أقواس
مثل غيري ممن ذهبوا لمعرض الكتبات الذي أقيم مؤخراً في مدينة عدن .. «عدت بخفي حنين» كما يقول المثل فلا شيء يشعرك إنك في أروقة معرض دولي للكاتب .. لا المكان الذي هو عبارة عن هنجر شيق المساحة لا يكفي لأن تقام عليه واجهة مكتبات معروفة .. مثل هذا الإختزال للأمور يشعرك وكأن روح معارض الكتب بمعناها المألوف قد غادرتنا مع مجيء ثورة العصر التكنولوجية رغم إن الأمر ليس كذالك البتة بحسب إستطلاعات الرأي في أكثر من بلد أي إن للكتاب قراء وحضور وللمكتبات مرتادين كثراً فعالم الكتاب ساحر بطبيعة الحال وما يتلخص من القراءة والبحث يظل عالقاً في سماء الذاكرة وثقافة الكتاب تاريخ على نسقها تكونت وتواصلت حضارة الأمم بروافدها التي أعطت اليوم ثورة العصر الإكترونية التي لم تكن تأتي هي ذاتها من رحم الكتب والمكتبات .فلماذا تبدو معارضنا العربية للكتاب في حالة الغروب أو في نزعها الأخير؟ لماذا تبدو خافتة على هذا النحو الموحي بإنقضاء زمن الكتاب وعهد القراء.؟لماذا تلك الأحادية في دور العرض التي عرفت بتاريخ حضورها في عالم المعرفة والكتاب لتختزل اليوم، بعرض ما هو متوفر بكثافة في مكتباتنا وعلى أرصفة شوارعنا من كتب تهديد ووعيد.. ووصفات السحر وإخراج الجان من الإنسان ، ووصف عوالم الجسد والسحر والعفاريت وذلك التكرار والإسفاف لأمور بارزة معروفة في حياتنا لا تحتاج منا كل هذا الاستغراق الذي لا طائل ولا جدوى منه .؟نعم للثقافة الدينية مكانة وأهمية في تهذيب الانسان ولا بد أن نحرص على جعل الأجيال يهتمون بذلك ولكن لاترك الأمور وندخل في تفاصيل التفاصيل لكتب بحجم ضخم تظل تشرح لك كيفية تجنب السحر أو تشرح لك عوالم الجسد ، وكرامات الشيوخ الذي لهم طول وباع في لجم هذه الشياطين وإلى ما هنالك من إسفاف على حساب أمور أخرى أكثر أهمية .فكما أسلفت لا المكان مهيأ لعرض الكتب ولا للكتاب حضور كما ينبغي فعل ما في الأمر هناك بضع كومات من كتب لا داعي أن يقطع أصحابها كل هذه المسافة للوصول بها إلينا لكونها متوافرة في أسواقنا وبكثافة أي إنهم كمن أتى ليبيع التمر في البصرة .. وهي حالة متكررة حتى في ما تقام من معارف في بلدان الجوار مع فارق توافر صالات عرض واسعة ربما تكون معينة على حضور دور عرض لديها تنويع وخبرة في بيع الكتاب .