لولا أننا بلد ديمقراطي - أكثر مما يجب أحياناً - لما تجرأ أحدهم وشكل مجلس حرب يدعو إلى القتال ومحاربة المؤسسات والسلطات الدستورية باسم “التحرير”!! ولولا الديمقراطية “الفساح” التي لدينا في اليمن لما أمكن معرفة كل هذه/ أو تلك من الاحتقانات المتوارية خلف الصدور أو في قيعان الأنفس والضمائر. ولولا أننا بلد ديمقراطي لكان جميع هؤلاء الذين يزبدون ويرعدون في وجه الدولة والسلطات، ويجاهرون بالانقلاب على الوحدة الوطنية ويرفعون صوت التمرد والفتنة والانفصال عالياً؛ لكانوا أصبحوا أو أمسوا في السجون والمعتقلات بتهمة التحريض الصريح والعلني على الحرب الأهلية وتكوين عصابات مسلحة تمارس التقطع والحرابة وتهدد الأمن والسلم الاجتماعيين. ولولا أن العقل والحكمة يزينان رأس الحكم والسلطة لما سمح أبداً بأن تتحول الديمقراطية والحرية إلى الضد منهما على أيدي مغامرين مسكونين بالعنف والفوضى المسلحة.. أخذتهم سكرة الغرور بحيث ملكوا أنفسهم أجزاء واسعة من البلاد والعباد.. فهم أوصياء عليها! ونسوا أن البلاد والعباد يعرفونهم واحداً واحداً.. ويعرفون أنهم أبرياء ومتحررون من وصاية هؤلاء حتى مطلع القيامة. الأوطان ليست مزاداً يبيع فيها ويشتري السماسرة والتجار وطلاب المغانم والغنائم.والتاريخ ليس علبة سجائر في جيب مغامر قليل العقل وكثير الحرققة، يحرقها متى شاء ليشفط من دخانها ما يشاء. ولا الشعب اليمني تركة أو ضيعة أو عقار ورثه المتنطعون وهم فيه أحرار.. يمزقونه ويطحنونه ويعبثون به كيفما عن لهم شغب النضال أو (كيف) ما بعد التخزينة! وفقط، لولا أنها الديمقراطية.. والحكمة وطول النفس وإدارة السياسة بالعقل؛ لما بقي قليل عقل واحد ينعم بحريته دون منغصات أو رادع في الوقت الذي ينغص على المجتمع حياته ويجمع حوله العصابات المسلحة للتمرد على الجماعة والمجاهرة بالعصيان والبغضاء. أين يحدث ذلك إلا في اليمن؟!أمريكا اجتازت القارات والمحيطات والبحار لتحارب في جبال تورا بورا وقندهار وفي كربلاء وسامراء وبغداد.. “دفاعاً عن أمنها الوطني والقومي” كما تقول ويردد وراءها العالم, ولم يسألها أحد عن الديمقراطية أو الحرية أو ما كان؟! أما نحن.. في اليمن.. فهناك عصابات و “مجالس” مسلحة وجماعات تدعو صراحة إلى الحرب الأهلية والتمرد على الدولة المركزية وتهدد الأمن الوطني والقومي والوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي والعيش المشترك.. وبرغم ذلك يظل أفرادها ورموزها يسرحون ويمرحون، وينعمون بالحرية والمال والدعاية الحزبية والإعلامية، بل وتقيم أحزاب المعارضة الدنيا ولا تقعدها إذا تم التحقيق مع أحدهم في إدارة الأمن، فكيف لو حوكموا وسجنوا؟!! أحياناً أعتقد بأن الديمقراطية الزائدة ربما شجعت المجانين أيضاً - في المستقبل - على المطالبة بحقهم في الحصول على إمارات وممالك مستقلة داخل كل مدينة ومحافظة وحي وسوق خضار!! فهل نقول إنهم مناضلون ونتضامن معهم؟!!
أخبار متعلقة