أقواس
الموشحات الكلاسيكية اليمنية تعد من أهم أعمدة الفن اليمني بشتى ألوانه الأربعة المتمثلة في الصنعاني الكوكباني واليافعي والحضرمي واللحجي وبالذات الموشحة التهامية المتمثلة في قصائد الشيخ الشاعر الروحي الوجداني جابر رزق خصوصاً وأيضاً القصائد الصوفية الوجدانية الحضرمية ، ولولا سيطرة الموشح وتأثيره بقوة على الأغاني التراثية اليمنية بهذا المستوى في الشهرة والقوة والجمال وانتشارها على المستوى الداخلي والخارجي ، ويكمن قوة الموشح اليمني في صعوبة إيقاعاته التي تتميز بالسلالم الإيقاعية الموسيقية المركبة التي يحملها النسق الواحد.بعض الأكاديميين والموسيقيين اليمنيين المنشغلين بالأغنية الكلاسيكية اليمنية يقولون أن الأغنية التراثية في أصلها تنتمي إلى الموشح نظراً لإحتواء أكثر قصائدها على الكلمات الملتزمة والنصائح الأخلاقية المؤثرة حتى وإن تخللها القصائد الشعرية العاطفية بشكل مفرط ولكن نظراً للبيئة اليمنية والعادات والتقاليد التي حالت دون خروج الأغنية اليمنية حسب ما يسميه بعض الفقهاء (( الإطار المحافظ)) وبالتالي ظلت الأغنية اليمنية داخل قالبها التقليدي المعبر عن طبائع وأذواق المجتمع اليمني الذي تأثر كثيراً بالموروثات الشعبية السابقة المتراكمة من قبل الشعوب والحكومات المتعاقبة على مر العصور والأزمان .من خلال ما ذكر نستطيع أن ندلل على حقيقة ما قلناه بذكر بعض الأمثلة التي توضح هذه النقطة وذلك من خلال سماعنا إلى الموشحات التالية : ونبدأ بالفنان سلطان الطرب اليمني صالح عبد الله العنتري أو كما كان يطلق عليه من قبل محبيه متذوقي فنه في زمنه بمصطلح ((مربطة الفنانين)) ونبدأ بذكر موشحة ((ببسم الله مولانا أبتدينا ونحمده على نعماه فينا)) ،((صلوا على من كان قبل الوجود)) ، (( يا جزيل العطاء نسألك حسن الختام)) وأيضاً الموشحتين اللتين تميز بهما هذا العبقري صاحب الروح الوجدانية وهما ((رب هب لي من عطاياك الجسم يا سريع الغوث غارة))، (( نعم نعم شكري لمولي النعم في كل حالة فرض لازم)) ، وكذلك الفنان الشيخ إبراهيم محمد الماس أكثر الفنانين ثراء في هذه الموشحات عندما يؤدي ((فرج الهم يا كاشف النعم)) ، (( عالم السر منا))،(( الحمد لله الشهيد الحاضر))،(( يا خل عليك الناس أقلقوني )) ، ((إن كان باب الرضى مقفل ))، ((لي فر بى حاجر غزيل أهيف ساجي الرنا)) ، ((الحمد لله الذي)) ،(( يا من أيادينا إليه مداد)) ، وأيضاً الثلاث الموشحات التي تميز بها هذا الفنان وهي ((دع ما سوى الله وأسال)) ، ((جل من بالصباح قد زحزح مظلمات الدجى ))، (( يا منجي من اليم ذا النون نجنا من جميع البليه))وأيضاً(( غيري على السلوان قادر)) أو الشيخ فضل محمد اللحجي بلبل لحج وسيد العازفين على الطرب القديم ذي الأوتار الأربعة والمصنوع في صنعاء عندما قدم الموشحة الجميلة التي تميز بها هذا الفنان العظيم وهي (( يا جزيل العطاء نسألك حسن الختام)) هذه الموشحة التي تمتلك لحناً وإيقاعاً في قمة الروعة والدهشة أما الفنان الشيخ محمد أحمد الخميسي فهو قد تفرد دون غيره من فناني اليمن في أداء أصعب الموشحات الصنعانية الكوكبانية والتهامية المطولة ذات الإيقاعات المتداخلة مثل موشحة ((السنا لاح والشذى فاح)) ،((رب بالسبع المثاني)) ،((يا حي يا قيوم يا عالم بما تخفي الصدور)) ، (( لي في ربي حاجر غزيل أهيف))،(( غزيل أتلع))،(( صاد قلبي بطرفه النعسان))ومعظم الموشحات التي أداها المنشدون القدامى في صنعاء وكوكبان وكل هذه التسجيلات متوفرة لدى جلسائه ومحبيه رحمه الله أمثال الحاج محمد عبد الله عبد الكريم الخلقي والد الموهبة في إقتفاء الأغاني النادرة وفي هندسة الصوت المتعلق بتسجيل الأغاني وتصفيتها وهو عبد الكريم الخلقي وأيضاً أولاد صلاح وأولاد الروضي القدامى والموهبة النادرة في حفظ الألحان الصنعانية القديمة الأستاذ المبدع محمد الفهمي وغيرهم من الذين لا نستطيع حصرهم وهم كثر ومعظم هؤلاء المجالسين جانبتهم الشهرة.وأخيراً نقول بأن معظم عباقرة الفن الكلاسيكي اليمني اهتموا بالتغني بالموشحة اليمنية أمثال باشراحيل وأولاد الماس والقعطبي والمسلمي وأولاد الجراش عمر غابة وأولاد الزبيدي ومحمد صالح حضرمي وحمود العطيري وبامخرمة وباسويد ومحمد جمعة خان ومحمد سعد عبد الله والسمة والحارتي والسنيدار ومحمد أبو نصار وعبد الكريم علي قاسم وعلي الصنعاني ومحمد الجماعي ومحمد الذماري ويحيى السنيدار وحسن عوني العجمي ومحمد الرحومي ويحيى النونو وغيرهم من هؤلاء المغيبين والمغمورين والمشهورين أمثال فيصل علوي وأيوب طارش واقطاب الفن اليمني كافة وعندما ذكرنا أنفاً أن العنتري والماس واللحجي والخميسي يعدون من دعائم الموشح اليمني ليس إستناقصاُ من الآخرين ولكن إتضحت لنا رؤية من خلال المتابعة الدائمة والإستماع لهؤلاء الفنانين الأربعة فعلى هذا الأساس بنينا هذه الفكرة.