الحرة نعمة صواب لـ (14أكتوبر): كانت جارية في قصر الإمام ( أحمد ) .. وأصبحت حرة بعد الثورة
التقاها في الحديدة/ أحمد الكاف: صبيحة الـ 26 من سبتمبر سقط عرش الأئمة الطغاة واستيقظ الشعب اليمني على عهد جديد عهد الحرية والمساواة لأفرق بين حرة وجارية ولا إمام أو رعية الكل متساوون في الحقوق والواجبات وسقط عرش الطبقية والشللية والفئوية لم يعد هناك سيد وخادم هكذا أشرقت شمس الحرية في قلوب اليمنيين وبددت ظلام الجهل والكهنوت والرجعية وزال عن كاهل الشعب اعتى حكم كهنوتي غاشم جثم على أرضنا الطبية عقوداً من الزمن وأذاق شعبنا مرارة الظلم والحرمان والعزلة وبسقوط عرش الأئمة الطغاة تحرر الشعب من قيودهم ومن هذه الفئات تلك الشريحة المغلوبة على أمرها في ظل ما كان يطلق عليه سيدها ومليكها إنهم شريحة العبيد والجواري سابقاً المواطنين الأحرار حالياً .بعد 44 عاماً من سقوط هذا النظام الاستبدادي المباد (الحرة نعمة صواب) إحدى جواري الطاغية احمد بن حميد الدين تتذكر حياتها داخل أسوار دار البوني في الحديدة ومثيلاتها وأخواتها في ظل القهر والجبروت لذلك العهد المباد . رفعت سماعة هاتفي للاتصال بالجارية سابقاً الحرة حالياً نعمة ( صواب ) ردت عليّ امرأة عجوز في العقد الثامن من عمرها تقريباً سألت هذا منزل الجارية نعمة صواب ردت بعنف أنا لست جارية لأحد أنا حرة ، أنا حرة ، أنا حرة انتهى عهد العبيد والجواري والإمامة والعكفة فهمت أنا حرة.أجبتها عفواً سيدتي لقد أطلقت الثورة حريتك وحريتي وحرية شعبي الأبي استئذنتها لإجراء حوار صحفي معها أذنت وحددت الموعد .[c1]لحظة اللقاء[/c] عندما حان وقت اللقاء شدني الشوق للقاء لاسمع منها عن كثب معاناة شعبنا في ظل عهد الطغاة في الطريق إلى دارها جالت في خاطري العديد من الذكريات الأليمة عن عهد الطغاة وماعاناه شعبنا في ظل عهدهم المباد بيد أن سماع حديث المأساة يختلف عن روايات من عايشوا الواقع وطبعاً هناك بون شاسع.[c1]كنت جارية[/c] طرقت باب منزلها فتحت لي الباب ورحبت بي في ديوان منزلها الذي لم تكن تحلم به من قبل سألتها عن حياتها في قصر الطاغية أحمد ، ردت بألم وحسرة واستدارت ذكرياتها قالت من أين أبداء ؟ قلت من بداية حياتك هناك ردت بقولها وتضحك بسخرية واستهزاء:كنت احدى جواري الطاغية أحمد ضمن الجواري والعبيد المملوكين لأسرة حميد الدين ولدت داخل أسوار دار البوني سابقاً (القصر الجمهوري حالياً) لأسرة مملوكة عشت طفولتي التعيسة داخل الدار لا أملك من أمري شيئاً مغلوبة على أمرى مقهورة على حالي المزري أرى وأسمع معاناة أسرتي تحت سياط عهد الائمة المباد فالطبقية كانت سائدة آنذاك والرق والعبودية وظلم الإنسان لأخيه الإنسان تميز عنصري ومناطقي ومذهبي هذا عبد وهذا سيد وهذه شريفه وهذه حرة وتلك جارية وضيعة حقيرة مملوكة وهذا عكفي وهذا .. الخ وكل واحد أو جماعة لها وضع اجتماعي خاص . كنا في أدنى الطبقات الاجتماعية ليس لنا حتى حق الكلام والمناقشة والسؤال عبد مأمور فقط نسمع وننفذ ولا نعترض .[c1]عذاب وجحيم[/c] وعن الحياة داخل القصر قالت بعد أن تنهدت: آه آه الحياة داخل قصور الطاغية احمد تنقسم الى قسمين حياة الإمام وحاشيته وحياة العبيد والجواري والخدم والحشم وهناك فرق بين الحالتين فالإمام استأتر بكل مباهج الحياة وزينتها وتمتع بكل مالذ وطاب ، في حين كنا وغيرنا من الخدم والحشم وغيرهم من ابناء شعبنا نعيش ظروفاً قاسية ووضعاً مأساوياً يندى له الجبين ولم تعرف البشرية مثيلاً لوضعنا حتى في عهد القرون الوسطى ، لقد ذقنا مرارة الحياة وويلاتها في الصباح مع صياح الديك فنحن أول من يصحوا وآخر من ينام نكد ونشتغل من الصباح وحتى بعد منتصف الليل ونومنا على الحصير ولسويعات قليلة تصور فرض علينا ألاّ ندخل غرف القصر إلاّ بعد أن نغسل أقدامنا وأيدنا ولا نجلس على الكراسي والمتاكي بل على الأرض نسكت ولا نتكلم حتى بين بعضنا البعض وكثيراً ما كان عكفة الطاغية احمد يضربوننا وبدون سبب أو ذنب اقترفناه. إضافة إلى كلمات التوبيخ والتحقير وطبعاً لهم النعيم ولنا الجحيم .