التوجه، فالتجربة السابقة تبين بروز بعض العقبات الإدارية والتشريعية التي تعرقل تنفيذ الاتفاقيات . لقد برز ذلك أثناء تطبيق منطقة التجارة الحرة والتعرفة الجمركية الموحدة، وكذلك أثناء تطبيق بعض الاتفاقيات الخاصة بتملك الأسهم وافتتاح فروع للبنوك الوطنية والتي لا تزال مؤجلة حتى الآن، رغم مرور أكثر من ست سنوات على إقرارها من المجلس الأعلى للتعاون في دوراته السابقة .وتشكل القوانين والأنظمة المحلية عقبة كبيرة أمام تطبيق الاتفاقيات الجماعية، فبعد مرور شهر كامل على دخول الاتفاقية المشتركة حيز التنفيذ، إلا أن دول المجلس لم تتخذ حتى الآن إجراءات عملية لتعديل أنظمتها وتشريعاتها المحلية التي تتعارض مع بنود هذه السوق، فالمواطنة الخليجية في مجال أسواق المال وتملك الأسهم لا تزال تعمل بالآلية القديمة، حيث لا يستطيع الخليجيون تملك أسهم بعض الشركات أو المساهمة في الاكتتابات الأولية، كما أن نسبتهم لا تزال تحتسب ضمن نسبة الأجانب في الشركات المساهمة المدرجة في البورصات الخليجية .لذلك، فإن قضية تعديل الأنظمة والقوانين والتشريعات المحلية تحتل مكانة بارزة في استكمال الاتفاقيات المشتركة وتطبيقاتها، إذ يمكن في هذا المجال الاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي، حيث تعطى الأفضلية أثناء عملية التطبيق للاتفاقيات الجماعية وتلغى بصورة فورية التشريعات المحلية التي تتعارض معها .وتشير النشرة الى أن الأمانة العامة لمجلس التعاون اتخذت خطوات إيجابية من خلال متابعتها لعمليات التنفيذ وتشكيلها لهيئة قضائية محايدة لحل الإشكالات التي تعترض عملية التنفيذ، كما أنها سارعت الى معالجة بعض القضايا التي ربما تعرقل انفتاح الأسواق الخليجية، فقامت بوضع آلية لتوزيع العوائد الجمركية من خلال نقطة العبور الواحدة .ورغم توفر كافة عوامل النجاح، إلا أن التأخير في تعديل الأنظمة المحلية التي تتعارض مع بنود السوق الخليجية المشتركة ستكون له آثار سلبية في مجمل التعاون الخليجي، وفي المقابل فإن الإسراع في عملية إزالة هذه المعوقات سيؤدي الى اتخاذ خطوات متقدمة أخرى، كتوحيد التشريعات والقوانين المالية والنقدية، وهي الخطوة التالية الواجب اتخاذها والتي يمكن أن تفتح الطريق أمام الاتفاق على إصدار العملة الخليجية الموحدة في موعدها المحدد .وبحسب النشرة فإن السوق الخليجية المشتركة أصبحت مسألة في غاية الأهمية لكافة دول المجلس، فهي تتيح لها جميعاً امكانات لا محدودة للنمو والتقدم وتطوير الاستثمارات المشتركة، بما فيها استثمارات القطاع الخاص الخليجي والذي يملك امكانات ضخمة، كما أنها تمنح دول المجلس قوة تفاوضية كبيرة، هي في أشد الحاجة إليها في ظل اشتداد حدة المنافسة الاقتصادية على المستوى العالمي .وكما هو الحال في الاتفاقيات السابقة، فقد برزت بعض التقييمات غير المهنية والتي أشارت الى تفاوت الاستفادة من تطبيقات السوق الخليجية المشتركة، إلا أن تجربة منطقة التجارة الخليجية الحرة والتعرفة الجمركية بينت بصورة واضحة استفادة كافة دول المجلس من هذه الاتفاقيات، حيث ستبين تجربة السوق الخليجية المشتركة صحة هذه الاستنتاجات، إذ ستشهد السنوات المقبلة تحقيق نتائج إيجابية في مجالات الاستثمار والتوسع الاقتصادي والاستفادة من الخبرات المتبادلة والبنى الأساسية المتكاملة وتطور الأسواق المالية والمرافق الإنتاجية التي ستوفر لها السوق الخليجية المشتركة امكانات وقدرات لم تتوفر من قبل، مما سيؤدي الى زيادة وتائر النمو في دول المجلس وتعزيز توجهاتها الاستراتيجية الرامية الى تنويع مصادر الدخل القومي، بالإضافة الى تلبية أحد أهم متطلبات المنافسة في عصر العولمة .
20-15 % الارتفاع المتوقع للتبادل التجاري بين الدول الخليجية
أخبار متعلقة