سطور
يزخر الفضاء بالعديد من القنوات الفضائية العربية التي يحرص أهلها على لغة الضاد.. ومنهم من لا يهتم بأكثر من تنانير المذيعات وصرعات الفيديو كليب.. وبعضها يبحث عن الأخبار والمعرفة والمواضيع الثرية المفيدة للإنسانية.بعض آخر يهتم بزيادة جرعة الإعلانات ورصيد البنكنوت.. والمواد التي تقدمها منتهية الصلاحية الفكرية.. وتصيب بعسر الهضم.وعلى امتداد سنوات من التقليب (بالريموت كنترول) في هذه القنوات.. فقدت الأمل في سماع أغاني خالدة لمطربين ومطربات من أرض الجنتين (اليمن) قبل وبعد الوحدة وكأن الفن اليمني بعيد عن العالم العربي.. وأهله من كوكب غريب من الكواكب السيارة ومجهول المصدر.. فلا غرابة أن لا ينشر إبداع الفنانين اليمنيين في تلك الديار التي يفخر العرب بالانتساب إليها.. ولا يعرف المواطن العربي البسيط أبجديات الغناء اليمني بكلماته الأصلية وألحانه المعبرة الجميلة الرائعة.في الوقت الذي انتشرت فيه أغاني أحمد عدوية (والسح الدح أمبو) وصريخ المؤدي الذي نشاركه في كره إسرائيل (شعبان عبدالرحيم) الذي هجر المكوى الرجل وكار الصنايعية، وأتجه إلى الغناء ليصبح من المطربين المطلوبين على القنوات الفضائية والأرضية ومواقع الإنترنت والأفراح .. مع أنه لا يفك الخط ولم يعش في عصر خط الصعيد ليعرفه(؟!).فمن السبب يا ترى؟!!.. في هذا التجاهل والجحود للأغنية اليمنية التي تملك كل مقومات النجاح والانتشار بصدق الكلمات والأشعار.. وجودة الألحان التراثية المناطقية المختلفة بألوانها المتعددة.. وتاريخ اليمن الغني عن التعريف.لا تقولوا إن السبب المطربين والمطربات الأحياء منهم والأموات على امتداد تاريخ الأغنية الإبداعية اليمنية.فلا حول لهم ولا قوة.. ولم يتعودوا العمل بأسلوب التسول الفضائي.. ولا يملكون مواهب رجال العلاقات العامة التي كان يملكها المطرب الأسمر عبدالحليم حافظ أو مطرب الأجيال والملوك محمد عبدالوهاب.. أو عيشة الهبلة.. لكن السبب في نكبة - إذا صح التعبير - الأغنية اليمنية والتجاهل المقيت الذي تعيشه في الوطن العربي والتلفزيونات.. ما عدا بعض الإذاعات والتلفزيونات الخليجية التي ترتبط بها من خلال أواصر الصداقة والقربى والجوار والرحم.. ووجود العديد من أهل اليمن ورجالها كمغتربين في أعمال مختلفة في تلك البلدان.. من هنا جاء التواصل والتي تذيع بعض الأعمال الغنائية اليمنية بين الحين والآخر على استحياء.. بأسلوب (شختك بختك) والتي لا تشبع نهم محبي هذا الفن الأصيل.فهذه التلفزيونات والإذاعات لا تحرص على بث ووضع الأغنية اليمنية في هيكلة برامجها المختلفة.في الوقت الذي أجبرونا فيه لنسمع (بالغصب) أغاني بنت عجرم والتفاحة.. وفواكه لبنان ولمطربين شبعوا موتـا وأصبحت عظامهم مكاحل وآخرين لا يمكن أن نطلق عليهم هذه الصفة واللقب.ساعدهم في ذلك - بصراحة - وزارتا الإعلام والثقافة اليمنية في الشمال والجنوب.. قبل الوحدة المباركة وبعدها.. التي لا تزود هذه القنوات والإذاعات بأغاني فنانين من السعيدة كهدايا أو بالشراء.. ولا تدعم الفنان اليمني ليقدم إبداعاته عبر فرق موسيقية عربية معروفة في هوليوود العرب (القاهرة) أو تعطيهم الفرصة للمشاركة في المهرجانات الموسيقية العربية في الخليج وتونس ولبنان والعديد من البلدان العربية والخليجية الشقيقة التي ترحب بهم ليقدموا أنفسهم للناس حتى يعرفوهم ويعرفوا ما يجهلون عن هذا الفن لجميل.ولا يجدون الحماية لأغانيهم التي أصبحت سهلة الاقتباس والأخذ من قبل بعض الفنانين في دول الجوار نسبها إليهم من دون وجه حق.. وكأنه مال سايب ماله صاحب.. وعدم وجود برامج فنية مؤثرة.. تساعد الوجوه الغنائية الجديدة والشابة وتقدمها للساحة والجمهور الذي يعشق أغاني التراث اليمني الخالد على مر الأجيال.. وإقامة مسابقات موسيقية متخصصة بإشراف نجوم الغناء والرواد لمساعدة المطربين الجدد على الإبداع والعطاء والشهرة والانطلاقة.أو إجبار القنوات العربية المختلفة على إذاعة الأغاني اليمنية.. والمعاملة بالمثل وتفعيل التبادل الثقافي والفني على أرض الواقع بدل الورق ولقطات الصور.عندها فقط سيزول عجبنا.. ولا يستغرب ويستهجن من يسمع الأغاني اليمنية لأول مرة ولا يعرف الدان.. وكلماتها أو يستوعبها.. ويطرب لألحانها.وتكون اللهجة اليمنية المحببة بكل أطيافها المناطقية سهلة وليست محل تندر أو إزعاج أو استغراب لأنها لغة عربية (قـح) ما زالت محافظة على قيمها ومكانتها.. التأكيد على أنها خالدة.. بدلا من أن يتجه الشباب العربي إلى أغاني البوب والراب والروك.. غير المفهومة للبعض.. المليئة بالصراخ والعذاب ورقصات الجن.وحتى تبقى آذانهم وقلوبهم نقية ونظيفة.. من خلال كلمات الأغاني اليمنية المعروفة المعاني بألحانها الرائعة.ويمكن لي أن استطرد في الكتابة حول هذه القضية وشرح المزيد من الحيثيات والأسباب.. ولكنني سوف أكتفي بهذه السطور التي عبرت فيها عن ما في المشاعر من تساؤلات واستغراب وأعتقد إنها ستؤدي أهدافها.وكلي أمل أن نسمع ونشاهد قريبا أغاني يمنية في أكثر من فضائية وإذاعة عربية.. من الخليج إلى المحيط.. ولا يستغرب البعض عندما يسمع تلك الأنغام بمزاج وبس![c1]* ناقد وأديب سعودي / عضو هيئة الصحفيين السعوديين[/c]