البنود الستة التي اشترطتها الحكومة على المتمردين في صعدة وبموجبها تم إيقاف الحرب بعد التزام المتمردين الذين أشعلوها وكانوا سببا فيها وما ألحقته بهذه المحافظة والبلاد على وجه العموم تبقى هي الشروط المنطقية واللازمة في هذه الحالة، ومن هنا كان موقف الحكومة واضحاً منذ وقت مبكر في طرح تلك الشروط وعدم التراجع عنها في أي مرحلة من المراحل.وبما أن كل تلك الشروط في مجملها هي المنطق الصحيح إزاء إنهاء هذه الحرب العبثية، إلا أنه يبقى من الأهمية بمكان التوقف عند الشرط الخامس الذي ينص “الإلتزام بالدستور والنظام والقانون “، كونه أهم الشروط لارتباطه تحديداً بالثوابت العليا ألا وهي الدستور والنظام والقانون والتي يجب ان تسري على الجميع ولا يحق لأي فرد أو جهة أو طرف أن يتجاوزها ويضعها في خانة التفاوض أو المتاجرة السياسية أو تحت أي بند كان وفي أي ظرف كان.وتبقى الأهمية أيضاً في الشرط الخامس انطلاقاً من أنه الشرط الوحيد الثابت وغير المتغير ولا ينتهي كبقية الشروط التي تنتهي مباشرة بمجرد تنفيذها على الأرض، بينما الدستور والنظام والقانون هي مسائل وطنية مقدسة ولا ترتبط بزمن أو حادثة معينة، ومن هنا تأتي أيضاً أهمية هذا الشرط في أنه سيمثل ولأول مرة ضمانات حقيقية بعدم تكرار التمرد الحوثي والعودة للحرب التي ستعني الحرب على الدستور والقانون وعلى الوطن، حيث سيختلف الوضع هذه المرة عن الحروب السابقة كون التمرد الحوثي اعترف وأقر بهذا البند وبمعناه الوطني الذي لا يحتمل أي لبس أو تأويل. وإن كان الجميع ينظر اليوم بعين التفاؤل لإيقاف الحرب في صعدة بالتزام الطرف المتمرد بالنقاط الست، وهو الأمر الطبيعي، الذي يبشر بعدم عودة هذه الفتنة والحرب العبثية، لكن علينا التأكيد أن مبدأ الثوابت الوطنية العليا وفي مقدمتها الدستور والقوانين، هو مبدأ سامً ومظلة تجمع تحتها كل أبناء الوطن دون تمييز أو تفرقة على مبدأ المساواة تحت بند الحقوق والواجبات المقررة في الدستور والمحددة أطرها في القوانين وبالتالي تشمل كل ما يتعلق بالوطن بمعناه الكبير، أي ان كل تجاوز من أي فرد أو جماعة للدستور والقوانين بأي شكل كان يعتبر خروجاً على ثوابت هذا الوطن ويستحق المساءلة القانونية التي تحفظ للوطن اعتباراته العليا تلك، ما يعني أن الدعوات الانفصالية والتشطيرية هي أيضاً تقويض للدستور والقانون وبنفس القدر فإن الأمر ينطبق على تشكيل أي مجموعة تسعى للفرقة والشتات وإستهداف الممتلكات العامة والخاصة وإثارة ثقافة الكراهية والبغضاء بين أبناء الوطن، وأعمال الفوضى والتخريب ورفع الشعارات التي تستهدف الوطن ومقدراته وثوابته العليا.إن الدساتير والقوانين في أعراف كل الدول والمجتمعات تعتبر من المقدسات التي لا تحتمل حتى مجرد النقاش، ومن الطبيعي أن يختلف أبناء الوطن الواحد في كل شيء ويكون لذلك الاختلاف قنواته المتعددة لكنها لا يمكن أن تخرج عن الدستور والقوانين بل على العكس هي تمثل القاسم المشترك والمظلة التي يلجأ إليها الجميع لتجاوز خلافاتهم، لأن الأساس في الأمر أن الوطن فوق الجميع وأكبر من كل الاعتبارات الأخرى، وهو المفهوم العميق الذي نحتاج أن نستوعبه في يمننا الحبيب وأن نطبقه دون جدال أو خلاف.
الدستور والقانون روح الشروط الستة
أخبار متعلقة