- البعض يقبل على نفسه أن يتهم بالعشق.. وليس بعاشق ولا حتى بمعشوق.والبعض الآخر يكره أن يقال عنه:” أحسن فلان”، أو يشار إليه بالبنان، مع أنه يستحق.. وقد يكون فوق ما يقال، إنما لديه حصانة ذاتية تجعله أكثر عملاً وأقل كلاماً.- كثيرون يعملون بتجرد ونكران ذات، ويحملون هم اليمن واليمنيين كما يحملون قلوبهم أو عقولهم:ـ هم الضمير، إذا فسدت الضمائر والذمم.ـ وهم الصدق، إذا استقوى غيرهم بالكذب والنفاق.ـ وهم الثبات، إذا زلت أقدام الرجال وخابت فيهم الآمال.ـ وهم الوفاء، إذا خان الأدعياء.. وهان الأغبياء.ـ وهم الخيرة والذخيرة، إذا قل الرجال.. وكثر أنصاف الرجال وأرباع الرجال وأشباه الرجال.- هذه البلاد ابتلاها الله بأنواع لا حد لها ولا عد، من الجيف الآدمية المبهرجة.. المتحذلقة.. المتسلقة: تأكل ولا تشبع، تنهب ولا تقنع، تبيع مواقفها للعابرين والدافعين والسماسرة وتجار كل نقيصة.الوطن بالنسبة لها سوق للتجارة أو شعار للمتاجرة أو سلعة للبيع والمقايضة.- وهذه البلاد أكرمها الله برجال يقولون ما يفعلون، ويفعلون أكثر مما يقولون: أمناء في الواجهة أو خلف الستارة، أوفياء في المنشط والمكره، متجردون.. لا يبيعون ولا يشترون، إيمانهم باليمن لا يتزعزع ولا يتزحزح.. ولو تهدمت الجبال وظن الناس أن لا ملجأ من الهاوية إلا إليها، فإنهم لا يستبدلون باليمن شيئاً في الدنيا.. حتى الدنيا بأجمعها.. يعملون بصمت، ويحتجون بصمت، وليس لهم إلا ذلك الوجه الواحد الذي لا يتبدل ولا يتحول.- كم من هؤلاء لدينا.. لدى اليمن، وكم من أولئك؟كم من رجال يخلعون ويلبسون.. ويلبسون ويخلعون.. وجوهاً بعدد ساعات اليوم وبعدد أيام السنة.. وبعدد سنوات وأيام عمرهم، المسكوب في كل قارعة ورصيف ومقلب نفايات؟!- وكم من رجال يحسدهم الشموخ والإباء، وتغبطهم المروءة، وتتشرف بهم الأوطان والأزمان. صامدون في وجه العواصف، أقدامهم مزروعة في قلب الأرض.. ورؤوسهم تناطح السماء. يملؤون الأرض خيراً ومحبة وبراً، ولا يهمهم إن بقيت جيوبهم فارغة وبطونهم خاوية.. وبيوتهم من طين سقفها ماء وشبابيكها هواء وفراشها عراء!- الزمان جدال.. والأيام سجال.. والمواقف رجال. واليمن أبقى.. وأوفى.. وأحفظ لمن يحفظ حقها وحق أهلها.“أما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض” صدق الله العظيم
رجال .. ورجال!
أخبار متعلقة