واشنطن / 14 أكتوبر / رويترز :وجه الرئيس الأمريكي باراك اوباما رسالة «حب صارمة» الى العرب والإسرائيليين دفعته إلى عمق اكبر في عملية صنع السلام بالشرق الأوسط القضية شديدة التعقيد التي أرهقت أسلافه وتنطوي على مخاطر له.واقتبس اوباما من القران الكريم «اتقوا الله وقولوا قولا سديدا» وهو يضع جانبا رفاهة التعبيرات الدبلوماسية في مطالبته اسرائيل بوقف بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية التي تثير عداء الفلسطينيين ومطالبته الفلسطينيين بالعمل من اجل السلام وقبول حق إسرائيل في الوجود ومطالبته للنشطاء الفلسطينيين بوقف اعمال العنف.وقال اوباما يوم الخميس في خطابه بالقاهرة الموجه للعالم الاسلامي «اننا لا نستطيع أن نفرض السلام ويدرك كثيرون من المسلمين في قرارة أنفسهم أن اسرائيل لن تختفي وبالمثل يدرك الكثيرون من الاسرائيليين أن دولة فلسطينية أمر ضروري. لقد ان الاوان للقيام بعمل يعتمد على الحقيقة التي يدركها الجميع.»ويأتي هذا الاندفاع من جانبه في خضم الشرق الاوسط في وقت مبكر جدا من رئاسته بخلاف اسلافه ومن بينهم بيل كلينتون وجورج بوش اللذان انتظرا حتى وقت متأخر من فترة رئاستيهما ليحاولا القيام بدفعة كبيرة ووصلا الى نتيجة تدعو للاحباط.وقال شلبي تلحمي خبير الشرق الاوسط في معهد بروكينجز في واشنطن ان القيام بمبادرة بشأن الشرق الاوسط في هذا الوقت المبكر يعني ان قدرة اوباما على تحقيق نتيجة ستكون اختبارا لمصداقيته.وقال «هذه الحكومة بعد ثلاثة اعوام من الان في وقت نكون فيه في منتصف حملة انتخابية ستقيم على اساس مدى ما استطاعت ان تحققه في ان تجعل العرب والاسرائيليين اقرب من الحل القائم على دولتين.»واكد الرئيس المسيحي الذي انحدر والده الكيني من عائلة ضمت اجيالا من المسلمين على جذوره الاسلامية بطريقة لم يقم بها ابدا خلال حملته لانتخابات الرئاسة في العام الماضي عندما كان يحتمل ان ينظر الي هذه الجذور على انها عبء سياسي.وربما ساعده ذلك في القاء خطاب وصفه السناتور الديمقراطي جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بانه صريح وصادق كان حاسما في توجيه اشارة بانطلاق «عهد جديد من التفاهم مع المجتمعات الاسلامية في العالم اجمع.»وقال رون كوفمان الذي كان مستشارا سياسيا للرئيس السابق جورج بوش انه « قال اشياء لو قالها رؤساء سابقون ما كانت تهم لكن لانه اوباما بكل خلفياته فانها غيرت المناخ التي قالها فيه واضفت عليه مغزى اكبر.»وقال كوفمان «حقيقة ان باراك حسين اوباما قال هذه الاشياء ويمكنه ان يقولها بطريقة تجعل المسلمين المعتدلين ينصتون اليها.»وفي الوقت الذي كان فيه اوباما صريحا ومباشرا فانه استخدم لهجة تأكيدية مع المسلمين في سعيه لما اسماه «بداية جديدة» معهم محاولا الابتعاد عن التوترات التي خلفتها حرب حكومة بوش على العراق.وقال السفير الامريكي السابق لدى اسرائيل مارتن انديك بمركز سابان لسياسات الشرق الاوسط ان اوباما قدم «بيانا امريكيا مثيرا ومقنعا عن علاقة جديدة مع العالم الاسلامي.»وتمثل مطالبة اوباما اسرائيل بتجميد الاستيطان تحديا لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي رفض في تحد القيام بهذه الخطوة وتثير احتمال حدوث توترات مع اعضاء الكونجرس المؤيدين لاسرائيل والكثير منهم من الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه اوباما.وحتى قبل القاء خطابه اعرب بعض اعضاء الكونجرس عن قلقلهم.قال النائب الديمقراطي انطوني وينر يوم الاربعاء ان اوباما عليه أن «يكون حذرا والا يتجاوز الخط الذي نبدو عنده وكأننا نمارس الضغط الهائل الموجود تحت تصرفنا على حليفنا المنعزل الى حد ما.»ويبين التاريخ ان الخلاف مع اسرائيل يكون مكلفا جدا للرؤساء الامريكيين. واغضب جورج بوش الاب الذي تولى الرئاسة بين عامي 1989 و1993 اسرائيل ومؤيديها الامريكيين بقوله انه لن يؤيد تقديم اية اموال جديدة لاسرائيل تستخدمها للاستيطان.وقال لمعاونيه السابقين انه يعتقد ان هذا الموضوع كان احد اسباب خسارته لمحاولة اعادة انتخابه في عام 1992 لانه فقد الكثير من دعم اليهود.وقال جيمس زغبي رئيس المعهد العربي الامريكي انه يوجد مع ذلك «زعماء مهمين في الكونجرس والطائفة اليهودية الذين يفهمون بوضوح ان المسار الذي تتخذه اسرائيل غير مفيد بل اكثر من ذلك انه مدمر.» وقال زغبي عن اوباما «هذه معركة يمكنه ان يكسبها.»ونظرا لان السلام في الشرق الاوسط كان هدفا مراوغا لكل رئيس امريكي خلال الخمسين عاما الماضية فانها ستكون مفاجأة كبيرة لمعظم الامريكيين اذا نجح اوباما في الجمع بين العرب والاسرائيليين معا.وكشف استطلاع اجرته صحيفة يو اس ايه توداي مع معهد جالوب في اواخر الشهر الماضي ان 32 في المئة من الامريكيين فقط يعتقدون انه سيأتي وقت يستطيع فيه الجانبان تسوية خلافاتهما ويعيشان في سلام.واعرب 66 في المئة عن شكوكهم في امكان حدوث ذلك.
أخبار متعلقة