د. زينب حزام في مكتبة الأحقاف توجد كنوز ضخمة من المخطوطات اليمنية، تقبع في رفوف المكتبة، وهي مازالت رهن السبات العميق ، تنتظر الباحثين والدارسين للاطلاع والاستفادة من هذه الكنوز التي كتبها العلماء والفقهاء اليمنيون هذه الظاهرة الحضارية في مكتبة الاحقاف الشهيرة بالمخطوطات التي تحتويها فيها كنوز قيمة من المعلومات في علم الفقه وعلم النفس والاجتماع والرياضيات واللغة والشعر والأدب العام، إضافة إلى علم الجغرافيا والاكتشافات الفضائية والخرائط والتاريخ وغيرها من العلوم الإنسانية. وهناك مخطوطات متناثرة في المكتبات والجوامع تحتاج إلى أيادي باحثين يقومون بجمعها وتوثيقها في مكتبة موحدة حتى لا تتعرض للتلف والضياع، وهذا ما نريد عرضه في موضوعنا هذا، لإنارة الطريق للأجيال القادمة إلى النور والعمل، والتواقة إلى المعرفة والاستفادة منها لتحمل المعرفة والعلم.
[c1]تعريف المخطوطات [/c]
المخطوطات هي كتب كتبت بخط اليد سواء كان ذلك على الجلد أم الهارق القماش أو الأديم أو اللحاف أو أوراق البردي أو الورق العادي وهي المنتشرة في المكتبات العربية المفتوحات الإسلامية. والمخطوطات الموجودة في مكتبة الأحقاف تشكل مجموعة من الأوراق مكتوب عليها بخط اليد الأنيق والمرتب والمزخرف بالنقوش والخطوط الذهبية، وكتبت بالمداد، فهناك مخطوطات مكتوبة بالمواد مستخرج من الزاج أو الدهن والدخان، وقد استعملت في كتابة هذه المخطوطات أقلام من السعف والقص والقنب وكتبت هذه المخطوطات بالخط الكوفي والنسخ والمدور والمستقيم والمرسل، وقد أبدع المؤلفون في كتابتها وزودوها بالمعلومات القيمة والعناوين البارزة والرسومات والصور والزخارف والنقوش، وقد أهتم العلماء اليمنيون بتدوين أبحاثهم ودراستهم الميدانية، وقد تناولوا الدراسات والعلوم الإنسانية والفنون وتوثيق الأحداث التاريخية التي مرت بها اليمن القديم واليمن الحديث، كما أهتم الكتاب والأدباء اليمن بدراسة التراث اليمني والغموض في الحياة الاجتماعية واليومية والقصص والأساطير، وركوب الهجين المنتشرة في صحراء حضرموت. والواقع أن مكتبة الأحقاف في حضرموت تتميز بنظام التوثيق الجيد حسب الموضوع والمقارنة والشرح والبحث العلمي، وهذه المكتبة تحتوى ثروة طائلة من التراث اليمني النادر والثمين وتضم هذه المكتبة نوعين من المخطوطات والوثائق التاريخية الأولى وهي الأصل للمخطوط نفسه، الثانية وهي النقل للمخطوط ، ويكتفي في هذه الحالة بالاطلاع على الميكروفيلم أو الصورة المأخوذة من المخطوط. ويمكن للباحث قراءة المخطوط وتصويره. ومن أقدم المخطوطات التاريخية في مكتبة الأحقاف وهي تاريخ العصر الذهبي لأحد أدباء حضرموت، إضافة إلى مخطوطات أبن خلدون مؤسس علم الاجتماع الذي ابتعد في مؤلفاته عن النقل والتقليد ومواكبة الملوك، إضافة إلى كتب من القرآن الكريم وما شملت من قصص تاريخية، وتاريخ الأنبياء وكتب مخطوطه تبين الصراع السياسي التي مرت به اليمن في عام 626هـ وتأسست دولة اليمن وعرفت بالدولة الرسولية وتنسب إلى أسرة يمنية إلى محمد بن هارون بن ابي الفتح بن يوحى بن رستم من ذرية جبلة بن الأيهم يعود نسبها إلى عمرو بن عامر الذي غادر اليمن مع قومه بعد انيهار سد مأرب وسكنت الشام والحجاز والخليج.
