دور صندوق الأمم المتحدة للسكان في دعم قضايا السكان في اليمن
أمين عبدالله ابراهيم :أجمعت العديد من الدراسات التحليلية والأبحاث والمسموح العلمية التي أجريت في بلادنا حول قضايا السكان والتنمية، على أن معدلات النمو المتسارع للسكان يشكل أحد التحديات الرئيسة التي تعيق جهود الدولة نحو تحقيق تنمية بشرية مستدامة ، وهو الأمر الذي أكدته الحكومة وجميع الشركاء في مجال السكان والتمنية في الجمهورية اليمنية، مما ساعد ذلك على التوجه الجاد نحو صياغة وإعداد السياسة الوطنية للسكان التي تعكس الرؤية الإستراتيجية للدولة تجاه هذه القضايا حتى عام 2025م والتي أدت بالتالي الى وجود إجماع لدى كافة الجهات المعنية وذات العلاقة بضرورة أن تتخذ الحكومة كافة التدابير والإجراءات اللازمة لترجمة مضامين وأهداف السياسة السكانية في شكل خطط وبرامج عمل تنفيذية ملموسة يكون لها تأثير مباشر وايجابي على مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ,وبما يساعد على التخفيف من حدة الفقر ، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين على مدى المتوسط والبعيد .ونظرا لكبر حجم الإشكاليات والقضايا والتحديات السكانية وتشعباتها المختلفة الناتجة عن الارتفاع الكبير والتزايد السريع في عدد السكان - والتي تتواكب أو تتوافق بأي حال من الأحوال مع مواردنا المتاحة- فان الحكومة لا تستطيع "منفردة" استيعاب ومعالجة كل هذه الإشكاليات والتحديات السكانية الراهنة دون أن يكون هناك دعم ومساندة حقيقة وفاعلة من قبل المنظمات والهيئات الأممية والدولية والدول المانحة والداعمة .ومن هذا المنطلق فقد حرصت الحكومة اليمنية على تعزيز وتطوير وتقوية علاقات التعاون والتنسيق مع تلك المنظمات الدولية مناجل حشد اكبر قدر ممكن من الموارد اللازمة لمواجهة التحديات السكانية والتنموية المختلفة.ويعتبر صندوق الأمم المتحدة للسكان إحداهم الشركاء الرئيسيين في مجال العمل السكاني والتنموي في بلادنا، بشهادة شركاء التنمية الوطنيين، حيث بدا الصندوق في تقديم العون والمساعدة لليمن عام 1992م إثر إعلان الوحدة اليمنية المباركة، بهدف دعم جهود الحكومة في إعداد الاستراتيجيات والسياسات العامة وتطويرها، ومنها تحقيق السياسة الوطنية للسكان، وذلك من خلال قيام الصندوق بتنفيذ برنامجه القطري الجديد في اليمن خلال 2007-2011 م، الذي يشتمل على ثلاثة مكونات رئيسية تتمثل في خدمات الصحة الإنجابية، البرامج والمشروعات ذات الصلة بقضايا السكان والتنمية / البرامج المرتبطة بقضايا النوع الاجتماعي التي تستهدف تحقيق المساواة بين الجنسيين.ويسعى صندوق الأمم المتحدة للسكان من خلال ادراج مكون خدمات الصحة الإنجابية في برنامج القطري الى الاستجابة الفاعلة الحاجة لليمن.في مجال تنمية الرأسمال البشري وتعزيز أداء شبكات الحماية الاجتماعية باعتبار ذلك احد أولويات التنمية في اليمن وضرورة لازمة لبلوغ أهداف التنمية الألفية، وهذا لن يتأتى ما لم يتم إدماج الإستراتيجية الوطنية للسكان والصحة الإنجابية في خطط وبرامج التنمية على المستوى المركزي وعلى مستوى المحافظات والمديريات وسيسعى الصندوق من خلال هذا المكون الى زيادة الوعي العام بأهمية وضرورة خدمات الصحة الإنجابية مما يفضي الى زيادة الطلب عليها من قبل الفئات المستهدفة وخاصة الشباب من الجنسين .