قد تكون وسائل الإعلام المطبوعة و المرئية والمسموعة أغفلت مدينة لها في التاريخ اليمني صفحات مضيئة ,فهي مدينة أنجبت أمجاد عريقة, مدينة سكنها الجمال والبساطة والحب والألفة معا.. إنها مدينة ذمار التي تقع إلى الجنوب من العاصمة صنعاء وتبعد عنها حوالي 100 كم ، وذمار المحافظة تتوسط الهضبة الجبلية لليمن بين خطي عرض 44/46 درجة شرقا وخطي 14 / 14 شمال خط الاستواء تحدها من الشرق أجزاء من محافظتي صنعاء و البيضاء ومن الجنوب محافظة إب ومن الغرب أجزاء من محافظتي ريمة والحديدة ,وتمتاز بتكوينها الجبلي فهي تقع على سلاسل جبلية متراصة ,وذمار «المدينة» هي عاصمة ذمار المحافظة .يروى أن اسم .. ذمار .. ينسب إلى الملك الحميري الشهير ..« ذمار علي ».. فذمار تعتبر الأساس الجغرافي للحضارة الحميرية , ولكن في كتب عديدة ورد اسم «ذمار» محددة معالمها وآثارها وأيضاً جزء من تاريخها الممتد في جذور الحضارة اليمنية القديمة حيث ينسب ذمار, صاحب كتاب « البلدان اليمانية» ياقوت الحموي إلى «ذمار بن يحصب بن دهمان بن سعد بن عدي بن مالك بن سدد بن حمير بن سبأ». ويذكر الهمداني في كتابه « صفة جزيرة العرب» أن ذمار قرية جامعة بها زروع وآبار قريبة ينال ماؤها باليد ويسكنها بطون من حمير وأنفار من أبناء الفرس وبها بعض قبائل عنس ,ويضيف الهمداني « ذمار مخلاف نفيس كثير الخير عتيق الخيل كثير الاعناب والمزارع وبها بينون وهكر وغيرها من القصور القديمة ، وفيها جبل اسبيل وجبل اللسي وعدد كبير من الجبال «,,,ويقول البخاري « ذمار اسم قرية باليمن تقع على بعد مرحلتين من صنعاء وينسب إليها بعض أهل العلم » .وأين يكون الشخص أو الملك الذي تنسب إليه تسمية ذمار !! وأين يكون الرحالة أو المؤرخ أو العالم الذي تحدث عن ذمار فهي حقيقة تاريخية أولاً وطبيعية ثانياً , فهي كذلك مدينة أقيمت في أوج قوة الدولة اليمنية القديمة .وذمار هي الشاهد الوحيد على تقلبات الزمن وتغيراته في وجهة القوة البشرية الزائلة لتبقى الأنقاض والنقوش والآثار أحد أهم الشواهد الجلية و الواضحة على قدرة الإنسان اليمني على تحمل الصعاب والعيش في رحاب الإسلام .ومع أن ذمار مدينة تتميز بتنوع الأماكن والمآثر الإسلامية فهي لا تخلو من الإبداع العلمي والتنوير العقلي .فهي تحتضن المدرسة الشمسية وهي أحدى منارات العلم والأدب باليمن وقد تخرج منها الكثير من العلماء والأدباء والشعراء أمثال أديب اليمن وشاعرها الكبير « عبدالله البردوني « وبها أيضا الجامع الكبير والذي يتميز بمنبره العتيق، الموجود حالياً في متحف ذمار الإقليمي، وقد أكدت الدراسات العلمية المتخصصة بأن المنبر يعود إلى القرن الرابع الهجري، ويمثل إحدى روائع الفن الإسلامي، بل أنه يعد ثاني أقدم منبر في العالم الإسلامي. وكما استطاعت ذمار أن تنجب «عبدالله البردوني» وعدداً هائلاً غيره فإنها قادرة على أن تنجب أمثالهم من المعالم و الشخصيات و الرجال الذين لم تكن الظروف يوماً ما ,هي العائق الصعب الذي لا يمكن تخطيه فقد صنعت إرادتهم الفولاذية وإصرارهم على الوصول إلى النجاح !!الوقود الذي أوصلهم إلى ماوصلوا إليه.ذمار المدينة تصدت لأول شارة حرب « صيف 94م» هي ذمار التي أخذت لأعوام طويلة لقب « أنظف مدينة في الجمهورية ».هذه هي ذمار التي أغفل الباحثون تاريخها .. «إنها مملكة اليمن الخضراء» , كما قال المؤرخ القاضي / اسماعيل الاكوع .
ذمار .. عراقة تعانق الأفق
أخبار متعلقة