أقواس
يحدثنا التاريخ عن اهتمام اليمنيين القدماء بالفن المعماري وبناء المدرجات الخضراء منذ خمسة آلاف سنة، لذا ليس غريباً أن يهتم الجيل الجديد من أبناء اليمن بأعمال النحت وتزيين الجولات وواجهات المنازل بأزهار (البونزي) ، هذه الأزهار التي تم استيرادها من الصين، وظهرت في اليمن خلال السنوات العشر الماضية ، بهدف تزيين الجولات ونراها في جولة خورمكسر وتزين الشوارع مثل البساط الأخضر الذي يمتد من خورمكسر إلى المعلا دكة. ونجد هذه الأزهار قد تحولت إلى لوحات فنية عشقها الفنان التشكيلي اليمني وظهرت بوضوح في الأعمال الفنية للفنانات التشكيليات في معرض المنارة الذي أقيم في شهر مارس الماضي، وأبرزها الأعمال الفنية للفنانة أحلام القرشي. وهذه الزهرة الرائعة الألوان نجدها تزرع في قوالب صغيرة يمكننا نقلها من مكان إلى آخر، وهي أزهار ذات شجيرات صغيرة يمكن تشكيلها بالأشكال التي نريدها، وقد عشقها أهالي عدن لأنها تتناسب مع الجو خاصة في فصل الشتاء حيث يكون الجو معتدلاً في عدن ، كما نجد الفنانين التشكيليين قد رسموها في لوحان فنية تزين جدران المكاتب والمنازل نظراً لألوانها المتنوعة والجذابة .. ورغم أن المجتمع اليمني محافظ على العادات والتقاليد أكثر من غيره من الشعوب ، كان له مع الفن شأن آخر .. فقد رأينا أن الفنان اليمني أحب أزهار البونزي ورسمها في لوحاته مثل الفنانين التشكيليين علي باراس وعارف محمد سعيد وغير هما من الفنانين التشكيليين الذين يميلون إلى رسم الطبيعة. وفي الفن هناك المدرسة الطبيعية التي يميل فنانوها إلى رسم الطبيعة من أزهار وأشجار وبحار ، وهؤلاء الفنانون هم من دعاة العودة إلى الكلاسيكية الجديدة والخروج إلى الطبيعة التي تزعمها (جماعة باربيزون) والتبشير بالتأثيرية ثم (التأثيرية وما بعدها) – ونعود إلى موضوعنا (أزهار البونزي) التي أصبحت تزين اللوحات الفنية وتضفي عليها لمسات شاعرية رقيقة وتهز عواطف الناظر إليها لما للزهور من تأثير على البيئة والإنسان.. والمتأمل لأزهار البونزي يرى آية للجمال صنعها الله تبهج الناظر إليها، وتنعش النفس البشرية من أجل العمل وبناء المجتمع ، وزهرة البونزي هي زهرة صينية إلا أنها تزهر في أي أرض، وأحبها الإنسان اليمني الفنان والشاعر وكل من يحب الطبيعة ليرى صنع الله في الأرض، ويقول سبحانه وتعالى في سورة الروم (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم ). وزهرة البونزي وطدت العلاقة بين الشعبين الصيني واليمني لتكون رمزاً للسلام والتعاون وتبادل الثقافة والفنون والعلاقات الإنسانية بين الشعبين . حتى تتعمق ثقافة المبدع اليمني وتتوسع اطلاعاته على عادات وتقاليد الشعب الصيني وتساعده على الابتكار والتميز، كذلك مساعدة الفنان التشكيلي اليمني على التمييز بين اختلاف الطبيعة في المناطق الحارة والدافئة خاصة عشاق الفن التشكيلي الكلاسيكي ومحاولة التمييز بين الجميل والغريب ، وتساعده على التلاعب بالدرجات اللونية ووصف أدق الفروق اللونية للأزهار بين المناطق الدافئة التي تتعدد ألوان أزهارها ، وأزهار المناطق الحارة في بلادنا، وهي تارة تكون بيضاء وحمراء وعسلية اللون ، وماد ية ادية وفضية وزرقاء قاتمة. إن زهرة البونزي تساعد الفنان المتعطش للعثور على شيء جديد في بلاد تتصف بالطبيعة الخلابة والأمطار الغزيرة والفن الكلاسيكي مثل الصين، ويزرع هذا الجمال في أرض اليمن أرض الشعر والفن ، لبناء جسر للصداقة بين الشعبين.