استجابت للمساعدة في ظل الأزمة الإنسانية المتصاعدة
بغداد/14 أكتوبر/ ميسي رايان: بدأت بعض منظمات الإغاثة الغربية التي خرجت من العراق في السنوات القليلة الماضية في العودة إلى هناك بحذر موازنة بين المخاطر التي قد يتعرض لها طاقمها والأرواح التي يمكنها إنقاذها من بين العراقيين الذين يزدادون يأسا. وقال كسرى مفرح المدير التنفيذي للجنة تنسيق المنظمات غير الحكومية في العراق "المخاطر مازالت كبيرة لكن... في الوقت الراهن نحتاج لعمليات إنقاذ للحياة في العراق." وأقامت منظمات غير حكومية مثل أطباء بلا حدود ولجنة الإغاثة الدولية مكاتب في مناطق أكثر أمنا في شمال العراق هذا العام بعد انسحابها من البلاد في وقت سابق. وقالت ميليسا وينكلر المتحدثة باسم لجنة الإغاثة الدولية "الوضع الأمني مازال صعبا." لكنها قالت "شعرنا بالتزام بالعودة والاستجابة للازمة الإنسانية المتصاعدة." وفي دولة مزقها الصراع الطائفي يتوخى عمال الإغاثة الحذر. فقد قتل 94 على الأقل منهم منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عام 2003 . ومازالت التفجيرات وعمليات الخطف مستمرة في العراق على الرغم من انحسار العنف بدرجة كبيرة في الأشهر القليلة الماضية فيما يرجع جزئيا إلى نشر قوات أمريكية إضافية قوامها 30 ألف جندي. ويقول عمال الإغاثة إنه على الرغم من تحسن الوضع الأمني فإن الأزمة الإنسانية قد وصلت درجة الغليان. وتقول الأمم المتحدة ان 2.3 مليون عراقي هجروا داخل البلاد ويجاهدون للحصول على طعام وعمل ورعاية صحية. ويحتاج نحو أربعة ملايين لمساعدات غذائية.. فطفل واحد فقط من بين كل ثلاثة أطفال تحت سن الخامسة يمكنه الوصول إلى مصدر لماء الشرب النقي. وفي حين يعيش 43 بالمائة من العراقيين حاليا في فقر مدقع أشارت منظمات الإغاثة في تقرير حديث إلى ان المساعدات الإنسانية من كبار المانحين انخفضت بنسبة 47 بالمائة في الفترة من 2003 إلى 2005. وقالت لجنة تنسيق المنظمات إن أكثر من ثلثي منظمات الإغاثة التي كانت موجودة في العراق عام 2003 غادرت البلاد كثير منها على عجل مع تهديد العنف طواقمها الأجنبية والمحلية. ودمرت قنبلة مكتب الأمم المتحدة في بغداد في أغسطس عام 2003 ما أسفر عن مقتل 22 شخصا منهم رئيس البعثة سيرجيو فييرا دو ميلو. وبعد شهرين قصف مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العاصمة. وأصبح العاملون هدفا. في عام 2004 اختطفت مارجريت حسن وهي موظفة بريطانية عراقية في منظمة كير ومقرها الولايات المتحدة وقتلت. وردت بعض المنظمات بسحب العاملين الأجانب وتغيير مواقع مقارها إلى الشمال الكردي أو الأردن. وقرر البعض الآخر عدم بدء مشروعات مستقبلية أو أوقف العمل في العراق تماما. وقالت وينكلر "العمل الذي كنا نتمكن من القيام به لا يبرر مستوى المخاطر التي يتعرض لها طاقمنا - احدهم اختطف واحتجز عشرة أيام والآخر قتل في قصف." وغادرت لجنة الإغاثة الدولية العراق في عام 2005. ومنذ ذلك الحين قامت بعض المنظمات بعمل ما في وسعها عن بعد. ومنظمة خدمات الإغاثة الكاثوليكية ومقرها الولايات المتحدة التي أغلقت مكتبها في العراق عام 2004 واحدة من عدد من المنظمات التي تساعد نحو مليوني لأجيء عراقي يعيشون في الدول المجاورة. وتساعد كذلك المنظمات في العراق التي توفر الأمصال والغذاء إلى جانب أشياء أخرى للأطفال والأمهات المحتاجين. وتورد أطباء بلا حدود الإمدادات إلى مستشفيات بغداد وتعطي دورات تدريبية في الخارج للأطباء العراقيين في علاج حالات الطوارئ. وقالت مليكة سيم من أطباء بلا حدود "لا يرضينا هذا الأسلوب لأن (العراق يشهد) واحدة من الأزمات الإنسانية الرئيسية." وتحاول أطباء بلا حدود تغيير ذلك. في يوليو تموز بدأت المنظمة ومقرها باريس عمليات في مدينة السليمانية الكردية لعلاج ضحايا الحرائق والصدمات. وقالت سيم "من المستحيل الحصول... على ضمان بالسلامة الكاملة غير ان تطور الوضع الأمني يشير إلى دلائل على إمكانية التفاوض على مكان للعمل." وتمركزت منظمات أخرى مثل ميرسي كوربس ومقرها الولايات المتحدة في العراق ونقلت مسؤوليات العمل الميداني لطاقم عراقي. وتتخذ المنظمة الآن من السليمانية مقرا لها لكنها تمكنت من الإبقاء على مشروعات في مختلف أرجاء العراق بطاقم يضم نحو 150 عاملا منهم نحو 12 أجنبيا. وقال مسؤول أمريكي في بغداد طلب عدم نشر اسمه إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تمول عددا من المنظمات الغربية التي اعتادت المخاطر العراقية. وقال انه الآن لم يتبق سوى جيوب محدودة يمنع فيها العنف عمل المنظمات الدولية. لكن أغلب منظمات الإغاثة مازالت قلقة وتقول انها ستتمسك بسياسات العمل في هدوء التي مكنتها من الاستمرار. وقال بول بتلر المدير المحلي لميرسي كوربس مشيرا إلى شركة امن أمريكية اتهمها العديد من العراقيين بممارسة أساليب عنيفة "مبدأنا هو ألا نظهر على أبواب منازلهم فجأة بصحبة حرس من شركة بلاكووتر يشهرون السلاح." وقالت ألينا لابرادا المتحدثة باسم منظمة كير "بالتأكيد هناك حاجة في العراق. لكن ليس هناك استقرار سياسي وعسكري كاف."