الظفير .. "قرية منكوبة" .. حكايات من تحت الأنقاض وناجون يروون مأساتهم
الجهود الجبارة رسمياً وجماهيرياً
14 أكتوبر/ سبأ / متابعات: فجأة دون سابق أنذار وبينما كان سكان قرية الظفير بمنطقة بني مطر50كيلو مترا غرب العاصمة صنعاء في منازلهم الآمنة يستعدون للخلود للنوم ، إذ بصوت انهيار صخري مدو مصحوب بهزة قوية يخترق حالة الصمت والسكون المخيمة على أرجاء القرية ويزلزل وجدان كل من فيها ، قبل أن يتبدى لهم هول الفاجعة . وما أن أطل سكان القرية من النوافذ وأسطح المنازل، ليستطلعوا ما حدث، حتى تبدت لهم القرية وسط حالة الظلام الحالك ، وسحب الغبار الكثيفة التي تلفها بالغموض، سرعان ماتسدل الستار عن حجم الفاجعة، وما أحدثه الانهيار الصخري بإتيانه على مساكن نحو 15 أسرة، تضم أكثر من حوالي 96 شخصًا، حيث وصل عدد الضحايا الى أكثر من 41 ضحية، فيما يزال البحث جار عن البقية تحت الأنقاض حتى الآن. صور حية تقطع حوالي مسافة 50 كيلو متراً لكي تصل إلى قرية الظفير منطقة بني مطر غرب العاصمة صنعاء ، وتجد أمامك فرق الانقاذ من قوات الدفاع والأمن وعدداً كبيراً من المختصين ودوي صفير سيارات الإسعاف ، وعشرات الأشخاص من المواطنين الذي تقاطروا من الأنحاء المجاورة ليستطلعوا ما حدث ويمدوا يد العون ، تسبقهم الأسئلة المحيرة التي تجول في خواطرهم - ماذا حدث؟ وكيف؟ وكم؟ وما بين متجه إلى مكان الحدث، وبين عائد للتو، تبرز الأسئلة ، وتكشف الإجابات عن حجم التفاوت والتناقض بينها وبين ماهو على ارض الواقع في مكان الحدث الذي لاتتورع من الإقتراب منه اكثر. بعد شق الأنفس ، تصل إلى مكان الانهيار ، وهناك تتجلى الصورة الاخرى بوضوح .. سكان لم يستفيقوا بعد من هول الفاجعة ، وتجمهر رسمي وشعبي حاشد، وبين حالة منذهل، ومن لا يتردد في مد يد العون ، تنتشل الجثة تلو الاخرى لتخبر عن حكاية من مئات الحكايا المطمورة تحت انقاض الصخور الجبلية العملاقة .
لقطة تروي الكارثة
الضحايا وفي بحثها عن الحقيقة تلتقي وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بالأخ على أحمد محسن الظفيري من سكان القرية ،الذي يروى تفاصيل الحادثة ويقول:" حوالي الساعة التاسعة إلا ربع من مساء أمس سمعنا صوتا مدويا وهزة قوية لنتفاجأ انهيار صخري قد باغت القرية". وتابع : لم يكن احد منا يتوقع هذا الحادث البته، كان الجميع في مساكنهم يستعدون للنوم ، لكن بعد مشاهدة الانهيار واختفاء المنازل التي كانت موجودة سارعنا على الفور إلى مكان الحادث لانقاذ المنكوبين.. وكان اول من وجدنا تحت الانقاض على محمد جميل وعائلته ، وسارعنا باسعافهم إلى شبام حيث كانوا مايزالون على قيد الحياة ، لكنهم فارقوا الحياة بعد مسافة 4 كيلو فقط . وأستطرد / بعدها انتشلنا جثة امرأة اخرى واخرين من عائلة حسين عوضة ، كانت زوجته واثنان من اولاده قد توفوا بينما هو وأبنتاه على قيد الحياة ، كما عثر في هذه الاثناء أيضا على اولاد احمد محمود ، وثلاثتهم تحت الأنقاض جثثاً هامدة ، حيث عثرت فرق الإنقاذ التي واصلت العمل في انتشال الجثث طوال ساعات الليل وحتى صباح اليوم على جثتين من عائلة اولاد احمد محمود وبعد ساعة تم العثور على جثتين أخريين. وقبل ظهر أمس وحتى ساعات متأخرة من الليل تم انتشال العديد من الاشخاص كان بينهم الوالد احمد قائد جميل واسرة محمد صالح بن صالح مع بنتيه واسرة سعد ناصر عوضة ولا يزال البحث جار حتى الآن. ويقول علي ويؤيده غيره من السكان المحليين العاملين مع فرق الانقاذ:" عدد الاسر المتضررة هنا حوالي 13 أسرة تضم حوالي 130 شخص. هريسة وتبرز حكاية الهريسة من بين الروايات التي يرويها الناجون من تحت الانقاض ، وهنا يقول على مصلح :" عدت من صنعاء إلى القرية قبل حلول الليل ، وكان معي بالسيارة احمد قائد جميل رجل مسن كان قد اشترى لابنائه صحن حلويات، للاسف عثرنا عليه حيًا بينما كان أبنائه حول صحن الحلوى جثثاً هامدة. * فقد جميع أسرته أحمد قائد جميل احد المنكوبين يتحدث الينا بمرارة عن الاهل الذين فقدهم في الحادث ويقول فيما عيناه تختنق بالدموع بصوت متهدج :" كنت في صنعاء..