د.زينب حزامفي الأعوام الأولى من الألفية الثالثة يحق لنا في صفحتنا الثقافية التحدث عن الفنون الشعبية.ومنها الرقص الشعبي اليمني وما صاحبه من تجديد وتطور بما للزمن من استحقاقات تأتي عبر ما تراكم في مجال الفنون الشعبية.نالت رقصة البرع التي تعد من الرقصات اليمنية المشهورة إعجاب العديد من المشاهدين في المهرجانات الفنية وهي من أكثر الرقصات اليمنية حركة ورشاقة إضافة إلى تعدد الراقصات والراقصين في كل حركة فنية من الرقصة وهي تتميز بتنوع الآلات الموسيقية المصاحبة لها مثل الدف والطبول وغيرها من الآلات التي تصحب هذه الرقصة الشعبية المنتشرة في جميع محافظات الجمهورية إضافة إلى أن الملابس التي ترتديها الراقصات،تضيف إلى الرقصة قيمة فنية وتاريخية،وهذه الملابس المزينة بالفصوص والقطع الذهبية وحسن مظهرها يزيد من إعجاب المشاهدين بها،ورقصة البرع كثيراً ما تجذب السياح خصوصاً في مهرجان إب السياحي الذي أقيم في الشهر الماضي أغسطس2008م حيث قدمت في هذا المهرجان رقصة البرع التي حازت إعجاب المشاهدين.وفي اليمن بشكل عام تشتهر الفنون الشعبية التي تعكس الوجه الحضاري والإنساني لليمن وتمثل رقصة البرع أحد ألوان التراث الشعبي اليمني،خاصة في الريف الذي لم يتعرض للغزو الأجنبي وهذا ما ساعدنا على الاحتفاظ بطابع الرقصة الشعبية اليمنية والشيء اللافت للنظر أن سفر الفرق الشعبية اليمنية قلّ في الوقت الحاضر وقلت المهرجانات الثقافية والفنية وهذا ما يدعونا إلى ضرورة العودة إلى تنظيم المهرجانات الثقافية والفنية والمحلية ومد جسور الاتصال الثقافي خارجياً حتى تتطور علاقاتنا مع الشعوب ثقافياً وفنياً حتى نوضح للدول أجمع أن شعبنا يحب العلم والثقافة والسلام والحرية وأن الفنون الشعبية جزء من التراث العربي الإسلامي الخالد ونحن نشارك في هذه المهرجانات الدولية لتقديم الفنون الشعبية اليمنية التي تصور جوانب شتى من حياة المجتمع اليمني إلى يومنا هذا وخصوصاً التراث الحميري.ومثل أي مجتمع تختلف الفنون الشعبية من منطقة إلى أخرى.[c1]رقصة الرزحة في محافظة لحج وأبين[/c](الرزحة)إحدى الرقصات الشعبية المنتشرة في محافظتي لحج وأبين وفيها يقف صف من الراقصين الرجال والصف الآخر من النساء،ويقام مهرجان رقصة الرزحة في مدينة لحج أيام حصاد محاصيل الحبوب وفي هذه الرقصة تدق رجل الراقص على الأرض حسب النغمات الموسيقية فيسير الصف الراقص بنفس إيقاع رقصات قائد الصف الأول وبخطى راقصة بطيئة حتى تتقرب بالتدريج من صف النساء الراقصات وحسب إيقاع الطبول والدف ويكون عازفو الآلات الموسيقية في وسط الراقصين من الصفين.
[c1]رقصة حفلات الزفاف(الركلة)[/c]هذه الرقصة منتشرة في جميع محافظات الجمهورية وتقام بمناسبة حفلات الزواج والأعياد الشعبية والوطنية،وتقام هذه الرقصة من الجنسين رجل أو امرأة،والآلات الموسيقية التي تستخدم في هذه الرقصة الطبول والدف والناي.وفي هذه الرقصة ترتدي الراقصات الملابس المزينة بالنقوش والخيوط الحريرية الملونة وطرحة الرأس ووضع عقود الفل المزينة بالورود ويوضع الكادي والمشموم والفل على الرأس وكأنه تاج للملكة الراقصة.وتوضع(مجامر البخور في الوسط)كي تزين الرقصة الشعبية.[c1]رقصة(الدمندم) [/c]تقام هذه الرقصة في دائرة مكونة من صفين،صف رجال وصف نساء ويرقص رجل وامرأة في وسط الدائرة بخطوات موسيقية بين سريعة وبطيئة حسب النغمات للأغنية الشعبية.إن الفنون الشعبية هي نتاج المجتمع،والمجتمع إمتداد لغيره فالماضي الإنساني متواجداً دائماً في حاضر الإنسان.،فالتقاليد والعادات والقوانين والعلاقات الإنسانية المرتبطة بالعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والفنون والملابس والأدوات والمأكل والمشرب واللهجات وخصائص الفكر الإنساني نفسه،ليست وليدة الحاضر ولكنها حصيلة تجارب وخبرات تمثل تراثاً يمكن تتبع أصله من الماضي القريب أو البعيد ومن خلال هذا التراث تشكل الشخصية الاجتماعية الإنسانية وتحدد درجة وعيها الاجتماعي.أما انقطاع الجذور فيعني انتفاء الصلات بالنسبة للفن بل للثقافة عموماً وما يعنينا هنا في الفنون الشعبية انتقاء الأصالة والسياحة،والتسطح وافتقار الفن والترقيع من هنا وهناك حتى أصبح الفن مشوهاً بلا هوية أو مضمون ولا نعني بتأكيدنا على شرعية الصلات والتأثير والتأثر في المجال الفني أو غيره ولا نعني به التبعية وفقدان الهوية والتميز والثقافي والفني وإنما التحويل منوط بملكة الإبداع عبر نسيج الكلمات والنغمة الموسيقية فالذي يوحى به التأثير والثأثر من خارج المحيط البيئي المحلي قد يفجر ينابيع أو أنهاراً متدفقة من الفنون الحية من البيئة الداخلية بطريقة المحاكاة ثم الإبداع وهذا ما وجدته في رقصة البرع التي نالت إعجاب جمهور الفن في المهرجانات الفنية المحلية أو الدولية.
إن دراسة الفنون الشعبية ومنها الرقص الشعبي ودراسة رواد هذا الفن وثقافتهم وتمسكهم بالتراث اليمني الأصيل مع دراسة العوامل المؤثرة على هذا الفن سواء كانت سياسية أو إنسانية سمحت لنا برؤية هذه الفنون الشعبية الأصيلة والتعرف على البيئة التي انبعثت منها الأنغام الموسيقية التي صاحبت هذه الرقصات من الآلات الشعبية،وما ثم إدخاله من الفنون الأخرى على الحركات الموسيقية والراقصة من الفنون الافريقية أو دول الخليج العربي والجزيرة وتأثرت بها الموسيقى اليمنية نتيجة التبادل الثقافي والفني والهجرة إلى هذه الدول،وهذا يتطلب استيعاب هذه الفنون إلى جانب الاطلاع الواعي على ثقافة وفنون هذه الدول وما أخذته منهم فنوننا الشعبية انطلاقاً من الجوانب الإنسانية في المقام الأول والفكرية والسياسية والثقافية أيضاً..وما يتوافق مع متغيرات العصر الفني الحديث تتشكل ملامحه وتنضج سسماته.