أسواق الياميش تتمركز جوار الأزهر ورحاب الحسين
القاهرة /14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية : في كل عام تتجدد العادات والتقاليد ، ويحظي الشهر الكريم باهتمام خاص من الصائمين ، ولا سيما أن التعبير عن البهجة والفرحة ، لا يكتمل دون الانطلاق إلي الأسواق وشراء المواد الغذائية بكميات مضاعفة ، أو كما يسميها المصريون ( خزين ) رمضان.ولعل الاقبال المتزايد علي شراء الياميش والمكسرات في شهر رمضان ، هو نوع من التكلفة الزائدة لرب الأسرة ، ولكنه يحرص على جلب هذه الأنواع من أجل أطفاله ، وبكميات تتفاوت من شخص إلى آخر ، وذلك حسب القدرة الشرائية التي تقترن دائما بغلو أسعار الياميش والمكسرات عاما بعد عام .. ويعد ( ياميش ) رمضان من الأسواق الرائجة ، التي تجد هوى في النفوس ، فحينما يعد رب الأسرة قائمة المشتريات الخاصة بشهر رمضان ، سنجد أن للياميش والمكسرات تقدما ملحوظا في الترتيب لدي قائمة الميسورين ، وتراجعا ملحوظا أيضا في قائمة المعوزين ، ومن هنا تظل حركتا البيع والشراء كالمد والجزر خلال أيام وليالي رمضان ، فأفراد العائلة يطالبون دائما بحضور الياميش ، فيكتفي رب الأسرة بشراء الزبيب ـ مثلا ـ ومعه اللوز أو الجوز ، بينما يشتري آخر من كل صنف ومن كل لون مهما كانت المكابدات والمشاق المالية.[c1]أسواق الياميش [/c]ويخبرنا التاريخ بتعدد الأسواق المصرية ، ورواجها في شهر رمضان ، خاصة أسواق القاهرة ، فكانت هناك أسواق للشماعين الذين يبيعون الشموع ، وآخر للحوم والخضروات ، والياميش والمكسرات ، وهي أسواق متجاورة تمركزت إلي جوار الجامع الأزهر وفي رحاب الحسين ، ولا زالت هذه الأسواق في مكانها حتي يومنا هذا ، حيث كان توزيعها علي أساس تخصص أصحاب الحرف والصناعات ، وإن كانت أسواق المواد الغذائية ، قد انتشرت في جميع أنحاء القاهرة والمدن والقري المصرية ·وهكذا اختصت القاهرة نفسها بأشهر الأسواق ، ومنها سوق ( الياميش ) ، وذلك منذ تأسست في عام 853 هـ / 999 م ·· وكانت هذه الأسواق تغلق أبوابها ليلا ، ويحرسها حراس يدفع رواتبهم أصحاب الحوانيت في كل منطقة ، وكان علي من تضطره الظروف إلي التأخر ليلا معرفة كلمة السر ليتمكن من المرور .وفي سوق الياميش عرف الناس في العهود الفاطمية والمملوكية والعثمانية ، أجود أصنافه بأسعار زهيدة ، مقارنة بأسعار العقود الأخيرة ، فبعد أن كان يباع بملاليم أو قروش قليلة ، أصبحت الأسعار في تزايد مستمر خاصة في السنوات الأخيرة .ولعل ( الزبيب ) هو أرخص أنواع الياميش التي يقبل عليها عامة الناس ، إذ تتراوح أسعاره بين 21 جنيها للزبيب الأصفر ذي الجودة العالمية ، و 6 جنيهات للزبيب البني اللون ، أو ما يطلق عليه المصريون (الزبيب الشعبي) ، والذي يدخل في صناعة الحلويات كالقطايف والكنافة والجلاش ، كما تضاف حباته إلي العصائر وشراب التمر ، لما له من مذاق طيب ·أما الأنواع الأخري كعين الجمل والجوز واللوز ، فهي ذات أسعار متقاربة تتراوح بين العشرين والثلاثين جنيها ، وتتقارب استخداماتها مع جميع أصناف الحلويات ، فضلا عن استخدام البعض منها في حشو الفراريج وطواجن الأرز ·[c1]سر الإقبال [/c]ويكشف لنا صاحب أحد محلات الحلويات الشهيرة في القاهرة ، عن سر تزايد الإقبال علي الياميش في رمضان بقوله : إن أنواع الياميش دون استثناء يمكن استخدامها في زخرفة قطع الجاتوه والتورتة ، فضلا عن الكنافة والقطايف ، وقد جرت العادة أن يتزايد الطلب علي الحلويات في شهر رمضان ، ومن هنا نشتري كميات مضاعفة من أسواق الجملة ، مما يحقق رواجاٍ مزدوجا للياميش والحلويات في آن واحد ، وهو ما لا يتوافر في أي شهر آخر من شهور العام ، باستثناء المواسم والأعياد ·ويلاحظ أن أصحاب الحوانيت التي تبيع الموائد الغذائية ، تحرص في شهر رمضان علي عرض أصناف الياميش والمكسرات لزبائنها ، بل إن البعض منهم يبيعون كميات قليلة منها في أحجام صغيرة ، حتي تكون في متناول العامة قبل الخاصة ·[c1]تحذيرات الأطباء[/c]ورغم تحذيرات الأطباء من الإفراط في تناول بعض أصناف الياميش ، فإن الكثير من الناس ، يضربون عرض الحائط بتلك التحذيرات ، فالياميش عموما غني بالزيوت الدهنية والفيتامينات ، وسعراته الحرارية عالية ، وإذا تناوله الأصحاء بكميات معقولة فإنه لا يسبب أية أضرار بل يتحول إلي طاقة وفائدة للجسم ، لتعويض ما فقده أثناء الصوم ، أما من يعانون من أمراض معدية أو سمنة زائدة ، فإن هولاء ممنوعون تماما من الياميش ، لما يسببه من عسر هضم ، وتلبك معوي ،وارتفاع ضغط الدم لمرضي السكر ، كما ينصح الأطباء من يعانون من حب الشباب ، بعدم تناولهم الياميش ، لأنهم أكثر الناس عرضة لتخزين المواد الدهنية الموجودة في الياميش ، فيضاعف ذلك من الالتهابات الجلدية ،ويتغير لون البشرة ، وميلها إلي الاحمرار ·وعن تلك العادة الاستهلاكية ، يري العلماء والمشايخ أنها ليست سوي بدعة اختلقها الإنسان ، وداوم عليها ، ولا يوجد مانع ديني لتناول تلك الأطعمة ، ولكن إذا كانت بعيدة عن متناول الفرد ، لضيق ذات اليد ، وارتفاع ثمنها ، فلا داعي إطلاقا ، أن يحمل الإنسان نفسه أعباء فوق طاقته.ولا يزال سوق الياميش مستمرا ، والمنافسة تشتد ، والإغراءات بالشراء تنسي رب الأسرة الأولويات والضروريات الأخري ، فجلب الياميش هو نوع من التباهي والتفاخر ، وعادة يمكن الاستغناء عنها ، والانتباه إلي مغزي الصوم وحكمته.