وعن ذكرياتها حين يزور الإمام الحديدة قالت - حين يزور الإمام أحمد أو الطاغية أحمد بالأصح يتحول القصر إلى كابوس ومغارة سكوت لا عزقة إلاّ صرخات الطاغية وصياحه فيما الكل منحني برأسه إلى الأرض ولايمكن أن تقترب منه إلاّ أثناء طلبه ومحاطون بالعكفة الممسكين بتلابيب ملابسنا من الخلف وأثناء إقامة الطاغية في الحديدة تزداد مأساتنا عمل متواصل واجهاد وبدون رحمة أو إنسانية عهد الائمة استعبد الإنسان أخاه الإنسان .[c1]خدم وحشم[/c] وعن المهام التي أوكلت اليها في القصر قالت : لعل أهم عمل قمت به حين تم اختياري كممرضة للطاغي أحمد حيث أوكل إليّ المناضل أنعم الشرعبي مساعدته في تمريض الطاغية أحمد وتعلمت منه المهنة في اصطحابى مع موكب الطاغية اثناء زيارته سواءً لمنطقة السخنة أوغيرها حيث كنا نجرى خلف موكب الطاغية سيراً على الأقدام من منطقة لأخرى ذات مره زار الطاغية احمد منطقة السخنة كنا وامثالي من العبيد والجواري نجري خلف موكب الإمام بيد أن إحدانا سقطت على الأرض فانهال عكفة الطاغية أحمد عليها ضرباً حتى كادت تفقد وعيها، هكذا هي حياة الإمامة ماذا نعمل عرفنا أنفسنا جواري وعبيد لأسرة حميد الدين .[c1]خوف الإمام[/c] وعن آخر زيارة للطاغية أحمد للحديدة وحالته النفسية قالت - عقب ثورة 1955م التي قادها البطل أحمد الثلايا أصبح الطاغية أحمد مرعوباً وخائفاً متوجساً يترقب مصيرة المحتوم قبيل زيارته لمستشفى العلفى والتي جرت فيها محاولة إغتياله كان متردداً في ذلك غيرَّ موعد الزيارة إلى صباح اليوم التالي ومن ثم تم تغيرها إلى قبيل مغرب ذلك اليوم المشهود وكأنه مدرك ماخطط ودبر له كعادتنا حينما يدخل الإمام مكانا نظل نحن خارجه عدا حراسه ووزرائه والمرافقين بيد أنه في هذه الزيارة منع الكثير من مرافقيه من دخول المستشفى لراحة المرضى وأغلق الباب وماهي إلاّ لحظات حتى سمعنا طلقات الرصاص والكر والفر حينها انهال العكفة علينا ضرباً بدون ذنب عدنا إلى القصر وعاد الإمام كان يصرخ من شدة الألم بعد أسبوع عاد الإمام إلى صنعاء ولم نعد نسمع عنه شيئاً إلى أن جاء إعلان خبر وفاته.[c1]سررت لوفاة الطاغية[/c]وعن شعورها حين أعلن خبر الوفاة قالت: طبعاً سررت لهذا النبأ العظيم وتمنيت زوال حكم بن حميد الدين خصوصاً إني كنت أسمع أخباراً عن المناضلين وما يقومون به ضد حكم الأئمة.[c1]ها نحن ننعم بخيرات الثورة[/c] وعن الحدث العظيم الذي أعلن عنه صبيحة الـ 26 من سبتمبر 1962م قالت: في ذلك اليوم حدث هرج ومرج في قصر الامام في الحديدة وكان الغضب بادياً على وجه أمير القصر والعكفة.. وجوم وسكون حتى أن أحد العبيد سأل عن سبب هذا الصمت المطبق؟!رد بعنف ما شأنك أنت ؟ ما دخلك أنت عبد عبد، في صباح اليوم الثاني سمعنا مظاهرات خارج القصر تبشرنا بقيام ثورة ضد بني حميد الدين استبشرنا خيراً وماهي إلاّ ساعات حتى عم الخبر كل من كان في القصر بعضهم سر بذلك والآخر خاف على نفسه ، نحن خرجنا من القصر ، نلنا حريتنا وتحققت لنا كرامتنا من ذلك اليوم لم أعد جارية أصبحت حرة ومواطنة مثلي مثل أي مواطن أو مواطنة يمنية لم يعد هناك فرق كلنا متساوون في الحقوق والواجبات ننعم بخيرات الثورة والجمهورية والوحدة.