تحقيق : يحيى جابر 12 عاما من الغربة عاد بعدها إلى أرض الوطن " فارغ اليدين" .. كلمات عبد الرحيم لأهله بعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية بأنه " لا يملك شيئا" كانت كفيلة أن تكون صدمة كبيرة.لم يكن عبد الرحيم وحده العائد بدون شيء فقد سبقه بأيام فقط رفيق السكن والعمل وسنوات الغربة محمد، وقبله " آدم العديني، الذي اغترب 8 سنوات.مكان واحد حدده المغتربون العائدون من أمريكا لاستقبال ضيوفهم .. الجميع يترقب بشدة تحركاتهم وهمساتهم وحتى لبسهم ونوع (القات) الذي يمضغونه ولهجاتهم التي خلطت العربية بالإنجليزية.كسر صمت المكان احد هم باعترافه بندمه على سنوات غربته في أمريكا، قائلا " خرجت منها كما دخلت (صفر اليدين), وتعرضت للسجن والترحيل الإجباري إلى اليمن. (سبأنت) التقت بالمغتربين العائدين من أمريكا وناقشت معهم معاناتهم ومعاناة زملائهم من اليمنيين المغتربين هناك وكيف عادوا من أمريكا مرحلين..[c1]الطريق إلى أمريكا [/c]يقول عبد الرحيم راشد "مغترب لمدة 12 عاما في أمريكا" انه أخذ مال من والدة واقترض فلوس من أصدقائه حتى جمع مبلغ 500 ألف ريال هي تكاليف الرحلة وما تبقي منها ستكون مصاريفه حتى يجد عمل عندما يصل أمريكا.عبد الرحيم يؤكد أن رغبة جامحة في جمع الثروة دفعته للهجرة، رغم أن ظروفه المادية كانت جيدة في اليمن .وقال " لقد تحطمت أحلامي كلها في أول يوم وصلت فيه إلى أمريكا فقد وصلت إلى منطقة بولاية نيويورك ليس فيها عرب ولم يستقبلني الأشخاص الذي يفترض عليهم ذلك .وقال " في هذا المنطقة توقفت أكثر من ثلاث ساعات " تمنيت لو أن طائرة حاضرة في تلك اللحظات لتعود بي إلى صنعاء ، لأنني كنت سأتعرض لعملية نشل بالغصب ".. " الحمدلله لم يقع شئ " .. مضيفا " بعد ساعات اتصلت بشخص لم يكن في الحسبان كان رقمه تلفونه على أجندة تلفوناتي ليحضر ويأخذني معه ويوفر لي بعد ثلاثة أيام عمل، عبارة عن عامل في احد السوبر ماركت بدوام 12 ساعة متواصلة أقوم بترتيب وإعادة تنظيم وتحميل الرفوف بالبضائع " . وأضاف أن العمل في السوبر ماركت استمر سنة كاملة .. وقال : " كانت سنة متعبه تحملتها بسبب الالتزامات التي علي "الديون" التي يجب سدادها لوالدي وتوفير مصاريف الأولاد الأربعة والزوجه"..وفي السنة الثانية .. يقول عبدالرحيم رغم انتقاله إلى عمل أفضل وبعائد اكبر يصل إلى الفين وخمسمائة دولار ، الا ان قدوم اخوة الأكبر إلى اميريكا واصدقاء آخرين تطلب منه التوقف عن العمل والبحث عن عمل لهم ومشاركتهم السكن ودفع مبالغ مالية اثرت على رحلته للبحث عن الثروة. [c1]طريق إجبارية [/c]بعد الحصول على عمل مريح وبعائد كبير والشعور بالاستقرار يقوم المغتربون اليمنيون والعرب بحزم أمتعتهم مرة أخرى للبدء برحلة جديدة بحثاً عن المصوغ القانوني والرسمي للإقامة في اميريكا ، ولكي تحصل على ذلك يجب أن تحصل على الجنسية الأميركية .يقول المغتربون إن تكاليف الحصول على الجنسية الأميركية كبيرة وتستلزم تضحية بالمال والعمر ففي هذه الرحلة يتعرض هؤلاء للسجن وخسارة كل أموالهم التي يجمعونها والترحيل الإجباري في الأخير.