أضواء
وصل (عبَّاس) مدينة الرياض قادماً من مكة بطريقة التهريب بعد أسبوع من قدومه المملكة بغرض أداء العمرة، واستقبله بعض معارفه، وأخذوه في اليوم التالي إلى (السمسار) ليدبِّر له العمل كالمعتاد. سأل السمسار عباس عن نوع العمل الذي يرغبه ويجيده، وكان معارفه قد زودوه بالتوجيهات فقال... كلّه...أخذ السمسار يتفحص وجه عباس... كان يلبس قبعّة مكسوة بالريش الكثيف على رأسه بطريقة أهل بلده... حاجباه بارزان وشعرهما كثيف أبيض... وجهه شديد السواد... فكّاه كبيران... أنفه عريض وفتحتاه واسعتان.... أسنانه شديدة الصفار... عيناه كبيرتان بارزتان شديدتا البياض يزدادان بروزاً عندما يهم بالكلام. رفع السمسار كفه وقال... خَلَصْنَا.... ساحر... عملك يا عباس لازم يكون ساحر... أنت تصلح تكون ساحر وبس... فقال عباس ... ساحر شنو...؟؟؟ قال السمسار... بكره تعرف يا عباس. في اليوم التالي أخذ السمسار عباس لجناح هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في معرض الكتاب بالرياض... وقال له... خلِّك ساكت... اسمع زين... وشف... واحفظ... ولا تحكي. كان جناح الهيئة في المعرض عن السحر والسحرة... صفاتهم... وسائلهم... طرقهم... العلامات التي تدل عليهم... إلخ... وشرع السمسار يسأل رجل الهيئة الموجود في المعرض عن كل شيء في الجناح... عن المسبحة الزرقاء... عن الكفوف... عن التعويذات... عن الطلاسم... عن كل النماذج التي تعرضها الهيئة في جناحها وتقول إنها من وسائل السحرة... وقرأ السمسار على عباس اللوحة الكبيرة التي كتبت الهيئة عليها العلامات التي تدل على الساحر ويعرف بها... (...يسأل عن اسم المريض وعن اسم أمه... يطلب حيواناً بعينه... يطلب بعض دمه ليسكبه على مكان الألم...إلخ...) وقال... هاه يا عباس حفظت...؟؟؟ فهز عباس رأسه موافقاً... فأراه السمسار التعويذة الكبيرة المعروضة في المعرض (مترين × مترين) وقال له... شف وش مكتوب تحتها... هذه دُفع فيها 700.000 ريال... فوضع عباس رأسه بين كفيه وقال... شنو... 700.000 ريال...؟ قال السمسار... شف وش مكتوب... أعدها الساحر لسحر أسرة بكاملها... فقال عباس متعجباً شنو...؟؟!! قال السمسار... هاه... أنت يا عباس لازم تسحر قبيلة... وبمليون. وخرج السمسار مع عباس من الجناح وقال له: خلاص يا عباس... عرفت شنو ساحر...؟؟؟ قال عباس... أيوه... قال السمسار: وحفظت كل شيء.... قال عباس... أيوه... قال السمسار: وتسحر قبيلة... قال عباس قبائل... قال السمسار والورقة اللي شفتها تعمل قدها؟؟ قال عباس... قدها عشر مرات... قال السمسار... انتبه... ترى لاعبي الكورة فلوسهم كثيرة.. ركِّز عليهم. واستأجر السمسار لعباس بيتاً متواضعاً في حي متواضع في جنوب الرياض... وبدأ تنظيم الحملة بالطرق المعتادة... وبدأت الزيارات. جاء شخصان للمنزل وجلسا في انتظار الدور... قال أحدهما للآخر... يمكن يكون دجّال... كيف نعرف أنه ساحر...؟ قال الثاني... لا تخف أنا أعرف الساحر من الدجال... قال الأول... وشلون...؟؟؟ قال الثاني: قريت علامات الساحر في جناح هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في معرض الكتاب... وجاء دورهما... فدخلا على (الساحر) عباس... وكان مظهره مخيفاً فلكز الثاني الأول وقال... شف شكله... شكله شكل ساحر... وخلّينا نشوف الباقي... وعرض الأول مشكلته... فسأله عباس عن اسمه واسم أمه... فلكزه زميله وقال هذه أولى علامات الساحر في لوحة هيئة الأمر بالمعروف... وبعد ذلك طلب الساحر أرنباً شديدة البياض... فقال الزميل مرة أخرى... وهذه العلامة الثانية... ثم طلب الساحر إحضار دم الأرنب بعد ذبحها فقال الزميل... وهذه العلامة الثالثة... واستمر عباس يطلب ما ورد في لوحة الهيئة التي قرأها عليه السمسار والزميل يلكز صاحبه في كل مرة ويقول وهذه علامة أخرى... وفي الأخير قال الزميل... خلاص... خلاص... هذا ساحر حقيقي... هذي علامات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالضبط. واشتهر عباس... أصبح الكثيرون يقصدونه... يقصده المرضى... ويقصده طالبو المكائد... ويقصده بعض إداريي أندية كرة القدم... وبعض أبناء القبائل... وحين تم القبض عليه كان قد أنجز للتو تعويذة ضخمة حجمها (خمسة أمتار × خمسة أمتار) قبض من أجلها مليون ريال... أعدها بناء على طلب أبناء إحدى القبائل بغرض سحر أبناء القبيلة الأخرى حتى تفشل مسابقة مزايين الإبل التي سينظمونها... ووجد عنده تعويذة أخرى أكبر أعدها لسحر فريق كرة قدم بكامله بمبلغ كبير.ومن واقع جميع ما تم ضبطه عنده تم إعداد التقرير... لقد كان كما ذكر من أعدوا محضر الضبط ساحراً خطيراً بدلالة أن كل علامات الساحر الموجودة في لوحة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متوفرة فيه.[c1]*صحيفة (الوطن) السعودية[/c]