باب اليمن
اجتاز باب اليمن أكثر من مائة ألف عام من الحضارة ، فلا يكاد المرء يتجول في ساحات صنعاء القديمة ويجد فيها منزلا مبنيا على الطراز الحديث ، تلك البيوت المعلقة المحتفظة بطابعها القديم الجميل في بنائه .. قبل الدخول عبر ذلك الباب الذي يفصل بين الحديث والقديم لابد من مشاهدة من معرفة أن في هذه المدينة التي تكاد تكون دائرة في تكوينها 14 ألف بيت بُني معظمها قبل 400 عام على أنقاض بيوت تعود إلى ما قبل الميلاد.ما إن يدخل الزائر إلى المدينة القديمة حتى يشعر أنه دخل متحفا في الهواء الطلق. وهو أيضا الباب الوحيد الذي حافظ على طابعه المعماري من بين ثمانية أبواب كانت لسور المدينة تغلق كل ليلة الساعة الثامنة مساء وتفتح قبل صلاة الفجر.مساحة صنعاء القديمة تقارب نحو 118 هكتارا. «باب اليمن» الذي يعود تاريخ بنائه إلى أكثر من ألف عام، هو المدخل الأساسي للمدينة القديمة من الجهة الجنوبية، والوحيد المتبقي بكامله من بين أربعة أبواب أخرى عُرفت في السابق كمداخل للمدينة، وهي «باب شعوب» و«باب السبح» و«باب سترات»، إلى جانب بابين آخرين أضيفا في فترة لاحقة هما «باب خزيمة» و«باب الشقاريف».إلا أن كل هذه الأبواب اندثرت وبقي «باب اليمن» شاهدا على جملة من الأحداث التاريخية والسياسية، فعبره دخلت جيوش الغزاة، ومن خلاله انطلقت جيوش الفاتحين إلى أنحاء مختلفة من الدنيا.والباب بطابعه المعماري والهندسي الفريد، هو جزء من سور صنعاء القديمة يزينه من الناحية الجنوبية ويمتد بطول 6200 متر وارتفاع 8 أمتار، ليلف المدينة بشكل متعرج ويأخذ شكل الرقم 8. كما أنه بناء متكامل يضم مجموعة من الغرف والدهاليز والأسطح التي كان يستغلها عمال الحراسة في الماضي كسكن وأبراج للمراقبة، وتحولت هذه الغرف اليوم إلى مركز للمعلومات حول تاريخ المدينة القديمة، ومعرض دائم للفنون التشكيلية. ومن فوق سطحها يطل السياح لمشاهدة امتدادات المدينة والوقوف على أبرز معالمها.لا بد من العودة إلى العمارة التي تميز صنعاء القديمة عن باقي الأسواق العربية المشابهة لها بصيغتها التجارية. هذه العمارة دفعت منظمة اليونسكو عام 1984 إلى تبنّي مشروع الحملة الدولية لحماية صنعاء، وأسهمت بإعادة بناء سورها التاريخي وترميم العديد من مبانيها وإصلاح الجسور والممرات الداخلية في المدينة بنفس نمطها القديم. يقدر ارتفاع المنازل بخمس طبقات، الأساسات والطبقة الأرضية منها بنيت بالحجارة لتتحمل الضغط الواقع عليها من الطوابق العلوية، وكذلك لمقاومة السيول والرطوبة، نظرا إلى كثرة أمطار اليمن.من «باب اليمن» يدلف الآلاف يوميا إلى أسواق صنعاء القديمة المتعددة وحاراتها ومطاعمها الشعبية وحمّاماتها التقليدية وأجوائها التي تفوق كل الحكايات المكدسة في الذاكرة من الكتب والمسلسلات التاريخية.