رحلتي مع المسرح (من اثينا الى عدن) (198)
عمر عوض بامطرففي الحلقة الماضية رقم (197) من (رحلتي مع المسرح) المنشورة في عدد السبت 9 يناير 2006م من صحيفة (14 اكتوبر) الغراء قدمت للقارئ كلمة الاخ محمد رشيد المحرر الفني لصحيفة (الايام) الغراء التي نشرت في صفحة (الفن والفنانون) في عدد يوم 2/8/1965م وقد استعرض فيها موضوع مسرحية (ست البيت) وماتعالجه من مشاكل الزواج غير المتكافئ الى ان قال : »كل هؤلاء الذين اشتركوا وحققوا النجاح للمسرحية نهديهم قبلنا وكل من ساهم فيها.. وانهم اثبتوا ان المسرحية ففي امكانها ان تحتل مكانتها فالمسرح مدرسة للشعب ولايسعنا الا ان نقول لهم سيروا على بركة الله..واليوم اذكر القراء بان مسرحية (ست البيت) كانت اول مسرحية تلفزيونية افتتح بها المرحوم علوي السقاف برنامج (مسرح التلفزيون) لتلفزيون عدن وكان الاستاذ علوي السقاف قد شاهد المسرحية مرتين الاولى في العرض المقدم على مسرح شركة مصافي عدن في البريقة، واثانية عند عرضها يوم 29 يوليو 1965م على مسرح ثانوية الحكومة في خليج مدينة عدن، فدعاني لمقابلته عند مجيئي الى محطة عدن للاذاعة في التواهي لتسجيل احدى حلقات هذه السلسلة من (رحلتي مع المسرح من اثينا الى عدن) وكانت تقدم مساء كل اربعاءء والتقيته في يوم الاثنين 9/8/65م وكان رحمه الله يقدم برامج اذاعية متنوعة ومنها تمثيليات اذاعية قصار.. قال لي انه يريد ان يقدم مسرحية اسبوعية على شاشة تلفزيون عدن، وسيكون البرنامج باسم (مسرح التلفزيون) وان مقترحه قد لقي ترحيب وموافقة هيئة الاذاعة والتلفزيون لتقديمه الاحد من كلل اسبوع، فوعدته اني ساعرض الفكرة على اعضاء الهيئة العربية للتمثيل وسوف يسعدهم ان تكون الفرقة اول من يفتتح البرنامج المسرحي في تلفزيون عدن.ولما كنت اعرف مبنى التلفزيون حيث سبق لي ان قدمت برنامجا متنوعا خلال شهر اكتوبر 1985م استضفت فيهه بعض الاصدقاء للحديث عن العادات في ريفنا مع الاخ قاسم صالح، وسالم محمد من موظفي المصافي، وعن الذكريات حول المسرح مع الممثل المعروف الاخ محمد عايش وقد جرى في لقائنا ان مثّل موقفا له من مسرحية (مجنون ليلى) التي عرضت عام 1934م فاداه وكأنه مثله البارحة عل المسرح.افتتاح مسرح التلفزيون بالبث المباشر :سألت الاخ علوي : هل وسعتم المبنى بقاعة جديدة مع الاجهزة اللازمة للتصوير والاضاءة والديكورات تصلح لتقديم اول مسرحية تلفزيونية؟ فاجابني : اول الغيث قطر، سوفنستخدم نفس القاعة الكبرى (الاستوديو الكبير) المستخدم للبرامج الحية، وسنقدم المسرحية بالبث المباشر. فقلت له : اي ان العرض لن يكون مصورا فيحفظ لتقديمه في فرص ومناسبات قادمة. قال : سنحقق هذا اقريبا بعد فترة نجاح قصيرة.. فشعرت بشيء من عدم الرضا، وشكك في اقتناع اعضاء الفرقة ان يقدموا عملا مسرحيا متكاملا للبث مباشرة على الجمهور وهم سيقفون امام الكاميرا لاول مرة فعبرت له عن احساسي ووعدته اني سأتصل به قريبا . وفي يوم 21/8/65م دعوت اعضاء الهيئة، وعرضت عليهم فكرة الاستاذ علوي السقاف، ونظر بعضهم الى بعض، فكان منهم محبذ لعرض المسحية عبر شاشة التلفزيون وشهورهم كممثلين تلفزيونيين وواضعي اول حجر في خطوة ثقافية جديدة للمسرح وفنونه عبر جهاز التفزيون الحكومي ومنهم مخوفون لان التمثيل امام الكاميرا سيشد اذهانهم اثناء اداء ادوارهم الي تصور جمهور المشاهدين في عموم مدن اليمن القابعين في بيوتهم وفي القهوات مما قد يسبب لهم شيئا من الارباك الذي لن يتسنى تصحيحه باستعادة اداء الدور كما لو كان مصورا.الهيئة العربية للتمثيل تفتتح (مسرح التلفزيون) :وبعد نقاش لم يدم طويلا قررت الهيئة قبول عرض المسرحية واثقين ان الفرقة قادة بعد الاشادة التي تلقتها من كثيرين من عشاق المسرح على تحقيق النجاح امام الكاميرا كما نجحت على المسرح.وقلت لهم ان على كل ممثل منهم ان يمحو من مخيلته عند اداء دوره امام الكاميرا وجود مشاهد ينظر اليه وهو مسترح على كرسيه في منزله، ذلك ان من اهم شروط نجاح الممثل في دوره ألا يحس في محيطه بغير شريكه في الدور الواقف امامه بين اضلع المسرح الثلاثة، وماجمهور المشاهدين حيثما كانوا سوى ضلع المسرح الرابع.والتقيت الاخ علوي السقاف بعد بضعة ايام واخبرته بموافقة الهيئة على عرض المسرحية في اي يوم يحدده بعد مضي اربعة اسابيع منذ اليوم، وبدأت الفرقة تلتقي كل خميس وجمعة لتتمرن على تمثيل مشاهد محددة... حتى جاء الطلب من الاخ علوي السقاف يدعو الفرقة لتقدم عرضها يوم الاحد التاسع من شهر اكتوبر 1965م.وفي عصر اليوم الموعود كنا في مبنى التلفزيون واستقبلنا الاخ علوي وفريق التصوير، وحددوا للممثلين المساحة المتاحة لهم ليتحركوا فيها امام الكاميرا وكان الاستاذ علوي قد كلف مهندس الديكور ان يقيمه قريبا من الديكور الذي وضعته على المسرح ووضعوا للممثلين الماكياج اللازم واجرينا بضع مواقف، وفي التاسعة مساء من يوم الاحد 9 اكتوبر 1965م ظهرت اولى مسرحيات (مسرح التلفزيون) ليتقبلها الناس بالدهشة والاعجاب تلك كانت مسرحية (ست البيت) تأليف عمر عوض بامطرف وتمثيل الهيئة العربية للتمثيل واخراج الاستاذ علوي السقاف (صفحة (146) سبعون عاما من المسرح في اليمن لسعيد عولقي) .. ولانها عرضت بالبث المباشر فلم يتسن لي ولبقية اعضاء الهيئة الاستمتاع بها فقد كنا نشاهدها وقوفا وافتقرنا الى الاندماج مع كل ممثل اجاد وقدم دوره بنجاح كبير.. ولكنا تزكدنا انها نالت اعجاب ودهشة المشاهدين بما ذكره الاستاذ سعيد عولقي آنفا وآخرين في الصحف المحلية وبما نشرته صحيفة (الايام) الغراء في عددها رقم 623 ليوم 81/01/1965م بامضاء ع.قباطي حيث قال :كل من شاهد معي (ست البيت) المسرحية التي عرضت على شاشة التلفزيون لاشك ان موجة من الاعجاب والتقدير ستملأه وذلك لان المجهودات التي بذلت لكي تخرج بذلك الاطار الاخاذ رغم الامكانيات المحدودة جعلتني اصفق بحرارة عند الانتهاء.وقد علق المحرر الفني على هذه الكلمة فكتب : »اساند القباطي فيما كتبه بصدد مسرحية ست البيت، املا ان نشاهد المزيد من هذه التمثيليات الناجحة.