معارك ضارية بين مقاتلين سنة والقاعدة في شوارع بغداد والجيش الأمريكي يراقب
بغداد/14 أكتوبر/رويترز:أزداد عدد القتلى المدنيين العراقيين جراء الهجمات والتفجيرات خلال شهر مايو المنصرم بمعدل 30% عن الشهر الذي سبقه ليكون واحدا من أعنف الشهور. كما تكبد الجيش الأميركي خسائر فادحة بلغت 122 جنديا لتكون الأكبر منذ نوفمبر/ 2004م.وأفادت مصادر في وزارات الداخلية والدفاع والصحة العراقية قولها إن زهاء 1951 مدنيا قتلوا خلال مايو الماضي أي بزيادة تقدر بـ30%.وكان 1689 مدنيا عراقيا قتلوا في أبريل الماضي، وفق إحصاءات جمعت من مصادر عراقية في وزارات الداخلية والدفاع والصحة. لكن الحكومة العراقية ترفض حتى إصدار إحصائية رسمية لعدد ضحايا العنف.وكانت أعمال القتل تراجعت نسبيا في بغداد عقب انطلاق الخطة الأمنية في منتصف فبراير الماضي بمشاركة نحو 90 ألف جندي عراقي وأميركي. لكن العنف ازداد في مناطق خارج العاصمة، كما عادت التفجيرات العنيفة إلى بغداد خلال الأسابيع القليلة الماضية.كما شهد الشهر المنصرم أكبر خسائر بشرية للجيش الأميركي في العراق منذ نوفمبر 2004م.وأعلن الجيش الأميركي مقتل ثلاثة من جنوده، اثنان سقطا في تفجير عبوة ناسفة في بغداد الأربعاء والآخر توفي متأثرا بجروح أصيب بها الثلاثاء في انفجار عبوة في الشمال الغربي منها، ليرتفع إلى 122 عدد قتلى الجيش الأميركي في مايو الماضي ليكون بذلك ثالث أسوأ شهر عليه منذ غزو العراق في مارس 2003م.كما أعلن الجيش الأميركي أيضا إصابة ثمانية من جنوده عندما فجر انتحاري سيارته المفخخة في نقطة مراقبة الأعظمية شمالي بغداد.وتكبد الجيش الأميركي 137 قتيلا في نوفمبر 2004م الذي شهد أيضا معركة الفلوجة، لكنه في الشهر المنصرم لم يشهد أي عملية عسكرية واسعة.واعترف الجنرال بيري ويغينز نائب مدير العمليات الإقليمية في هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية أن مايو السابق كان "قاسيا"، وعزا سبب هذه الخسائر المرتفعة إلى الإستراتيجية التي تبنتها واشنطن مطلع العام والتي جعلت من وقف العنف في بغداد أولوية يجري تنفيذها عبر تعزيز القوات الأميركية في العراق.ورغم ارتفاع الخسائر الأميركية أعلن وزير الدفاع روبرت غيتس أن الولايات المتحدة تبحث مسألة وجود عسكري بعيد المدى في العراق بموجب ترتيبات ثنائية مع الحكومة العراقية.وقال غيتس للصحفيين إن تقويما للإستراتيجية الأميركية في العراق لا يزال مقررا في سبتمبر القادم، لكنه يفكر في وجود أميركي في هذا البلد على المدى البعيد شبيه بذلك القائم بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بعد انتهاء الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي.من جهته أقر الرجل الثاني في الجيش الأميركي بالعراق الجنرال ريموند أودييرنو بأن القوات الأميركية والعراقية لم تحقق تقدما كافيا في بغداد, رغم انخفاض عدد ضحايا العنف الطائفي.وقال أودييرنو إن القوات الأميركية أعطيت صلاحيات للقيام باتصالات مع بعض العشائر ومجموعات مسلحة لعقد تحالفات وهدنة لدعم الجهود الأمنية المبذولة في العراق.في سياق أخر أعلن زعيم نافذ لإحدى العشائر أمس الجمعة ان مقاتلي العشائر السنية بدأوا مع تنظيمات مسلحة أخرى مقاتلة عناصر تنظيم القاعدة في شوارع حي العامرية المضطربة غرب بغداد, وأكد شهود عيان ان المواجهات مستمرة.وقال الشيخ حميد الهايس زعيم مجلس إنقاذ الانبار (ائتلاف عشائر سنية في محافظة الانبار) "لقد أرسلنا خمسين رجلا من الشرطة السرية من أهالي الانبار الى حي العامرية في بغداد وبدأوا بضرب تنظيم القاعدة فيها, ولقد تمكنا من قتل الكثير منهم".