بمناسبة الذكرى الـ (38) لتأسيس الصحيفة
ونحن نحتفل جميعاً كأسرة صحفية بالذكرى الثامنة والثلاثين لتأسيس صحيفة (14أكتوبر) عام 1968م.. أجبرتني المناسبة ان أقف مراجعاً أمام ما وصلت اليه من نجاح متواضع في مجال عملي الصحفي كمحرر اخباري في وكالة الأنباء اليمنية وصولاً الى نائب مدير الاخبار وما بذلته من جهد وتفاني في عملي على مدى (25) عاماً عاصرت خلالها العديد من قادة اليمن الحاليين والراحلين والمنفيين ومرافقة العديد من رؤساء وملوك العالم الزائرين الى اليمن.والحقيقة ان هذا النجاح بالنسبة لي كان الفضل الأول في تحقيقه لصحيفة (14أكتوبر) التي ترعرعت في كنفها منذ ريعان شبابي وتشبعت من مدرستها واغتسلت من حبرها ورائحة رصاصها.لقد عاصرت بدايات تأسيس الصحيفة منذ وقت مبكر من شبابي من خلال تواجدي الدائم مع والدي رحمة اللَّه عليه الذي كان حارساً ثم مراسلاً ونجاراً للصحيفة والمؤسسة.. وشاهدت مراحل اخراج الصحيفة وما يرافقها من جهد ومشقة لتواضع امكانيات الطباعة آنذاك.واتذكر حينها ان مقر الصحيفة كان في بداية السبعينيات في مبنى إدارة الضرائب في عدن بجانب المكتبة الوطنية وكان يرأس تحريرها الأستاذ/ سالم زين/ ثم أعقبه لرئاستها الأستاذ/ سالم باجميل/ وكانت الصحفية تصف يدوياً في شقة تحت شقة المرحوم/ عبدالواسع قاسم/ امام الهريش في كريتر من تجميع الحروف المصنوعة من مادة الرصاص ويتم تربيطها وتجميعها في قالب حديدي بحجم الصفحة وكانت الصفحات المصفوفة تحمل على الاكتاف الى مطبعة الصحيفة المتواضعة في شقة في حارة (الشريف) في كريتر.. وبعد الطباعة يتم تفكيك ورص الحروف في صناديق صغيرة حسب الاحرف الابجدية لإعادة تجميعها من جديد للطباعة.بعد ذلك وفي أواخر السبعينيات انتقلت الصحيفة الى قصر السلطان في الخليج الأمامي (الرزمت) حيث كان يرأس تحريرها الأستاذ/ عبداللَّه شرف/ وكانت رغم التطور النسبي في طباعتها بوجود ماكنات جديدة إلا ان تقطيع الورق الصحفي وتعطيف الصحيفة كان يدوياً.وقد كنت في تلك الفترة اقوم في الفترة المسائية بعد الدراسة بمهمة تقطيع الرولات للورق الصحفي بالمنشار الحديدي الى اجزاء تساعد آلة القطع (المقص) من تجهيز حجم ورق الصحيفة وذلك لعدم وجود آنذاك مقص كبير بحجم الرول الضخم وكنت اتقاضى (20 شلناً) نظير كل رول، بينما يقوم والدي يومياً بقطع الخشب لإكليشات الصور التي تلصق على الخشب.. اما الحروف فكانت تصهر في فرن في قوالب من الرصاص بعد الطباعة وادخالها في ماكينة لإخراج حروف جديدة آلياً عند الصف.واتذكر عدداً من الرواد الأوائل من الطباعين والصفافين والصهارين الذين كرسوا حياتهم لهذه المهنة واستنشقوا مادة الرصاص السام وامتزج عرقهم برائحة صهرها الحار في ظلام الليل لتخرج الصحيفة صباحاً الى النور ومنهم الأستاذ/ محمد جامع - مدير المطابع، وسعيد سلام، وسعيد راوح، وسعيد علي راوح، وراشد محمد ابراهيم، ومحمد جازم، ونائف، وانعم، ومشعل وغيرهم كثيرون ممن كانت لهم بصمات التطور المطبعي في اليمن.لقد ساهمت الصحيفة بشكل كبير في صقل موهبتي من خلال احتكاكي بالعديد من الصحافيين وقربي من مطبخ اخراجها وطباعتها.. وكانت بداياتي الأولى في الكتابة على صفحتها في أول مقال لي عام 1977م عندما كنت طالباً في الثانوية ويتعلق بافتتاح الرئيس الراحل/ سالمين/ للمعرض السنوي لثانوية باذيب.بعد ذلك انقطع تواصلي بالصحيفة لالتحاقي بالخدمة العسكرية عام 1978م ثم انضمامي مباشرة عام 1980م الى أسرة وكالة أنباء عدن سابقاً.. إلا ان صفحات الصحيفة كانت مفتوحة لمواضيعي المختلفة حتى يومنا هذا التي تشهد فيه الصحيفة تطوراً ملموساً وقالباً جديداً ومتنوعاً في اسلوب اخراجها وجرأة مواضيعها منذ تولي الأستاذ القدير/ أحمد الحبيشي/ رئاسة تحريرها.هذه بعض شواهد من الذاكرة لواقع وظروف العمل المطبعي للصحيفة في بداية مراحل تأسيسها والتي لم يعايشها او يعرفها من جيل اليوم الذي يعمل وفق تكنولوجيا حديثة وسهلة الاستخدام.فتحية شكر وتقدير للرعيل الأول ممن أسهموا في تأسيس الصحيفة من صحفيين وفنيين وطباعين وموزعين الذين كان لهم شرف تطور الصحيفة والعمل فيها بظروف قاسية وبامكانات متواضعة وشاقة.