نص
كمال محمود علي اليماني[c1]إلى روح أبي الطاهرة في ذكراه الخامسة[/c]كنت جالساً أمام شاشة الحاسوب، أصابع يدي تتنقلان على مفاتيح اللوحة ، ثم تتحرك يدي اليمنى لتحضن كفي الفأرة وتبدأ النقر .. عيناي تحملقان في الشاشة ، أمررهما عليها.. ثم .... ينقطع التيار الكهربائي ، تتحول الغرفة إلى كهف لاتزوره الشمس ، ولاتقرض أهله ذات اليمين ولا ذات الشمال ، أخرج إلى الشارع . الجو في الداخل خانق.نسمات الهواء تصلني وأنا جالس على الكرسي أمام باب البيت ... أصوات الأطفال تخترق أذني ..يمر قبالتي أحد الجيران .. يسلّم علي ،يخبرني أن البريد سيوزع إكرامية المتقاعدين والمتوفين غدا صباحا . أترك الكرسي ,اندفع للداخل بحثا عن دفتر معاش المرحوم أبي .. على ضوء الشمعة كنت أفتح الأدراج وابحث عن الدفتر ، هكذا أنا دائما أنسى أين وضعت أغراضي ..لماذا لا أنتظر حتى يعود التيار .. أو حتى إلى الصباح .. لماذا الآن ؟ الجو حار وخانق .. شعور ما يدفعني دفعا للإستمرار في البحث .. صوت سيارة مسرعة يشد إنتباهي .. أسرع إلى النافذة أستطلع الأمر .. هذا الغبي إبن جارنا الأغبى الذي يترك السيارة لولده الطائش .. أندفع ثانية للغرفة..أعاود البحث . ترتطم عيناي بالدفتر الذي كان ينام مطمئنا في درج المكتب.. صوت تفحيطة العجلات يتبعه صوت إرتطام السيارة .. ألتيار الكهربائي يعود .. أخرج مهرولا .. السيارة ملتصقة بجدار بيتي .. الكرسي متناثر الأجزاء تحت عجلاتها . أفغر فهي منذهلا.. عيناي فنجانين واسعين ..أقلب النظر بين الكرسي المتشظي وبين دفتر المعاش في يدي .. أرفع عيني إلى السماء .. أحمد الله على السلامه . أدرك حينها فقط سر إندفاعي للبحث عن دفترمعاش ابي ..أقبـّل إسم أبي وأتمتم (( ها قد فعلتها إذناً .. أبي ..كم أحبك! )).