لقاء/ طلال منيباري تعد ظاهرة مشكلة المخلفات الصلبة والتي تظل قائمة على الرغم من الجهود المبذولة لمعالجتها والحد من انتشارها في مختلف أحياء العاصمة الاقتصادية والتجارية من أهم مظاهر التي تشوه وجه هذه العاصمة وتؤثر على البيئة والصحة العامة .بدأنا الحوار مع التجربة الأولى في تطبيق المفهوم العلمي والفني لاحدى منظمات المجتمع المدني وهي جمعية الجيولوجيين اليمنيين فرع عدن في اقامة مقالب القمامة وكان لنا اللقاء مع الأستاذ / معروف عقبة رئيس الجمعية واستشاري جيولوجي وقد بدأ المقابلة وهو على يقين بأن المشاكل البيئية كلها سوف يتم في الاخير السيطرة عليها وتقديم الحلول المناسب لها بتظافر جهود الجميع . وسألناه هل كانت هذه التجربة الاولى في اظهار معنى المفهوم العلمي لعملية التقييم البيئي في المحافظة .فأجاب : هذه تجربتنا الأولى في اقامة مقالب للقمامة في محافظة عدن وقد تم اختيار الموقع المقترح في شمالي المركز البركاني في عدن الصغرى على بعد حوالي 4 كم من الشريط الساحلي لخور بئر أحمد وتبتعد عن عقدة الطرق ما بين مدينة عدن ومدينة الشعب حوالي 13 كم والمنطقة عبارة عن اراضي منبسطة مكونة من رواسب ريحية ( رمل ـ حصى ) تتداخل حدودها مع منطقة السبخات المحاذية للشريط الساحلي .. ويبعد الموقع عن مجاري السيول الرئيسية ( غربي الوادي الكبير ) بعدة كيلو مترات .وكانت مسألة البحث عن مقلب قمامة ضرورة ملحة ومن غير المعقول والمخزي لهذه العاصمة التاريخية في الاسواق التجارية والاقتصادية العالمية بأن يكون أول ما يرون زوارها ومريدها في لوحة مدخل عدن هو ( أهلا بكم في عدن ) ومقلب القمامة للمحافظة في آن واحد فعدن مضيافة وليست منفرة وكان لابد من البحث والتفكير في حل هذه المسألة.ولان مقالب القمامة لها آثار بيئية ومضار ملموسة تشمل البشر والشجر وكذلك مخزون المياه الجوفية ( منطقة دارسعد والبساتين ) فقد حدد الموقع السابق في محفر نيس ولم يحسب حساب لاتجاه الرياح ( الريح السائدة جنوبية شرقية إلى شرقية طوال اشهر السنة ) وبرزت هذه المشكلة في التسعينيات وتجاوز هذا المقلب مرحلة التشبع ومافوق التشبع وعندما زاد العمران في تلك المنطقة في المنصورة ودارسعد ظهرت آثار العوادم والابخرة عند عملية احراق المخلفات التي تسببت في اصابة عدد كبير من المواطنين بالامراض الصدرية بمختلف انواعها ونذكر بأن جمعية اليمن الاخضر قامت بتقديم احصائيات في حين ظهور هذه الآثار ( 96 ـ 97م) .ومن هنا جاء موضوع تقييم الاثر البيئي قبل الشروع في البحث عن مقلب قمامة بديل عن السالف الذكر وبطريقة علمية مدروسة منذ البداية حتى نتجاوز عيوب المقلب القديم وآثاره الضارة .وسألناه كيف كانت البداية : فقال بدأ ذلك في الاعوام 97 حتى 99م بالتنسيق مع مجلس حماية البيئة فرع عدن حينها . وتم مناقشة الموضوع في المكتب التنفيذي في المحافظة . . حيث خرجنا بتوصيات بتشكيل فريق فني من عدة جهات وهنا كانت البداية عندما تم اصدار تكليف من قبل الاخ المحافظ حينها في محافظة عدن يعتمد من خلاله جمعية الجيولوجيين اليمنيين فرع عدن كأستشاري لاعداد دراسة توجيهية تقيم من خلالها الأثر البيئي ليس فقط لمنطقة المقلب الجديد ولكن ربطنا علاقته بالفريق التي تكون من مكتب وزارة الصناعة فرع عدن ومكتب الاشغال العامة والتطوير الحضري فرع عدن وادارة الاراضي وعقارات الدولة فرع عدن وبالتواصل مع محافظتي لحج وأبين باعتبار هذان المحافظتان مورد المياه الجوفية لمحافظة عدن ودراسة الاثر البيئي طويل الأمد وصل إلى 5 عقود بإذن الله .