وسيستمر الصندوق في تقديم الدعم والإسناد لوزارة الصحة العامة والسكان لتكون قادرة على تفعيل استراتيجياتها الوطنية وخاصة فيما يتعلق بتوفير خدمات الصحة الإنجابية على مستوى المحافظات والمديريات والعمل على جعل هذه الخدمة متاحة للجميع وإتاحة خيارات متعددة في مجالات تنظيم الأسرة لا تقل في حدها الأدنى عن ثلاثة خيارات، مع حشد المزيد من الموارد وبما يساعد المزيد من الأمهات الحوامل الحصول على خدمات الولادة تحت إشراف كادر طبي مؤهل , وسيركز البرنامج القطري في سياق هذا المكون على رفع درجة الوعي العام بأخطار مرض نقص المناعة الطبيعية (الايدز) وسبل الوقاية منه .وتماشيا مع توجيهات الدولة نحو اللامركزية والإدارة الرشيدة وانسجاما مع أهداف الخطة الخمسية للتنمية الخاصة بوزارة الصحة العامة والسكان للأعوام 2006ــ 2010م ودعما لأنظمة الرعاية الصحية على مستوى المديريات , سيسعى صندوق الأمم المتحدة للسكان لإنشاء وحدة جديدة تسمى بوحدة "دعم البرامج" و التي ترتبط إدارياً بقطاع السكان التابع لوزارة الصحة العامة والسكان، وتهدف هذه الوحدة الى تامين خدمات الصحة والرعاية الإنجابية على مستوى المحافظات والمديريات المستهدفة وتنمية الوعي المعرفي لدى الفئات المستهدفة بأهمية مثل هذه الخدمات وبما يفضي الى تملكها وإدارتها على المدى البعيد والمتوسط، وستدار وحدة البرامج وفق اطر وشروط مرجعية محددة سيتم الاتفاق حولها مع وزارة الصحة العامة والسكان ووزارة التخطيط والتعاون الدولي , فضلا عن صندوق الأمم المتحدة للسكان . وستتخذ الخطوات والإجراءات الملائمة في هذا الاتجاه اثر التوقيع الرسمي على الخطط التنفيذية للبرنامج القطري الجديد لصندوق الأمم المتحدة للسكان , وستعني وحدة دعم البرامج بتعزيز البناء المؤسسي للهياكل والأنظمة الإدارية وبما يفضي الى الربط الجيد بين مدخلات البرامج ومخرجاتها ويحسن من أداء أجهزة التخطيط واليات التنسيق والتقييم والمتابعة ويفضي الى نشوء جماعات ضاغطة ومناصرة لقضايا الرعاية والصحة الإنجابية على المستوى القطاعي ويدفع الى تسريع وتيرة العمل والانجاز لبرامج الصحة الإنجابية على مستوى المحافظات والمديريات باعتبار ذلك حقا أساسياً من حقوق الإنسان.ويسعى صندوق الأمم المتحدة للسكان من خلال هذا المكون للبرنامج القطري الى الوصول الى مخرج واحد يتمثل في " التطبيق الفاعل للإستراتيجية الوطنية للسكان والصحة الإنجابية " ويأتي هذا المخرج متوافقا مع المحددات المنظمة للدعم والإنفاق العام الممتد لسنوات متعددة حسب لوائح وأنظمة الأمم المتحدة والذي يدعم الجهود الرامية " لتامين خدمات الصحة الإنجابية للمزيد من الشرائح المستهدفة وزيادة الطلب عليها " , كما أن هذا المكون من البرنامج القطري يصب في خانة احد مخرجات مصفوفة الأطر المرجعية للمساعدات التنموية للأمم المتحدة والذي ينص على " حدوث تحسن ملحوظ في السياسات العامة والموارد المتاحة والقدرات المؤسسية وبما يمكن من الربط بين معدلات النمو المتسارع للسكان من جهة , وبين مستوى الخدمات الاجتماعية الأساسية الملبية لحاجيات المواطن من جهة أخرى وبما يتماشى مع خيارات التنمية ويجعل من هذه الخدمات متاحة وبصورة متكافئة للجميع ".كان ذلك هو المكون الأول للبرنامج القطري , وسوف نتناول المكون الثاني " البرامج والمشروعات ذات الصلة بقضايا السكان والتنمية " في العدد القادم من هذه الصفحة السكانية " السكان والتنمية " .