مكاشفة
أخي الصائم ..ما أجمل أن يكون لرمضان ظلاله الجميلة على الحياة الزوجية فيضيف إليها من نفحاته ما يجعلها تزداد صلة وحميمية ولا شك أن مما يزيد هذه الصلة حرارة ويبقيها حية متواصلة استمرار ما أحل الله من المتعة بين الزوجين والعجيب أنك تقرأ ذلك في كتاب الله بعد المقطع الخاص بفرضية الصوم في رمضان مباشرة حين يقول الله تعالى :[c1] {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ } البقرة :[/c] 187 هكذا صريحة مباشرة , كي لا يتردد متزهد ولا يخاف متورع ولا يماري متأول , أمر إلهي كريم يبيح العلاقة الجنسية بين الزوجين بكل تفاصيلها المباحة ليحافظ البيت المسلم على أمنه النفسي وعفته الجسدية وتواصله العاطفي .إن ما استدعى مثل هذا الحديث ما يشبع عند بعض الأسر المسلمة من مقاطعة لكل المداعبات بين الزوجين إلى درجة الانفصال التام في المنام والبعد الجسدي المتعمد ليل نهار فالليل سهر مشترك مع الأقارب والأولاد والنهار لا يليق كما يزعمون أن يجتمع الزوجان في فراش واحد ويبقى الإنسان معرضاً للفتنة بالآخر أو بغيره خلال الصوم أو ظامئاً لشقه الآخر وهو بين يديه مما يؤدي أحياناً إلى جفاف العلاقة بينهما , وربما يتولد الجفاء بطول المدة وشهر كامل مدة طويلة جداً ربما أمرضت وشقت دون داع من دين أو خلق رفيع .وإذا رجعنا إلى حياة نبينا صلى الله عليه وسلم لوجدنا الأمر مختلفاً تماماً فقد ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم : كان يصبح جنباً من جماع غير احتلام ثم يصوم رمضان “ وأنه كما روى الجماعة كان يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملك لإربه “ وفي مسلم كان يقبل في رمضان وهو صائم “ وحتى حين يعتكف في مسجده العشر الأواخر ويشد مئزره , فإنه لا ينقطع عن أهله انقطاعاً تاماً بل جاء عن عائشة رضي الله عنها “ أنه كان صلى الله عليه وسلم معتكفاً فكانت ترجله ( أي تمشطه)وهي حائض وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها يناولها رأسه “ فلم يحمله اعتكافه وهو العبادة الملزمة بمكان معين أن يقاطع أهله أو يلاطفهم .وما ورد من قول عائشة “ كان أملككم لإربه “ أي أن من كان عنده القدرة على ملك نفسه عما هو أكثر من القبلة والمداعبة فلا بأس بذلك سواء أكان شيخاً كبيراً أم شاباً يعرف من نفسه أنه قادر على التحكم في تصرفاته وذلك في نهار رمضان وأما من لا يستطيع فأمامه ليل طويل لا توجد فيه حدود سوى ما شرعه الله في سوى رمضان , وإن بعد الزوجين في الليل عن فراش الآخر هو الذي جعل الأسئلة تتعدد ممن تورطوا في الجماع في نهار رمضان فوقعوا في إثم عظيم , ومعصية يجب عليهم بسببها التوبة والقضاء والكفارة المغلظة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ومن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً أخي الصائم ...لماذا نفرط في المباح لنقع في الحرام ؟ ! لماذا ننساق مع العادات والفوضى الاجتماعية , ونعطي ظهورنا للنظام , لنتجرع بعد ذلك مرارة الندم .. لا قدر الله ؟! .