صباح الخير
إلى أمي الحبيبة الغالية.. إلى كل الأمهات المسلمات المسيحيات .. عربيات وعجميات.. الأحياء والأموات، إلى الأولى "حواء" والأخيرة حبيبتي التي لا اعرف لها اسماً ولا وطناً ولا ديانة.. إليهن جميعاً قبلة لم أطبعها من قبل حتى على جبين حبيبتي التي رحلت دون استئذان، قبلة تمتد من لحظة المخاض حتى الخروج بإذن الله إلى النور.. لحظة من لحظات لا يمكن حسبانها بالوقت، لانها عمر بكاملة .. عمر نحياه اليوم قصر أو طول.. ترجع بدايته الى تلك اللحظة التي تتجمع كل معاناة الأم فيها ويكون وفاء الأبناء في قبلة على القدمين وأخرى على الجبين .. قبلة عيد الأم الذي نحتفي به تجسيداً لعظمة هذا العطاء الالهي الذي جعل الجنة تحت قدميها.. "اقطف لك أحلى الزهور وأسابق كل الطيور لاهديك يا أمي في عيدك عمري الذي يحمل كل حبك وعطفك ولحظات الخوف عليه من الزمن .. وان كنتٍ أنتٍ الزمن كله.لحظة الحب وسنوات العمر تختزل اليوم في باقة وفاء نهديها الى التي فتحت كل جزء من جسدها الطاهر لاستيعاب حماقاتنا ، غضبنا، حبنا، كرهنا للحياة تارة ولمن حولنا تارة أخرى وعاء نسكب في داخله دموعنا ونزيف الدم الذي يتساقط من أجسادنا ونحن نحمي أمنا الأكبر "الوطن" .. قلب مفتوح لتنامين فيه في أي لحظة نشعر بحاجتنا إلى الأمان في زمن الخوف من أنفسنا وكرهنا لذاتنا.. زمن الحب الذي يحول الحب حديقة اشواك بدلاً من الورود.اليوم كل شيء في دواخلي يتجمع نحوك يا أمي وأنتٍ في القلب تجلسين منتظرة قبلة لا أكثر من كان يوماً يلعب في احشائك، من كان يشرب أولى قطرات حياته من ثديك، من نطق يناديك في أول ما قاله للحياة بعد أشهر من خروجه من احشائك الى النور.. من جعلك تقلقين عليه حتى وأنتٍ اليوم تنتظرين قبلته لتمحو من على جسدك الطاهر وهن الزمن وتعب الأيام وسهر الليالي.كبرتي اليوم يا أمي وهذه حكمة الله ولكنك في قلبي زهرة جميلة لا تكبر.. لا تذبل.. ورائحتها لا تفارق عمري حتى في لحظات يكون "الشيطان" حاضراً بيني وبينك محاولاً اثارة الغضب في نفسي وتكون دموعك أقسى عذاب الرب في قلبي.اليوم يا أمي عيدك السنوي، وان كانت كل ايام العمر عيدك، فانت صانعة الأعياد بل الاعياد هي انت .. اليوم وأنتٍ تنتظرين القبلة مني.. أنتٍ تنتظرين الدعاء ان كنتِ في قبرك تنامين.. وأنت تنتظرين الدواء ان كنتِ مريضة .. وأنت.. وأنت.. ما ارادك الرحمن ان تكوني فيه اليوم.. فأنا سأكون بجانبك معك سأتذكر بصمت القبلة لحظة الميلاد.. فكل عام وأنتٍ ياملكة ملكات الأرض والسماء بخير وعافية في الأرض أوالجنة بإذن الله.كل عام وأنت يا أمي عمر جديد لي.. ماذا أهديك اليوم الواحد والعشرين من مارس؟! أهديك عمري؟! أهديك وردة.. زهرة.. علبة يسكن في داخلها قلبي؟! ماذا أهديك؟ نعم ماذا تقولين: "الطاعة!!" ..آه يا أمي نحن في زمن تبحث الأم فيه عن طاعة ولدها!! عن لحظة حنان ممن خرج من أحشائها لينسيها تعب الأيام وقسوة السنين!! نحن يا أمي نقتلك بحبة رصاص في فلسطين والعراق وافغانستان.. في المشرق والمغرب دون أن ندري اننا ندوس بأقدامنا على أجمل ما منحناه من الله الذي إليه نعود ونتساءل عن قتلنا هذه الطاهرة!! اننا يا أمي نذبحك والرضيع على صدرك!! نعم نمارس ذلك وندعي اننا مسلمون.. اننا مسيحيون.. اننا نؤمن بالله..وكل عام وانتٍ بخير.