ماذا يفعل المبدعون ليتمكنوا من نشر أعمالهم الأدبية
د.زينب حزامالوجه الحقيقي لهذه القضية الثقافية في تقديرنا هو ان جهد الكاتب يذهب أدراج الرياح إذا لم يجد الجهة المسؤولة لتحمل تكاليف طباعة ونشر الكتاب لأن معظم الكتاب والأدباء في بلادنا من ذوي الدخل المحدود وهم موظفون في الإدارات الثقافية والإعلامية والتربوية وهم جميعاً يتقاضون مرتبات متدنية.وهنا يبرز سؤال ماذا يفعل شاب منصرف إلى القراءة والكتابة ولا يعرف يطرق أبواب المسؤولين ومطاردة الناشرين لنشر قصته او شعره أو أي عمل أدبي قام بتأليفه هناك العديد من الأدباء والكتاب لم يتمكنوا من نشر أعمالهم في مجلد واحد رغم إنهم نشروها في الصحف والمجلات المحلية والعربية ونالت إعجاب القراء، فكيف يكون الحال عند الأديب الشاب الطموح إلى عالم الأدب والثقافة إذا لم تبادر الجهات المعنية بالأمر باحتضان أعمال المؤلفين فليس أمامهم إلا أن يلوذوا بالصمت قانعين بالسخط واجترار المرارة. في تاريخنا الأدبي لم تنعزل القصة أو الرواية عن الواقع المعيشي للمجتمع اليمني وقضايا الشعب وإذا افدنا على سبيل المثال معاناة المبدع اليمني في كتابة أعماله الأدبية التي يستمدها من الواقع المعيشي للمجتمع اليمني أو معاناته من آلام الغربة عن الوطن كما هو الحال عند القاص والروائي الكبير محمد احمد عبدالولي(1940م-1973م)، هذا الروائي الكبير الذي عانى من الاغتراب رغم القدرة على طباعة ونشر مؤلفاته الروائية خارج الوطن، إلا انه ظل يعاني آلام الغربة ومرارتها ويعيش مع هموم مجتمعه اليمني إنها بالفعل قصة مبدع خلف ابداعاً عظيماً فيا ترى من ولد هذه المعاناة إنها الغربة عن الوطن ان سيرة المبدع الروائي محمد احمد عبدالولي اقرب ماتكون إلى سيرته الإبداعية فهجرته هي التي صنعت منه مبدعاً وروائياً وجسدت معاناته من خلال مؤلفاته الإبداعية وقد تفنن في تجسيد هذه المعانات فالروائي محمد احمد عبدالولي من أب يمني وأم حبشية نشا في أديس ابابا ودرس في مدارس الجالية اليمنية في اديس ابابا ثم عاد إلى اليمن سنة 1954م وتزوج في العام نفسه ثم سافر سنة 1955م للدارسة في الأزهر الشريف وفي مدرسة المعادي الثانوية وطرد من مصر سنة 1959م.ودرس في موسكو في معهد جوركي للآداب وعاد إلى اليمن بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م اشتغل في عدة مناصب في مكتب رئيس الجمهورية ثم عمل بالسلك الدبلوماسي ثم عين مديراً عاماً في شركة الطيران اليمنية وبعدها استقال من الوظائف الحكومية وفتح دار للنشر بتعز وقدم العديد من المساعدات للأدباء والكتاب اليمنيين في نشر مؤلفاتهم الأدبية ما ساعد على توسيع دائرة طباعة الكتاب في اليمن في سنة 1968م سجن الروائي احمد محمد عبدالولي لمدة عام ثم في 1972 سجن لمدة ثمانية أشهر، ومات محترقاً في حادثة الطائرة التي سقطت في اليمن سنة 30/ 4/ 1973م.هكذا نرى من خلال سيرة هذا الروائي اليمني الراحل الذي إبدع في مجال الرواية اليمنية ومنها رواية (الحنين) التي كتبها في معاناة المهاجرين اليمنيين.