اتصل بي احد ابناء القرية وسألني ماذا حصل ؟ يتابع احمد الذي يعمل سائق تاكسي في مدينة صنعاء:" وعندما اجبته بعدم معرفتي عما يتحدث عنه لانني في صنعاء اقفل الهاتف في وجهي ليثير في نفسي الكثير من الشكوك والقلق. يقول أحمد (30عاما) :عدت لمتابعة الاتصال به مرات ومرات، وعندما رد علي سألته على الفور ما حصل؟.. قال بصوت مرتبك يمكن ان حجرة سقطت من الجبل، عندها تسلل الخوف إلى جسدي فاقفلت السماعة. وعلى الفور اتصلت بأسرتي لكن الهاتف لم يكن يرد، واتصلت باخر لم يكن يرد علي واتصلت باخي لم يرد وفجأة اتصلت باحد ابناء القرية لكي اتحقق عماحدث فأنبأني بالفاجعة. يبكي احمد ويقول:" فقدت والدي واولادي وزوجتي ووالدتي الكل 8 أشخاص إلى جانب عمي وعمتي وابن عمي الكل 11 شخصًا ولم يبقَ لي سوى الله وحده. نعزيه في مصابه ونتساءل معه عن آخر مرة اتصل باسرته يقول:" انا اعود دائما كل خميس من صنعاء وكنت قد اتصلت بهم الليلة الماضية (الاربعاء الماضي) وتحدثت إلى الجميع فردًا فردا وبين من كان يدعو لي كان اطفالي ينتظرون مني بعض الاغراض التي وعدتهم بها لكن ..يبكي أحمد .. ولا نتمالك انفسنا. لحظة المأساة)وجدت نفسى تحت الأنقاض مضطراً لتحسس أجساد أولادي والزحف بمن لا يزال حياً منهم في الظلام للبحث عن أقرب جدار أو صخر رطب(. هكذا لخص /عبد الله حسين عوضه-رحلة نصف ساعة أمضاها تحت أنقاض منزله وأكوام الصخور مع أفراد أسرته المكونة من (9) أفراد (الأب والأم وسبعة من الأبناء.) شاءت الأقدار أن تذهب الأم باثنين من صغار الاسرة، وتترك الأربعة المتبقين مع أبيهم الذي بدا لأهل القرية أول ناجٍ قذفته الأرض من باطنها، وسطحها الغاضب والذي حول منزل عبدالله المكون من 3 طابق إلى غبار. (تفاجئنا بسقوط الأحجار فوقناا، انطفأت الكهرباء، فلجات للحبو وتحسس أجساد أولادي). وهكذا يروي /عبدالله عوضه- المولود للحياة من جديد- لحظة انهيار الصخور الجبلية على منزله كأول منزل مجاور للجبل في قرية "الظفير". أربعة آلاف نسمة .. إنهم سكان قرية "الظفير" ذات الطريق المعبدة والازقة الضيقة والترابط السكاني والعمراني اللصيق أنها قرية (الظفير) الرابضة بهدوء على بطن جبل أبي ألاّ أن يلج قواميس الأحداث قبل طي أجندة العام 2005م ولو بكارثة إنسانية على مقربيه وذويه. منازل مغمورة بالصخور وغبار يلف سماء القرية.. انين وصراخ ..وصدمة كادت تفقد ذاكرة من التقيناهم ليشبعونا فجائع فى ردودهم لسؤال مخيف يردده الجميع ( كم بيتاً غمرته الصخور؟! وكم شخصاً في كل بيت؟!) أول الناجين يقول عبدالله حسين عوضه - وهو أول الناجين - متذكراً جيرانه (محمد ناصر محسن في منزله 4 أموات- علي محمد انتهت الأسرة بكاملها وفيها نحو 20 شخصاً، أحمد قائد 5 بنات وأب وأخته وزوجته، وأحمد محمود 13 شخصاً، كلهم تحت الانقاض، صالح علي قاسم، علي محمد، أحمد محمود، محمد صالح ناصر..). واستمر يسرد أسماء متشابهة عديدة قدرها بـ(75) شخصاً يتواجدون ا فى المنازل و المساحة المحيطة بمنزله من جميع الاتجاهات. ويصف أحد أبناء القرية لحظة انهيار الصخر قائلاً (سمعت صوتاً مثل البرق، وشعرت باهتزاز المنزل واعتقد أن الصخر انزلق انزلاقاً وكان يدفع المنزل أمامه). وباتجاه وسط القرية وتحديداً جوار الخيام التي نصبت لإيواء المتضررين يسارع العشرات لحفر وتجهيز مقبرة تتسع لـ(40) جثة لا يستطيعون معرفة سبباً للحادث.. لكنهم يتذكرون حادثة اهون الف مرة من مأساة اليوم قائلين (قبل نحو 6 أعوام وقعت حجر صغيرة على رأس امرأة وأودت بحياتها). فرق انقاذ متعددة (دفاع مدني- جيش- أمن- أطباء وممرضين- كهرباء الأشغال العامة- مهندسون- مقاولون - منظمات إغاثة - آلاف المواطنون) الجميع يتوافدون إلى القرية من القرى المجاورة وكلها شكلت أكبر خلية نحل تنقش الصخور العصية أملاً في زحزحتها لانقاذ طفل هنا، أو عجوز هناك.