شعور الارتياح الذي عمَّ المنطقة العربية كلها لفوز حزب العدالة والتنمية ، حزب رجب طيب أردوغان، بالانتخابات التركية الأخيرة له أسباب كثيرة لاشك في أن في مقدمتها الإحساس بأن مرحلة مصطفى كمال (أتاتورك) قد بدأت بالغروب وأن القادم القريب هو حسن الجوار والعلاقات الطيبة مع العرب وأنه ثقة متبادلة بعد نحو ثمانين عاماً من التجافي والعداء والشكوك المتبادلة. ربما كان مصطفى كمال (أتاتورك) محبوباً ومحترماً وجيداً جداً بالنسبة للأتراك والحقيقة أنه لعب دوراً بطولياً في الدفاع عن تركيا والحؤول دون احتلال أجزاءٍ هامة منها من قبل اليونان التي كانت، معتمدة على التحالف الغربي الذي انتصر في الحرب العالمية الأولى، تحاول استعادة أجزاءٍ من إمبراطوريتها القديمة التي انتهت إلى الانهيار والانكماش قبل نحو ألفي عام.إن المشكلة مع أتاتورك هذا، الذي يعتبره معظم الأتراك بطلاً قومياً حافظ على دولة كانت ذاهبة إلى التمزق والتشظي أنه أبدى عداءً غير مبرر وغير مفهوم إزاء العرب وحركة التحرر العربية وكأن المطلوب هو أن نبقى جزءاً من الإمبراطورية التركية وأن تبقى هويتنا عثمانية وأن نبقى نُعامل في دولة شكَّل الوطن العربي الحجم الأكبر منها كمواطنين من الدرجة الثانية وكملحقين بالقومية الطورانية.لأنه اعتبر أن العرب سبب هزيمة الإمبراطورية العثمانية وانهيارها، مع أن السبب كان غير ذلك وكان يكمن في الحالة المزرية التي وصلت إليها هذه الإمبراطورية، فإن أتاتورك أقفل أبواب بلاده مع تاريخها الإسلامي واستبدل الحرف العربي بالحرف اللاتيني ومنع الطربوش الأحمر، مع أنه بالأساس تركي، واستبدله بالطاقية الغربية.إن هذا هو أحد الأسباب لحالة الارتياح التي عمَّت المنطقة العربية لفوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات التركية الأخيرة ثم وأن هناك سبباً آخر وهو أن هذا الإسلام الذي غدت تمثله التجربة الأردوغانية هو الإسلام الذي يشكل نموذجاً مطلوباً لأهل هذه المنطقة الذين بدأوا يديرون ظهورهم للإسلام السياسي الذي لم يتطور ولم يطور نفسه وبقي يقف عند النقطة التي بدأ منها في أواخر عشرينات القرن الماضي.لم يعد الناس في هذه المنطقة يحتملون الإسلام السياسي المتوتر دائماً والمكشِّر دائماً والمنتفخة أوداجه دائماً والرافض لأي تطور سياسي والذي ثبت أنه مع الديمقراطية إلى أن يصل إلى الحكم حيث بعد ذلك يعود إلى شموليته السابقة ولذلك فإن ظاهرة إسلام حزب التنمية والعدالة المنفتح والمعتدل والباسم الثغر والنشط وغير المترهل والسائر مع ركب التطور والحضارة والمتسامح والسمح قد أصبحت تشكل النموذج الذي يجب أن تكون عليه الأحزاب الإسلامية في هذه المنطقة.لا ضرورة للإيضاح أكثر فنموذج الإسلام السياسي في تركيا هو أردوغان بحيويته وانفتاحه وأناقته وهندامه وثقافته واعتداله ونموذج الإسلام السياسي في هذه المنطقة هو أسامة بن لادن وأيمن الظواهري والقتلة الذين يذبحون إخوتهم في العراق وهو أيضاً هؤلاء الذين نراهم كل يوم ونقرأ بياناتهم كل يوم وتصدمنا تصرفاتهم كل يوم وتجلب إلينا غضب العالم وأحقاده كل يوم!!.[c1]نقلا عن صحيفة (الرأي) الاردنية[/c]
أخبار متعلقة