يقول النبي (ص): (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)، هذا المقياس النبوي للإيمان يبدو أن أول المفرطين فيه أناس مسلمون يزعمون أنهم على منهج النبي (ص) ومتبعون بشرعه وملتزمون بأوامره..وحقيقة أن من خالط الناس أو قرأ بعض الخصومات المذهبية في الماضي أو اطلع على بعض صفحات الإنترنت ــ مثلاً ــ في الحاضر يجد للبذاءة والشتائم حضوراً كبيراً يطغى على حضور الآيات الكريمة والأحاديث النبوية في مواضيع هي أحوج ما تكون إلى النصوص الشرعية.وفي الماضي وجد في المسلمين من يذم أبا حنيفة مثلاً ويصفه ــ ظالماًــ بأنه (زنديق، كافر، استتيب من الكفر ثلاث مرات..)وتصل البذاءة ببعضهم إلى اتهام علماء كبار بالزنا واللواط والنفاق.. كما فعلوا في ذم إمام بغداد في عصره الخطيب البغدادي والحافظ المحدث ابن حجر العسقلاني بل وصلت الخصومات المذهبية في الماضي إلى حد كبير من الإسفاف الذي لا يوجد إلا في خصومات بعض أشقياء الأطفال.واليوم تتكرر تلك البذاءات إذ أن بعض مواقع الإنترنت مغرمة بالبذاءة فلذلك تفرح بنشر الشتائم، والغريب المؤلم حقاً أنه عندما تقارن بين بعض المواقع الخاصة بالمسلمين ومواقع (غير المسلمين) تكون مواقع غير المسلمين ألصق بتعاليم الإسلام إذ تجد -غالباً- التركيز على المعلومة والبحث عنها والشغف بها بعيداً عن فاحش القول والتجريحات الشخصية التي مهما بلغت في سوئها فلن تغير من واقع الحقيقة شيئاً. حقا إن الأمر يحتاج لدراسة لمعرفة أسباب بذاءة بعض المسلمين وترفع غيرهم عن هذا ؟ وأسباب سوء أخلاق المسلمين وحسن أخلاق غيرهم ؟ وغير ذلك من الأسئلة المصيرية التي يحتاج ديننا منا إلى إجابات واضحة على هذه الأسئلة قبل أن يجيب عليها غير المسلمين بإجابات يخلطون فيها الدين بممارسات بعض المنتسبين إليه. والإنسان بما أنه ظلوم جهول فإن أول ما يجهله جهل ضرر البذاءة على نفسه وجهل ضررها على المسلمين من حيث السمعة.أما ضرر الشتيمة على الشاتم والنفع الذي تجلبه الشتيمة للمشتوم فيكفي في بيان ذلك حديث المفلس الصحيح وكلكم يعرفه.وأما ضرر الشتيمة على الإسلام وسمعته وسمعة المسلمين فواضح ولو لم يكن من ضرر إلا أن تشاتم المسلمين سيكون من أبرز الأمور التي تعين أعداء المسلمين في الصد عن الإسلام لكفى!! وما على هؤلاء الأعداء إلا أن يفتحوا صفحات الانترنت ويقولون للناس: انظروا إلى هؤلاء المسلمين، انظروا إلى نتائج دينهم، سب وشتم ولعن وكذب وقذف وحمق وعقد نفسية واتهامات متبادلة.. الخ.وحقيقة لو اقتصرت التشاتم على التواجد داخل البيئة الإسلامية لقلنا لا يخلو مجتمع من مثل هذه الشواذ لكن خروج هذه الخصومات وبذاءاتها إلى العالم يعكس صورة بالغة السوء عن المسلمين ودينهم لأن كل شتام يزعم أن بذاءته من أوامر الإسلام وتعاليمه!! وهنا مكمن الخطورة. لكن الشاتم يزيد الطين بلة بكذبه على الدين بخلاف ما يفعله الشعراء والأدباء -كما في نقائض جرير والفرزدق- فإن الشتائم في أشعار الشعراء ونثر الأدباء لا تتعدى كونها صورة أدبية لا يخرجها قارئها عن محيط الأدب أو الشعر أو الطرافة مع وجود الإثم فيها أيضاً.لكن شتائم المحسوبين على الإسلام لا تحسب عند هذا الحد وإنما يتحمل الدين كل أمراض المنتسبين إليه وكل خصوماتهم وبذاءاتهم وجهالاتهم ولا أدري بعد كل هذا كيف يستطيع الكافر أن يقتنع بهذا الدين إذا رأى ما يفعله المسلمون بعقولهم!![c1]* عالم دين سعودي .[/c]
أخبار متعلقة