يقول آدام العديني وهو المغترب في أميريكا لمدة ثمان سنوات " نحن اليمنيون والعرب بشكل عام لكي نأخذ الجنسية الاميريكة نضطر إلى الزواج بامرأة أميريكة، لأن القانون الاميريكي لا يمنح الجنسية إلا لمن كان متزوج بأمريكية او يعمل في مؤسسة او شركة كبيرة سبق ان وافقت على توظيفه لديها لأن لديه شهادة جامعية بتخصص هم بحاجة اليه، والتي في المقابل تقوم الاخيرة بعد ثلاث سنوات بمنحة شهادة الضمان انه عنصر استفادة من الشركة وامريكا بشكل عام ، ليمنح بموجبها الجنسية ". وتابع العديني " لكن معظم اليمنيين ليس لهم شهادات عليا للعمل في تلك الشركات فيلجئون إلى الزواج بامرأة أميريكية ، فالقانون الأمريكي يمنح الأجنبي المتزوج بأمريكية الجنسية ".. وقال " ان المحاكم الامريكية وهي المعنية بإصدار بطاقة الجنسية "الجرين كرت " تفرض عليك أولا تعيين محامي أميركي ليتابع قضيتك عندها ، بالاضافة الى شروط اخرى بأن يكون لديك سكن ملك ، وعمل ثابت. وبهذا فتحت الولايات المتحدة الامريكية ملفات قضائية للمغتربين ، فحسب العديني وعبدالرحيم واخرين .. يتطلب ذلك دفع مبالغ مابين 10-20 الف دولار في الشهر كاجور للمحامي ورسوم قضائية لمتابعة معاملة الجنسية في المحاكم الامريكية يقول " آدام " لم يكن في الحسبان أن معاملة الجنسية الأمريكية ستأخذ مننا سنوات عمرنا فقد تصل إلى العشرة سنوات ،فالذي يأخذ الجنسية بعد خمس سنوات يعتبر من المتوفقين " الذي أمه دعت له في ليلة القدر ".. وقال " إجراءات المعاملة معقدة، أنهم لا يريدون مننا إرسال المال الذي نجمعه إلى اهلنا ويأخذونه منا مرة أخرى بهذه الطريقة ". "عبدالرحيم" الذي حصل على الجرين كرت في العام 2001م أي بعد خمس سنوات من المعاملة المضنية احتفل يوم حصل عليها وغمرته السعادة اكثر من يوم زفافه واكثر من يوم حصوله على مولود ، لانه كما قال "لاقئ الويل "، ويعرف انه بحصوله عليها تنتهي كل مشاكله. مغترب عائد الى ارض الوطن رفض ذكر اسمه وهو مرحل إلى اليمن جبريا لعدم تمكنه من الحصول على الجنسية قال " ان اليمنيين والعرب بشكل عام بعد أحداث 11 سبتمبر كانوا يتعرضون لغارات ليلية في أمكان وجودهم وسكنهم من قبل الـ أف بي أي ، الذين يقومون بتفتيشهم ومسألتهم فيما إذا كانو ينتمون الى جماعات ارهابية وفي حال عدم وجود أوراق تثبت إقامتهم الشرعية يقومون باحتجازهم والتعامل معهم بغير إنسانية تماما..وأضاف ان السلطات الامنية الاميريكة قامت بأخذ العديد من اليمنيين وإيداعهم في سجون متفرقة داخل الولايات ".عبدالرحيم يؤكد أن أصدقاءه الستة ادخلوا السجون ولم يتبق منهم سوى اثنين فيما الاخرين تم ترحيلهم من اميريكا إلى اليمن اجباريا، بعد ان فرضت عليهم غرامات أفقدتهم ما كانوا يمتلكونه من اصول كالسيارات والمتاجر والبيوت ، وفي بعض الأحيان استدعت إلى الاقتراض ، وهو ما يعني عودة إلى ارض الوطن فارغ اليدين ".ويرى "آدم العديني" ان عودة المغتربين خاليين اليدين سببها إجراءات السلطات الاميريكية التعسفية تجاه العرب ,إضافة إلى تعرضهم لهجمات من يسمون بالزنوج في مقار أعمالهم وهي ( المتاجر، المحطات ) وتهديهم بالسلاح واخذ كل من بحوزتهم ويقول أن سر نجاح بعض المغتربين في أمريكا يرجع إلى دخولهم في اعمال تجارة الخمر او بيع لحم الخنزير وهو الطريق الذي رفضته انا وبعض اليمنيين .