من البديهي والمعمول به في كافة الأنظمة السياسية الديمقراطية أن يصبح للأحزاب المعارضة دور مهم لا يقل أهمية عن الحزب الرئيس في البلد كون المسار الديمقراطي لا يستقيم بدون المعارضة التي تعمل على تقويم السياسات وإصلاحها جنباً إلى جنب السلطة الحاكمة ولا تبقى مجرد تواجد مفرغ من البرامج والخطط الجادة والتي من الممكن أن تصبح بديلاً أو مسانداً للحكومة. من هذا المنطلق نجد أن أحزاب المعارضة الفاعلة في الدول الديمقراطية تشكل حكومة ظل. لها تواجدها ولها أنصارها المؤمنون ببرامجها المستوعبة لهمومهم وتطلعاتهم .. لذلك نجدها تنتقد وتعترض وتراقب السلطة التنفيذية في أي شأن من شؤون المجتمع والدولة وفق آليات دستورية وقانونية وتقديم المقترحات والبدائل لتصحيح الخطأ والخلل، هذا من جهة أولى ومن جهة أخرى فان المعارضة تحترم وتعترف بسلطة الحكومة المنتخبة كما تحترم الأغلبية الأقلية السياسية وتتعاون مع الحكومة لأجل الصالح العام، فهي لا تقوم بالمعارضة لأجل المعارضة بل إن المعارضة تشكل جزءا متمما للنظام السياسي فالمعارضة قد تكون غدا في الحكومة وبالعكس..فماذا عن المعارضة اليمنية وماهية دورها في المجتمع .. لاشك في أن الإجابة عن هذا السؤال تبعث على الأسى وتولد مئات من الإ ستفهامات الأخرى التي تصب بمجملها في مواقف أحزاب المعارضة الغوغائية التي تنم عن نزعة تطرف وحقد دفين أعمى على المشروع الوطني والحضاري الذي ينعم في ظله هذا الوطن، وعلى النهج التعددي الديمقراطي الذي اختاره شعبنا أسلوب حياة لصنع حاضره ومستقبله وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة، بعيداً عن الشمولية أو الوصول إلى السلطة عبر الانقلابات أو التآمر.لاشك في أن أحزاب اللقاء المشترك والتي تمثل الطرف الآخر للمعادلة السياسية اليمنية اليوم تؤكد حقيقة دورها في خلق النهج اللا توازني الذي يضيف أعباء ومشاكل على الساحة الوطنية وهذا كما يعلم الجميع هو ديدنها منذ أن منيت بالهزائم الشعبية المتلاحقة عبر صناديق الاقتراع مما جعلها تذهب الى ما ذهبت اليه بغير وعي وإدراك للوصول إلى سدة الحكم بأي أسلوب كان ولو دفعها ذلك إلى التحالف مع الشيطان,طالما وأن مبدأها الغاية تبرر الوسيلة .هذه الغاية مافتئت تسيطر على عقول هؤلاء دون الالتفات أو حتى مجرد التفكير بما سيؤول إليه الوطن من إرهاصات سلبية تكون نتائجها أكثر قتامة على الجميع ولن تنحصر على من يريدونهم فقط,وإلا ماذا يعني ذلك التحالف المتطرف والمشبوه والعدائي للوطن الذي أبرمته تلك الأحزاب الخائنة مع العناصر الحوثية الخارجة على النظام والقانون والداعية إلى إعادة الحكم الكهنوتي الامامي, وحاولت أن تجعل من نفسها دولة داخل الدولة,العصابة التي أشعلت الفتنة في محافظة صعدة وحرف سفيان، التي أكلت الأخضر واليابس، ونتج عنها سقوط الآلاف من الشهداء والجرحى والمعوقين من أبناء القوات المسلحة والأمن والقوات الشعبية والمواطنين الأبرياء؛ بالإضافة إلى تدمير الاقتصاد الوطني، وخلق المعاناة القاسية لآلاف من النازحين، نتيجة تلك الفتنة،ضاربة بكل الأعراف الدينية والأخلاقية عرض الحائط بخيانتها لأرواح ودماء الشهداء الزكية التي سقطت خلال تلك الفتنة والتي كانت تقف خلفها وتدعمها تلك الأحزاب أو ما يسمى “باللقاء المشترك” دعماً مادياً ومعنوياً خلال مراحل حروبها الستة وتوفر لعناصرها الغطاء السياسي والإعلامي,وهو ما يتضح وبجلاء من أن تلك القوى وما تقوم به من إضرار بالوطن وبمصالحه العليا من إثارة للفتن والدسائس يمثل عنواناً رئيسياً لأهدافها العدائية للوطن وأمنه واستقراره.وعلى الرغم من هول الفاجعة ولن نقول الصدمة من ذلك التحالف كون تلك الأحزاب قد أكدت غير مرة انجذابها وبشكل يثير الاشمئزاز إلى كل ما هو خارج عن الثوابت الوطنية ومؤسسات الدولة الدستورية والقانونية ليكون في الأخير خروجاً على إرادة وتطلعات الشعب اليمني الناشد للأمن والاستقرار والذي لا يتأتى الا بفرض هيبة الدولة على كل اليمن وهو مالا تريده هذه الأحزاب الساعية دوماً إلى معارضة كل ماهو إيجابي ويشكل مطلباً شعبياً ,فيما نجدها تقف موقفاً عاجزاً أمام القضايا ذات العلاقة بحقيقة وجودها كمعارضة تقدم البدائل والحلول للمشكلات الاقتصادية أو حتى السياسية بشكل مسئول ودون اللجوء الى فرض برامج صيغت في ظلام حرصها وأنانيتها القائمة على مصالح فردية بحتة، باتت هي المسيطرة على زوايا ومراكز هذه الأحزاب بعيداً عن مطالب وهموم القاعدة الشعبية حتى تلك التي كانت تتأثر ببرامجها الخطابية صار اليوم اليقين مكتملاً عندها أن لا فائدة من سياسات هكذا أحزاب خاصةً بعد أن كشفت القناع عن حقيقتها بذلك التحالف الغريب ولا غرابة في شيء كانت ومازالت الشياطين حاضرة فيه وتستمد منه قوتها واستمرارها .إذن هل يمكن التنبؤ بما سيأتيه الزمن المزدحم بعبث هذه الأحزاب من حقائق تكون أكثر فضاضة وعداوةً لهذا الوطن وهذا الشعب أم أن ماهو قائم على الواقع يعد الفضاضة بعينها .. أم هل ستعود هذه الأحزاب إلى رشدها رغم أن هذه العودة لن تأتي فالسجل حافل بالمواقف التي تدمي القلب وتنكأ الجراح.. فلك الله ياوطني.
بعد التحالف المشبوه..لك الله يا وطني
أخبار متعلقة