صباح الخير
ثبت بالدليل القاطع نجاحها واستمراريتها ، فعلى مدار السنوات الماضية تغلبت على معظم محاولات عرقلة مسيرتها والوقوف سداً منيعاً في وجه المؤامرات التي تحاك ضدها ، لعب التفاف جميع القوى الشعبية والسياسية حولها دوراً إيجابياً في ثباتها والحرص على بقائها طيلة ثمانية عشر عاماً وهو العمر الحقيقي للوحدة اليمنية المباركة .منذ قيامها في الثاني والعشرين من مايو 1990م حتى الآن لا تزال تتخطى الصعاب يوماً بعد يوم وتزيل العراقيل وتثبت أقدامها انطلاقاً من ركيزتها الأساسية ( الديمقراطية ) ، الوحدة اليمنية ولدت في ظروف ضمنت لها النجاح حيث كانت تمثل ضرورة ثقافية وتاريخية وسياسية وحضارية وعامل قوة ونهوض لليمن بينما رافقت جميع التجارب العربية السابقة في الوحدة والتلاحم عوامل الفشل والانهيار ولم يحصل أن تجربة عربية استطاعت الصمود والاستمرار طويلاً ، لتبقى الوحدة اليمنية التجربة العربية اليتيمة الناجحة في الوطن العربي ونبراساً يحتذى به وإرثاً تتوارثه الأجيال المتعاقبة لتفخر به عبر العصور .ثمانية عشر عاماً من عمر الوحدة اليمنية سجلت اليمن بانطلاقها حدثاً تاريخياً عظيماً في مسار التاريخ المعاصر ، تجاوزت كافة الخلافات والصراعات القديمة بين الشطرين (سابقاً) وأكدت أن الفرقة والتشرذم ليسا قدرنا والتخلف ليس مصيرنا المحتوم وانطلقت بقوة الحدث وتأثيره نحو التفكير برؤية تنموية معتمدة على المبادئ الديمقراطية والبناء المؤسساتي الذي يرتكز على الإنسان كثروة ومحور أساسي ، وتجسدت الإرادة الشعبية وتوجت الآمال والتطلعات بتحقيق الحلم الذي كان يعيش في وجدان اليمنيين ولا يفارق شعاراتهم وخطاباتهم وأهدافهم النضالية كل ذلك كان في لحظة إجلال وإكبار هزت الوجدان وذرفت الدموع فرحاً بانتهاء حقب من المعاناة القاسية ووضع حجر الأساس لدولة مغايرة نستطيع بواسطتها الولوج نحو الحداثة وميادين البناء والعلاقات المؤسسية والقانونية والدخول إلى عهد الحريات الحقيقية في التعبير والرأي و نظام التعددية السياسية والحزبية . ثمانية عشر عاماً من الغرس المثمر أصبح الحلم واقعاً جلياً ، بفضل العناية والرعاية وبذل الجهد لحمايته من أي أذى وتوفير المناخ الملائم للحفاظ عليه ، مع الوقت أثمر الجهد وأينع الغرس كياناً واحداً فكان الحصاد نتاجاً طبيعياً لبذور الغرس ، إذ جاءت قيمتها الحضارية والتاريخية من خلال ولادتها وسط متغيرات عالمية تتفكّك فيها منظومات الدول وتتجزأ إلى كيانات صغيرة فلا تتحقق الوحدة إلا على أيدي الشعوب العظيمة ، نحن اليوم نستقرىء الحاضر ومعطياته بفخر واعتزاز وكيف صارت الوحدة راسخة الجذور وأحد الثوابت الوطنية والنور الذي نستشرف به صورة المستقبل واحتياجاته ومتغيراته بنظرة تفاؤلية لكي نسهم في صناعته ونعد العدة للأجيال القادمة . نستغرب اليوم من المشهد السياسي وكل من يحاول العبث بقدر ومصير شعب واحد وتقويض وحدته الوطنية والتعامل بلغة المكايدات والمزايدات السياسية البغيضة وزرع الكراهية بين أبناء الوطن الواحد وعجباً لمن يرصد الهفوات ويوظف الأخطاء لمصالح ضيقة ليتاجر بالوطن في كل المنابر داعياً لإعادة عجلة التاريخ إلي وراء مستغلاً أي ظرف لزرع الفتنة وبذور الانقسام والتجزئة ويفنّد كل معضلة لقلب مسار الوحدة فيدخل في رهان خاسر يضر بمصلحة الوطن وأمنه واستقراره .يظل المعيار الحقيقي لأي قوى تنطق أو تكتب باسم الوطن هو حجم انتمائها الصادق لليمن والوقوف صفاً واحداً مع أبناء الوطن بكامل شرائحه دفاعاً عن الوحدة وإعلاء سلطة النظام والقانون وترسيخ مبادئ الديمقراطية وحماية جميع منجزاتها ومكاسبها ، ما عدا ذلك سيدفعون الثمن وسيركلهم التاريخ إلى زوايا مظلمة.[c1][email protected][/c]