وكانت الاعمال الهيدروجيولوجية تهدف إلى :* حصر الآبار في المنطقة وما يجاورها وتوثيق خصائصها .* تحديد منسوب المياه الجوفية واتجاه الجريان ( دون سطحي ) .* اخذ قياسات لكل الآبار المتواجدة في الموقع وما حوله .* اخذ العينات المائية وتحليلها .* وضع خارطة هيدروجيولوجية تبين تلك الخصائص في الموقع .وقد شملت هذه الاعمال :اعمال الحفر ، أعمال مختبرية وأعمال مكتبية .وبدأ التحقق من صلاحية المواقع الجديدة لمقلب عدن الكبرى وكانت لدينا عدد من المعايير أهمها :1 ) المنطقة التي سيكون فيها المقلب ( وضعيتها الجغرافية والتركيبة المناخية ) .2 ) المناطق التي تتجمع فيها المخلفات وبعدها عن المقلب .3 ) ابعاد الموقع .4 ) نوع وحجم المخلفات المطالوب تصريفها في المقلب .واقترحنا حينها الموقع الجديد في منطقة بئر النعامة والتي تبلغ مساحته (4) كيلو متر ضمن الحدود الادارية لمناطق التوسع المستقبلية لعدن الكبرى وكان ذلك متوافقاً مع الشروط التالية :1 ) اللا يكون المقلب في منطقة حوض مياه جوفية .2 ) اللا تكون المنطقة اثرية .3 ) اللا تكون من ضمن مخططات الاسكان الحضري .4 ) اللا تكون قرب موقع مطار .5 ) اللا تكون من المناطق الحساسة البيئية .6 ) اللا تكون موقع مستجمع لمياه الامطار .7 ) اللا تكون منطقة زراعية .وكل هذا تم تحت اشراف مدير عام صندوق التنمية الاجتماعي فرع عدن وهي الجهة التي قامت بتسوير ذلك الموقع وتحمل تكاليف ذلك وعملت على تمويله بالكامل .كما قامت بترتيب لقاء مشترك مع ممثل البنك الدولي وتقييم الاثر البيئي فقد ناقش د. طارق قطينة بعض الجوانب التي وردت في التقرير بحضور ممثلين عن الهيئة العامة لحماية البيئة / صنعاء ووزارة الاشغال العامة والسكان / صنعاء .واجازوا كل هؤلاء مجتمعين النتائج الذي توصل اليه فريق العمل انف الذكر .. وبالمقارنة والتأكيد من سلامة ومنطقية الاستنتاجات والمبررات لاقامة مقلب القمامة حسب مواصفات بيئية علمية مخططة .والتي توصلت اليها الدراسة حينها وصلاحية الموقع الجديد .وفي ختام هذا اللقاء يا أستاذ هل من كلمة اخيرة تود ان تضيفها إلى هذا العمل البيئي الرائع .نحن اليوم نناشد الاخ محافظ محافظة عدن بحل كل الامور المعلقة والتي تؤخر الشروع في استخدام هذا الموقع وادراجه ضمن موقع مناسب لاستيعاب المخلفات الصلبة واعتماد توصيات الدراسة التي أشارت إلى اعتماد اسلوب التدوير للمخلفات والتي تشكل مورد اقتصادي هام للموارد البيئية وعدم الاتجاه نحو اسلوب الحرق الذي اثبت عدم جدواه بالمرة .وكما نتمنى ان يعتمد هذا الموقع واسقاطه ضمن المخطط التوجيهي العام لعدن الكبرى الذي تم اقراره في اجتماع مجلس الوزراء في ديسمبر 2005م وتم تحديد حرم لايقل عن نص كيلو متر في كل الجهات لحماية المخططات العمرانية بغرض التوسع المستقبلي .