سطور
د. زينب حزام قرأت العديد من قصائده الشعبية التي صور فيها حال المرأة اليمنية في الريف اليمني وما تعانيه من هموم نتيجة غياب زوجها المهاجر إلى الدول العربية المجاورة بحثاً عن لقمة العيش الشريفة. ومعظم قصائده بسيطة وعميقة وجذابة تتضمن نظرات ثاقبة في مواضيعها ، كما يختزل الشاعر اليمني الدكتور سلطان الصريمي تاريخ الشعر اليمني وهموم المواطن. ودفعني ثراء مؤلفاته الشعرية ومقالاته الصحفية وأسلوبه الذي خلا من الثرثرة والتزحلق إلى مطالعة كل ما كتب عن “ القرية اليمنية وعاداتها وتقاليدها” وقد نالت قصائده الشعبية إعجابي وقررت لقاءه في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي في احد مؤتمرات اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في عدن . كنت اكتب الشعر الحر وعرضت عليه ما كتبت وعلى عدد من النقاد فتضاربت الآراء حتى ترسبت الحيرة في نفسي ، ولم استطع الاهتداء إلى رأي حاسم وكنت حينها احضر رسالة الماجستير “ في الدعاية والإعلام للأدب العام والدراسات الأدبية” في موسكو وانتهيت إلى ترجيح فكرة الحصول على رأي الدكتور والشاعر والصحفي سلطان الصريمي في ذلك الوقت. علمت انه في يوم كذا يزور مبنى صحيفة ( 14 أكتوبر) بالمعلا ، فمضيت متأبطه قصائدي المخطوطة التقيت به على السلم الخارجي لمبنى الصحيفة القديم ، رجلاً متواضعاً هادئاً.. ثقيل الخطو يحمل كثيراً من الكتب والمجلات .. عرفته وعرفته بنفسي، وعرضت عليه أوراقي وأفسح لها مكاناً بين ما يحمل وقال:نلتقي إن شاء الله غداً في الموعد نفسه .تركته وفي يديه أوراقي وقصائدي ، فقد عرف بأنه رجل متواضع يقدم الدعم الأدبي لكل مبدع ومبدعة.. مضى اليوم ثقيلاً والرأس مشغول.. كنت استشعر أني أمتلك القدرة على كتابة القصائد ، لكنني برغم اجتهادي في تشكيل القصيدة يخالجني شعور حاد بعدم الرضا عنها. ولم أتحمس لمن استحسنوا ماكتبت . إن لوعة الكاتب الجديد تلهيه وتحاصره وهو ينتظر على جمر الشوق رأي النقاد الجادين والمخلصين. وربما كان إدراك بعض النقاد لأهمية رأيهم وتأثيره - خاصة إذا كان سلبياً قد يدفعهم لامتداح الناشئ دون حق .. مما يخلف لنا في الحياة الثقافية والفنية من اعتقدوا تمتعهم بالموهبة وامتلاكهم قدرات غير عادية على الإبداع ، وهذا ما يدعونا دائماً للتأكيد على ضرورة قيام النقاد بأدوارهم التقييمية في فرز الإبداع الجديد بصورة مستمرة وطرح الرؤى النقدية فيه بموضوعية وصدق ومصارحة لا تهاون فيها ولا تهوين. وقدالتقينا كما رسم بالضبط .. وقال : ما كتبته جيد ، عليك بالاستمرارية بالقراءة والاطلاع والنزول إلى ارض الواقع، لمعرفة هموم الناس. كان الكلام واضحاً وموجزاً إلى درجة أنني دهشت ، فلم انبس بحرف للحظات..أبتسم مشجعاً فقلت: - كنت أود ان اعرف رأيك في قصائدي؟قال: لقد قلت رأيي استمري في كتاباتك فالمستقبل يبشر بالخير.إنه رجل قليل الكلام، شحيح النصح. مد مخطوطاتي إلي ، قائلاً : استمري في إبداعاتك ، أنني أتوقع لك النجاح الكبير . ثم غادر مبنى الصحيفة قائلاً : استودعكم الله واشد على أياديكم الكريمة وانتم الصحفيين ، بارك الله في مساعيكم وفيما تبذلونه من جهود في سبيل الثقافة ، واكتساح ميدان العلم.