ويشهد حي العامرية السني في بغداد حرب شوارع بين تنظيمات مسلحة منذ يومين, فيما تقول مصادر عسكرية ان وتيرة القتال انخفضت منذ وقت متأخر من مساء الخميس.وقال رائد محمد احد سكان حي العامرية "منذ صباح (الخميس) اندلع قتال ضار في الشوارع الرئيسية في العامرية بمختلف أنواع الأسلحة بين الجيش الإسلامي وكتائب ثورة العشرين من جهة وبين جماعة دولة العراق الإسلامية من جهة أخرى".والجيش الإسلامي وكتائب ثورة العشرين هما تنظيمان قوميان مرتبطان بأنصار النظام السابق, فيما ترتبط الدولة العراقية الإسلامية بتنظيم القاعدة المتشدد.وأضاف محمد الذي يعمل موظفا في احدى الدوائر الحكومية "ان الجيش العراقي والأميركي يراقبان الاشتباكات عن بعد ولا يتدخلان فيها". وأضاف "نناشد الحكومة إنقاذنا وقتل هؤلاء المجرمين (القاعدة)". وتابع "لا نستطيع الذهاب الى المستشفى ولا نقل أي مصاب أو جثة إليها بسبب الوضع الأمني الخطير", مؤكدا "رأيت جثثا ملقاة في الشوارع".يشار الى ان حي العامرية هو احد أحياء بغداد الراقية وفيه شوارع ومنازل حديثة البناء وحدائق لكنه تحول مؤخرا الى منطقة حرب وتهجير وقتل على الهوية. وقال عبد العزيز العيساوي وهو رجل أعمال من الأهالي ان "المنطقة محاصرة بشكل كامل من قبل قوات الأمن". وأضاف "القتال عنيف في الشوارع منذ يومين ولا نستطيع حتى النظر من خلال نوافذ المنزل ولم نستطيع النوم طوال الليل بسبب القتال وانقطاع التيار الكهربائي بالكامل وعدم توفر الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية". وتابع "الأولاد يبكون من الخوف واختبأنا طوال الليل في احدى الغرف (...) نحن نعيش في معاناة كبيرة".وأكد مصدر عسكري رفض الكشف عن اسمه ان "القوات العراقية والأميركية في الحي فرضت اليوم حظرا للتجوال على المركبات فقط من اجل السيطرة على الاشتباكات".وأضاف المصدر ان "قائد تنظيم القاعدة في منطقة العامرية المعروف بالحاج حميد قتل وتم اعتقال 45 عنصرا اخرين خلال اشتباكات اندلعت بين قوات الأميركية وأهالي المنطقة من جهة ضد تنظيم القاعدة هناك".وقام الجيش الأميركي بتولي مهمة اعتقال عناصر التنظيم ونقل جثة زعيمهم, وفقا للمصدر.من جهته, قال المتحدث باسم الجيش الأميركي ان "الوضع غير واضح حتى ألان". وقال الهايس ان "عملية مماثلة أنطلقت في حي الغزالية (المضطرب في بغداد) ضد القاعدة أمس (الجمعة) ولدينا معلومات كافية عن أماكن تواجدهم وسوف نقتص منهم بعد ان أنهكوا عاصمتنا بالتفجيرات والقتل", مشيرا الى ان "الأشخاص سيعملون في ثياب مدنية وبسرية تامة".وأكد الهايس "أننا سنحارب كل ميليشيات تقتل أهلنا في بغداد".ومجلس إنقاذ الانبار, الجناح المسلح لمؤتمر صحوة الانبار وهو تحالف من عشائر العرب السنة, يقاتل تنظيم القاعدة في غرب العراق.وكان هؤلاء الرجال يدعمون القاعدة في هجماتها ضد القوات الأميركية والعراقية لكن الوضع تغير بعدما أصبحت هجماتها تستهدف المدنيين وشيوخ العشائر الأمر الذي اغضب السنة في مناطقهم بالإضافة الى تدخلاتها في فرض أحكام شرعية على المواطنين، ومنذ أكتوبر الماضي, بدأ تحالف من شيوخ العشائر بجمع أبنائهم ودفعهم الى التطوع في الشرطة ووحدات طوارئ تقاتل حاليا الى جانب القوات الأميركية والجيش العراقي.واعتبر قادة أميركيون ان هذه الخطوة هي من أفضل التطورات التي حدثت في العراق فيما وصفه الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأميركية بأنه "مذهل".