وفي المكتبة أيضاً كتب مخطوطة للرحالة الإسلامي ابن بطوطة وصور لرحلاته ومخطوطات الخزرجى في وصف الحالة العلمية والسياسية ومخطوطات تبين نظام الدولة الرسولية والحكم اللامركزي في حضرموت والشحر وظفار والمخلاف السليماني. تضم مكتبة الأحقاف مخطوطات قديمة وحديثة فصلية ومصورة تحمل في صفحاتها تراثنا القديم والحديث وأمجاد أجدادنا وإبائنا ، فالباحث والدارس في هذه المكتبة الثمنية ويمكنه الغوص في أعماقها والاستفادة منها. ويمكننا عند زيارة مكتبة الأحقاف التعرف على مجلدات تاريخ مدينة حضرموت والغزو البرتغالي لها والمعارك التي دارت في تلك الفترة مع دراسة الوثائق التاريخية لهذه المدينة، يمكننا الاستفادة أيضاً من هذه الوثائق التاريخية والتعميق في دراستها عند كتابة التاريخ الحديث لحضرموت. لاشك أن العمل الثقافي الذي تقوم به المؤسسات الثقافية حماية التراث في اليمن والجهود المبذولة من قبل المفكرين والدارسين لتحقيق كتب التراث هي محل تقدير الباحثين والمثقفين في هذا المجال.. ويبقى ضرورة ترميم هذه المخطوطات والحفاظ عليها من أجل بناء مجمع ضخم يضم كل المخطوطات القديمة والحديثة، إننا من خلال هذا الموضوع وعبر صفحتنا الثقافية هذه ندعو إلى إزالة ما علق بتراثنا اليمني والمخطوطات القديمة والحديثة الموجودة بمكتبة الأحقاف ومكتبة جامع زبيد ومكتبة الجامعات اليمنية ومكتبة باذيب وغيرها من المكتبات التي تحتوى كنوزاً من المخطوطات النادرة والقيمة، وإزالة ما علق بها من رماد الحياة علنا نجد في ثناياها مايهم الحضارات المعاصرة، وما يقود الفكر الحديث إلى فتوحات وانتصارات تكنولوجيا تربط ثقافات وعلوم دول العالم في قرية واحدة يستفيد منها الإنسان الحديث في عصر الفضائيات والكمبيوتر والانترنيت ، عصر الانتصارات العلمية والثقافية والفنون المثيرة، قاصدين من وراء ذلك العثور على المزيد من مفاتيح المعرفة، ونضعها بكل اعتزاز بين أيادي أجيالنا الحاضرة والقادمة لترشدهم إلى جذورنا التاريخية الأصيلة يشكل أفضل.
[c1]القيمة التاريخية للمخطوطات وكيفية الحفاظ عليها [/c]إن إعادة بناء المخطوطات وترميمها وحياتها عملية لا تتم فجأة على النحو الذي يمكن أن يتم خلالها العثور عليها في الحفريات الأثرية القديمة، أنها لا تتم من خلال الارتداد التلقائي إلى كل قديم وإنما الأصالة لجهد تحصله الأمة وتبلغه للأجيال من خلال الحركة الإعلامية والدعايات الثقافية والأدبية للتراث القديم والحديث، ومن خلال المناقشة والندوات لسرد القيمة التاريخية والعلمية لهذه المخطوطات ، تصبح المسؤولية أكبر وأدق أمام الباحث أو الدارس. إن المخطوطات القديمة نجدها مبعثرة في عدة مكتبات في الجمهورية وبعضها نجدها في رفوف الكتاب والأدباء الراحلين وأسرهم، ففي مدينة مأرب التاريخية توجد عشرات المخطوطات حبيسة قبور مظلمة تحتوى على آثار قديمة لدولة سبأ. وفي الجامع الكبير بصنعاء عثرت إحدى البعثات المصرية التي زارت اليمن بعد سقوط الحكم الإمامي على أكداس من المخطوطات في مكتبة الجامع الكبير، وكانت تشكل الجزء الأكبر من مكتبة الجامع الكبير. وفي تريم قرية صغيرة في حضرموت كانت ومازالت منارة إشعاع تضاهي الأزهر ، ترقد ثروة مخطوطية نادرة، وتوجد نسبة في هذه المخطوطات بحوزة إحدى أسر حضرموت العريقة. هذه الكنوز التي بقيت لنا من تاريخ الأجداد نجدها متناثرة هنا وهناك تحتاج إلى مكتبة ضخمة تضمنها ودراسة شاملة لإعادة ترميم ما تلف منها، أن الجزء الأكبر من مخطوطاتنا مازال سراً مغلقاً لا تصل إليه أيادي الباحثين والدارسين ، حتى نكتشف ثقافة أجدادنا.