بعد سير حثيث وطويل امتد لسنوات عديدة طرحت فيها كثير من المشاكل المحلية التي تعاني منها اليمن في ظل تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للحكم المحلي واسع الصلاحيات تفاجئنا وزارة الإدارة المحلية بتوجه جديد يعاكس كل الخطوات التي قطعتها الإستراتيجية ويعود بنا ليس فقط إلى نقطة البداية بل إنه يفتح مجالاً واسعاً للفساد وارضاً خصبة للمفسدين من نبش المال العام وبروز قضايا تنموية في المحافظات وتذمر من أعضاء المجالس المحلية عند ما يخاطبهم المواطنون بشأن مشاريع خدمية بأن الدعم مركزي والتمويل من صنعاء ونعود إلى ما كانت عليه من الحكم المركزي .هذا الابتكار الجديد باختصار شديد هو جمع جبايات صناديق النظافة في المحافظات لتصب إلى صندوق واحد ومركزي مقره الوزارة في صنعاء ومنها توزع الإيرادات على المحافظات على أن تحصل المحافظة الموردة على نسبة معينة من المبلغ، معللين ذلك بأن هناك محافظات فقيرة لا تملك موارد مالية كافية لأن سكانها يتوزعون على الأرياف بعكس بعض المحافظات الحضرية الغنية مثل الأمانة وعدن وحضرموت.إنه ابتكار في ظاهره الرحمة وباطنه هدم مفهوم اللامركزية والحكم المحلي واسع الصلاحيات الذي تسعى إليه اليمن لإخماد نار هذه الفتن وحل كثير من المشاكل التنموية في المحافظات خصوصاً أن الإستراتيجية تسعى إلى تنمية القدرات البشرية والإمكانيات المادية اللازمة وتمكن المجالس المحلية من إدارة التنمية بمهنية وكفاءة فعالة مبنية على شراكة فاعلة بين وحدات الحكم المحلي وكافة الأطر التنظيمية في المجتمعات المحلية، فكيف للمجالس المحلية أن تدير التنمية بمهارة وهي محرومة من اكبر إيراد لها ؟ وهذا يؤدي إلى تعثر المشاريع الحالية وعودة المشاريع المتعثرة التي كنا نرى مثلها كثيراً.نحن نتساءل ماذا تريد وزارة الإدارة المحلية من المجالس المحلية ؟ وكيف تود منهم أن يخدموا مجتمعاتهم وهم سوف يظلون ينتظرون أقساطها إلى أن تأتي سواء سنوية أو شهرية؟ أضف إليه أن المحافظات رتبت قضاياها التنموية على قدر مواردها وعلى أساس حرية الصرف والتصرف بما يتناسب وموقع المحافظة الحضري والسياحي والثقافي ويتماشى مع التشتت السكاني فيها حيث إن سكان اليمن 24 مليوناً يتوزعون في 135 ألف تجمع سكاني وهو ما يصعب على المركز خدمتهم ولن تتم خدمتهم إلا عبر بناء سلطات محلية قادرة على التواصل وخدمة المواطن والوصول إليه . القرار الذي تسعى الوزارة لإصداره لم تشرك كل المحافظات في مناقشته وإثرائه خصوصاً أن تعزيز الحكم المحلي يقوم على قناعة يشترك فيها الجميع فأين القناعة في هذا القرار؟ خاصة أن محافظة عدن وهي من المحافظات ذات الإيرادات الضخمة لم تستدع عند مناقشة مسودة القرار ولم يرق لصانعي هذا القرار استدعاؤها مثل غيرها لمعرفتهم السابقة معارضتها له لا من باب المكابرة وعدم التفهم بل للوضع الاقتصادي الذي ستؤول إليه المحافظة حيث أن صندوق النظافة لديه أكثر من2800 عامل هم المسؤولون عن إظهار عدن العاصمة الاقتصادية للبلد بمظهر جميل ونظيف ،والتزاماتها أمام المواطنين بتوفير فرص سياحية واستثمارية.في الأخير نداء نوجهه إلى وزارة الإدارة المحلية مفاده: لا تجعلوا اليمن تعود أدراجها إلى الخلف في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للحكم المحلي التي تعتبر ترجمة صادقة للبرنامج الانتخابي لفخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية الرامي إلى تعزيز اللامركزية وتوسيع المشاركة الشعبية في إدارة الشأن المحلي بما يستجيب لمتطلبات تحقيق أهداف التنمية الشاملة.
قرار يهدم مفهوم اللامركزية والحكم المحلي واسع الصلاحيات
أخبار متعلقة