واعتبر إن نجاح بعضهم في اعمال عادية من قبيل الصدفة ، حيث ان السلطات الامريكية لا تدعم المغتربين ، بالاضافة الى عدم مساعدة السفارة اليمنية للممغتربين هناك .ويؤكد عبدالرحيم منددا " لقد أرسلنا أكثر من شكوى بتوقيع معظم المغتربين اليمنيون إلى السفارة اليمنية مما نتعرض له من اضطهاد داخل امريكا لكن لم نتلق أي تجاوب و"هذا مايزيد الطين بله " ويجعل امور المغتربين تزداد سوء بخلاف الجاليات الاخرى. ويعلن آدم العديني ندمه قائلا " لو إن عمرنا الذي قضيناه في أميركا كان باليمن لكان وضعنا أفضل ودخلنا المادي أكيد كان أوفر واستطعنا أن نبنى وطننا ونربي أبنائنا ونعيش بسلام دون خوف من هجمات الـ" اف بي أي" وتهديدات الترحيل إلى اليمن ، نحن فعلا نادمون على غربتنا ونعتذر من الوطن الغالي ".[c1]دور الحكومة في حماية المغتربين [/c]الحكومة لم يكن لها دور فيما مضي لحماية المغربين لا من قريب ولا من بعيد، ويقول الدكتور صالح سميع وزير شؤون المغتربين في كلمة بحفل تدشين خدمات التأمينات على المغتربين اليمنيين في السعودية بداية الشهر الجاري :" ان الجمهورية اليمنية مقبلة على مرحلة جديدة تنظر فيها القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية والحكومة الجديدة برئاسة الدكتور علي محمد مجور الى المغتربين اليمنيين في الخارج من خلال إستراتيجية جديدة محورها ان المغتربين اليمنيين في الخارج ثروة قومية لا تنضب . واضاف وزير شؤون المغتربين انه انطلاقا من الرؤية الاستراتيجية الجديدة للقيادة السياسية والحكومة باعتبار المغتربين ثروة وطنية وقومية لا تنضب فان وزارة شؤون المغتربين شرعت في اعادة هيكلتها ومراجعة تشريعاتها على المستوين القانوني واللائحي وشكلت اللجان المتخصصة لاعادة هيكلة الوزارة وبنيتها التشريعية وتم التركيز على الاهتمام بتخطيط الهجرة وكذلك الدفاع عن قضايا المغتربين باعتبار ذلك من صلب مهام وزارة شؤون المغتربين. وقال وزير شئون المغتربين الدكتور صالح سميع انه سيتم اختيار فريق عمل من القانونيين والمختصين لهذا الغرض وسيتبع هذا الفريق مكتب وزير شؤون المغتربين مباشرة كما كشف ان وزارته بصدد القيام بعملية حصر لقضايا المغتربين .. وأضاف "اننا قادرون على حصر قضايا المغتربين وقادرون على الدفاع عن المغتربين في الداخل والخارج ".. وأشار الى ان وزارته بصدد افتتاح مكاتب تتولى متابعة قضايا المغتربين في كل من الرياض وجدة وقطر وابو ظبي وبريطانيا وامريكا كما انها ستتعاقد مع مكاتب محاماة في هذه الدول والدول التي فيها جاليات يمنية بهدف الدفاع عن قضايا المغتربين اليمنيين في أماكن اغترابهم .ولفت الدكتور صالح سميع إلي أن وزارته قد أنشئت غرفة عمليات على مدار الساعة لتلقي شكاوي المغتربين اليمنيين في الخارج ومقترحاتهم وهناك دراسة لانشاء مركز معلومات خاص بالمغتربين كما ان هناك دراسة لحصر المغتربين والكفاءات وتصنيفها .وكانت اليمن قد دشنت مطلع الأسبوع الجاري في العاصمة السعودية الرياض نظام التأمينات للمغتربين اليمنيين في المملكة العربية السعودية بهدف حماية حقوقهم المستقبلية
يمنيون اغتربوا في أمريكا.. فشلوا في جمع الثروة و عادوا إلى الوطن مرحلين
أخبار متعلقة