مع الأحداث
أقول بصدق إن مدينة غزة وأهلها ومقاومتها الباسلة من أبناء الشعب الفلسطيني قد ضربوا أروع نماذج البطولة في التحمل والصمود والتحدي والتصدي في مواجهة أشرس عدوان صهيوني ظالم على وجه الأرض، لم يتورع من استخدام كل ما يمتلك من طائرات ومروحيات وبوارج بحرية ودبابات حديثة في الهجوم الوحشي على قطاع غزة،قاصفة إياها بقذائف صاروخية شديدة الانفجار،مخلفة وراءها التدمير،والخراب،والقتل البشع بالجملة لمئات الأطفال والنساء والشيوخ،وآلاف الضحايا من المدنيين العزل،بصورة غير مسبوقة في تاريخ الحروب،مواصلة القصف العدواني الهمجي،صباح مساء. أن((دويلة))إسرائيل وقواتها المعتدية لم تجد من يردعها في مجلس الأمن للأمم المتحدة الذي يمثل ضمير وعقل وشرف المجتمع الدولي وشعوب العالم المغلوبة على أمرها،فهي معتادة على عدم تنفيذ أي قرار دولي لا تخدم مصلحتها،بحكم انحياز أمريكا إليها ودعمها سياسياً وعسكرياً،ونتيجة لحق الفيتو الذي تتمتع به أمريكا في تعطيل قرارات مجلس الأمن.إنه لشيء مؤلم ومخزن في الوقت نفسه - أن نجد الشعب الفلسطيني الذي اغتصبت أرضه بقوة السلاح والأعمال الإرهابية الإجرامية،من قبل قوات الاحتلال الصهيوني منذ عام1948م،لايزال يدفع ثمناً باهضاً من دم أطفاله وأرواح رجاله وخراب مدنه مقابل ستين عاماً من الأخطاء العربية والعجز والتخادل الذي لم نشهد مثله في التاريخ،ولم نجد من يجرؤ على تصحيحها ويبدو أن غزة ومقاومتها الباسلة من أبناء الشعب الفلسطيني لم يعد أمامها من خيار إلا أن تدفع ثمن الحرية كاملاً،ولم تعد تهاب القوة أو التضحية لقد أنضجها الألم الذي تكابده كل يوم،حيث جفت الدموع،وأن لم تجف الدماء فهي تعاني شظف العيش وقسوة الاحتلال ومظالمه غير الإنسانية،إنها تريد أن يتعاظم الأمل حتى لا تذهب دماء الشهداء بلا ثمن،وأن تقول للعالم غير العادل:ها هو الدم يستصرخكم،لقد حانت لحظة العدل.نستخلص مما سبق،أنه لابد أن ينتصر الحق مهما كانت أصحابه من ثمن غال في الأرواح،وأن أي مفاوضات جديدة يجب أن تكون عادلة لا تتنكر للحقوق الأساسية المشروعة للشعب الفلسطيني التي كفلها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.وإذ كانت الآلة الحربية الإسرائيلية لقوات الاحتلال قد استطاعت تدمير جزءاً مهماً من البنية التحتية الفلسطينية في قطاع غزة ومدنها وقراها،وقتلت ما طاب بها أن تقتل من أطفال ونساء وشيوخ بالجملة،فإنها فشلت فشلاً ذريعاً في كسر الإرادة الفلسطينية،أو إضعاف روح التحدي والمقاومة فالصعوبات والمشاق لم تزد الشعب الفلسطيني في غزة إلا تصميماً على نيل الحرية والاستقلال على أرضه المقدسة في فلسطين المحتلة،والخلاص من ظلم ومآسي الاحتلال البغيض ويبقى أهم شيء يجب مراعاته توفير الإستراتيجية السليمة والرؤية القيادية الصحيحة للاستمرار في النضال،وتعزيز مقومات الوحدة والصمود وتحويل التضحيات والمنجزات الكفاحية إلى منجزات سياسية ملموسة.