ومن مؤلفاته صدر مجموعته الأولى حتى عنوان(الأرض يا سلمى) سنة 1966م من بيروت عن دار الآداب والثانية (شيء أسمه حنين) صدرت في القاهرة عن مطبعة دار الهنا ونشر عن دار الحديثة للطباعة والنشر بتعز نهاية 1972م.ومن أشهر رواياته (يموتون غرباء) و (صنعاء مدينة مفتوحة)هكذا نرى ان الروائي اليمني الراحل احمد محمد عبدالولي ساعدته الظروف في طباعة ونشر أعماله الأدبية كما قدم هو بنفسه الدعم للعديد من الكتاب والأدباء اليمنيين وذوي المواهب في كتابة القصة وإتاحة الفرص لهم في نشر أعمالهم الأدبية كما قدم شاعرنا الكبير الراحل عبدالله البردوني دعمه للأدباء الشباب في طباعة ونشر أعمالهم الأدبية، وأمر بتخفيض سعر بيع مؤلفاته الخاصة في المكتبات اليمنية لبيع الكتاب المحلي ما أدى إلى نشر الكتاب اليمني..واليوم نحن في أمس الحاجة لدعم الكتاب والأدباء اليمنيين الكبار والأدباء الشباب الذين يسعون إلى طباعة ونشر مؤلفاتهم الأدبية ويطرقون أبواب المسؤولين من اجل الحصول على الدعم للطباعة أعمالهم الأدبية وما أريد قوله أنني مازلت متفائلة في السنوات القادمة وبعد تطوير مؤسسات الطباعة والنشر في عدن ان يكون هناك اهتمام واسع بتوسيع دائرة طباعة ونشر الكتاب اليمني وتشجيع الكتاب والأدباء على طباعة أعمالهم بأسعار رمزية وأتوقع تعاظم الاهتمام بالأدب اليمني والعربي والدولي.ان فوز بعض الكتاب اليمنيين بالجوائز من قبل بعض المؤسسات الخليجية وفي مصر والأردن بل أن فوز الدكتور عبدالعزيز المقالح في الشعر والأدب دليل على قدرة الأديب اليمني على تقديم كل جديد ومفيد في مجال الشعر والأدب والعلوم الأخرى.وهذا النجاح الثقافي للكتاب والأدباء اليمنيين يدعونا إلى الإعجاب بهم وبطاقاتهم الابداعيه رغم القصور الواضح في دعم الكتاب اليمني نتيجة المشاكل الاقتصادية ووجود خلافات ثقافية مذهبية تؤدي في بعض الحالات إلى القطيعة والجفوة ما يؤثر على التواصل الفكري والثقافي والعلمي تأثيراً سلبياً بليغاً وقد يؤدي احياناً إلى انقطاع الروابط بين الكتاب المفروض ان يكونوا اسباباً في التواصل الثقافي والأدبي والفني.واخيراً أود القول ان دعم الكاتب في طباعة ونشر عمله الأدبي هي قضية اقتناع من قبل المسؤولين بضرورة توسيع دائرة طباعة ونشر الكتاب اليمني لان الأديب اليمني مبدع يستمد إبداعه من قبل واقع المجتمع.. رغم أننا في هذه الأيام نعاني من أزمات اجتماعية واقتصادية وسياسية فقد كان الإنسان الذي يواكب هذا التغيير يعاني من أعاصير الضياع والحيرة ان يرتد إلى تراثه تأكيداً لذاته في مواجهة الحضارة الغربية التي بدأت تحاصره من كل جانب متمثلاً فضائل أمته المتوارثة وهكذا نجد الأديب اليمني يستلهم الموروثات الشعبية ،الدينية شعبية والتاريخية احداثاً وشخصيات ويوظفها كلياً او جزئياً ويستوحي منها شخصيته او يقتبس منها الألفاظ ذات المدلول الديني، آيات من القرآن الكريم .أقول في النهاية إننا لن نخلق من عدم ولكننا يجب ان نعيد للكتاب أهميته وللأديب دعمنا ورعايتنا حتى تتوسع دائرة طباعة ونشر الكتاب في اليمن.