شحات ..
هى مدينة التقت فيها شواهد التاريخ، أطلالها تحدث عن الأزمان، وتخبر عن حضارات مضت، مدينة عرفت بارتدائها لثوبها الأخضر على مر العصور، وكأنها روضة من رياض الجنة، فيها نغرق فى عذوبة الليل، ونغتسل بهمسه، أما صباحها فترانيم عشق وابتهالات . تعتبر مدينة شحات الأثرية من أبرز المعالم السياحية فى ليبيا، وتقع على الجبل الأخضر وبالتحديد شمال شرق مدينة البيضاء، أما المدينة الأثرية فتقع شمال المدينة الحالية.الجدير بالذكر أن شحات كانت تعرف باسم قورينا، وتعتبر من أغنى المدن الأثرية فى تلك المنطقة، كما أنها من أقدم المدن الأغريقية التى عرفتها ليبيا، وقد توجت بكونها عاصمة الإقليم منذ تأسيسها عام 631 ق.م، حتى القرن الثالث الميلادي، ونظرا للنهضة المتعددة الجوانب التى شاهدتها قورينا حيث كانت تضاهى أثينا فيما بلغته من فن وحضارة و إرث تاريخي، برز منها العديد من العلماء والفلاسفة.المعلومات تقول عندما احتل الرومان الجبل الأخضر فى القرن الأول قبل الميلاد أطلقوا على تلك المنطقة منطقة المدن الخمس لإحتوائها على خمسة مراكز عمرانية كبيرة هى قورينا «شحات»، أبولونيا «سوسة»، طلميثه «بطوليمايس»، يوهيسبرديس- برنيقى «بنغازي»، وتوكره«العقورية».يذكر أن شحات مثلها مثل بقية المدن الأثرية التى مرت بمراحل تاريخية متعددة منذ تأسيسها ويمكن أن نوجز ذلك على النحو التالي:العصر الملكى الذى إمتد من 440-631 ق.م، ثم العصر الجمهورى 440- 323 ق.م، العصر الهللينيستى - البطلمى ما بين 323 - 96 ق.م، وأخيرا العصر الرومانى - البيزنطى ما بين 96 ق.م. - 642 م.شهدت هذه المدينة أوج شهرتها فى العصر الأغريقي، حيث أصبحت من أهم مدن الشمال الأفريقي، وبرز ذلك فى إقتصادها بإنتاجها لنبات السلفيوم الذى كان من السلع النادرة حينها، بل وكانت تعمل على تصديره إلى أغلب أجزاء العالم القديم، ونتيجة لهذا التقدم الذى أحرزته والذى ظهر جليا فى جوانب حضارية أخرى برز منها الفلاسفة والعلماء والشعراء، كما سبق وذكرت، بل وعملت على مد يد العون لكثير من المدن الإغريقية عند الأزمات.أطلال المدينة تتحدث عما ترك قاطنوها فى السابق، التى وبلا شك تدل على حضارتهم، ويمكن أن يتجلى ذلك من خلال ما تم عرضه فى المتاحف من منحوتات وفخار وعملة وأدوات متنوعة أخرى.ما إن تدخل إلى شحات حتى تجتذبك منطقة الحرم الدينى التى تحتوى المعالم الأتية: البوابة الإغريقية ومبنى مجلس القادة السترتيجون، بالإضافة إلى بوابة الحرم الرومانية ثم النافورة العين الهللنيستية ومعبد هاديس، وأخر لمؤله مجهول، ومعبد جايوس ماجنوس ومعبد ومذبح أبوللو إلى جانب عمود براثوميديس ونافورة الحورية قوريني، ومعبد ارتميس ومذبحه ومعبد هيكاتى والمسرح الأغريقى المحول إلى امفتياتير وجدار نيكوداموس وحمامات تراجان والحمامات البيزنطية.