عرض/ فيصل الحزمي/ أحمد الحامدرغم أن الموسمية لا تزال تحكم إنتاج الدراما التلفزيونية اليمنية إلاّ أنها دراما مبشرة وواعدة ولعل ما نشاهده في الموسم الرمضاني السنوي من أعمال ذات مستوى فني جيد رغم شحة الامكانيات المادية هو ما يجعلنا نأمل في إرتقاء الدراما المحلية مستقبلاً الى المستوى الذي يجعلها مؤهلة للمنافسة مع ما تنتجه البلدان المتقدمة في هذا المجال خصوصاً إذا تم فتح المجال بشكل أوسع أمام "الانتاج الخاص" ومؤسساته التي يبدو أنها الأكثر مقدرة على الاستثمار في الحقل الفني من القطاع العام ولأسباب معروفة ولا تحتاج للخوض فيها ..! الموسم الرمضاني الفائت أهدى إلينا باقة من الأعمال الدرامية المحلية التي تفاوتت مستوياتها بشكل ملحوظ إلاّ أنها في نهاية الأمر أظهرت مدى إصرار المبدع اليمني على التواجد على الخارطة الدرامية الرمضانية دون خوف من المقارنة بالاعمال المستوردة رغم قوتها وضخامة امكانياتها الانتاجية وخبرة صناعها المخضرمين واستمتع المشاهد اليمني بوجبة شهية كانت إضافة إبداعية لمائدة إفطاره الرمضانية وتفاعل معها لأن بها شيء يخصه هو .. فيها لهجته وبيئته وقضاياه وهذا ما جعلها الاكثر إمتاعاً من أي أعمال أخرى مهما بلغت جودتها الفنية وإبهارها وتشويقها ..!
المخرج/ عبدالكريم الاشموري
14 أكتوبر تابعت مع المشاهد اليمني ما أهدته إلينا الفضائيتين المحليتين قناة "الفضائية اليمنية" الرسمية و" قناة السعيدة" الخاصة .. وهذا ما خرجت به من انطباعات :ثلاثة مقابل واحد :قدمت الفضائية اليمنية (الرسمية) ثلاثة أعمال هي "شر البلية" الذي يتواصل للعام الثالث على التوالي رمضانياً و "شاهد عيان" الذي لم تعرض منه سوى عدة حلقات وكذلك " حياتنا " وهو كوميدية إرشادية تناقش قضايا السكان والتنمية وهذا أيضاً لم تقدم منه سوى حلقات معدودة فيما أكتفت قناة " السعيدة" الفضائية الخاصة بتقديم مسلسل " كيني ميني" الذي أخذت حقوق إنتاجه لهذا العام بعد أن كانت تنتجه مؤسسة "الخيل للدعاية والإعلان" وهو أيضاً مسلسل يتواصل للعام الثالث على التوالي وبنجاح طيب!وسوف نكتفي هنا بمناقشة العملين اللذين عرضا على إمتداد الشهر الكريم كاملاً..[c1]شر البلية .. وأحلى ما فيها [/c]
مسلسل " شر البلية " كوميديا الحلقات المنفصلة والتي تناقش قضايا مختلفة بعضها يتم تسليط الضوء عليه في حلقة واحدة تعتمد حكاية قصيرة ذات مدلول اجتماعي أو سياسي من خلال كوميديا الموقف وبسخرية قد تقارب " الصياغة الكاريكاتورية " في صناعة الشخصية أو الحدث أو الحوار وبعضها يستغرق حلقتين أو أكثر يقوم بكتابة حلقاتها الاستاذ " عبدالله ناصر سليمان" ويخرجها مخرجين هما " عبدالحكيم الحكيمي ومنير الحكيمي " وأبطالها الرئيسيين هم "عبدالناصر عراسي و إبراهيم الاشموري " و"سراب عادل " إضافة الى عدد من نجوم الدراما المحلية يظهرون في حلقات ويختفون في أخرى..والمشاهد الحريص يلمس منذ الوهلة الاولى ذلك الصدق الذي يتمتع به فريق هذا العمل في إحساسهم بمتاعب المجتمع ورغبتهم في طرحها أملاً في إيجاد حلول شافية لها لكنهم - وبكل أسف- يعانون من بعض نقاط الضعف التي تحول دون وصولهم بعملهم الى المستوى المطلوب فنياً .. وهي نقاط جذرية وليست هامشية أو فرعية أولها " صياغة السيناريو والحوار" التي بدت متخبطة وتفتقر الى الحرفية المطلوبة مما فتح المجال للإرتجال سواء في الحركة - حركة الممثلين والكاميرا- أو في الحوار والتطويل فيه والوقوع أحياناً في منزلق " الاستظراف" إن لم نقل "التهريج" مع الإعتذار لفريق العمل لكنها الحقيقة وهي سيئة أحاطت بمعظم حلقات الجزء الثالث مما شتت خيوط فكرة كل حلقة موهبة النجوم وقدراتهم الكوميدية لا تحتاج الى شهادة من أحد وخصوصاً النجمين " العراسي والأشموري " لولا أن الأخير في بعض الحلقات خرج عن عباءته ككوميديان وحاول إضفاء الجدية على أداءه فظهر في أداءه الكثير من التكلف ولم يكن مقبولاً كما هو في أداءه الكوميدي خصوصاً أنه يتمتع بملامح وصوت مميزين ويمكنه تطويعهما من خلال خفة ظله الفائقة ليصنع كاريكاتوراً خاصاً به ! " سراب عادل" خامة جيدة تحتاج الى الكثير من الصقل حتى تصبح ممثلة ينسجم أداءها مع تقاسيمها كوجه تحبه الكاميرات !!من أجمل مميزات الجزء الثالث أنه أستطاع إعادة النجم الكوميدي " آدم سيف" وفي قالب آخر غير قالب " دحباش" الذي ظهر به في مسلسله الشهيد .. ويبقى أن نهمس في أذني المخرجين برجاء أن يكثفا دراسة الخطة الاخراجية لكل حلقة قبل دوران الكاميرا حتى يبلغ الجهد الهدف المأمول .[c1]" كيني ميني 3 .. الأكثـر نضجاً [/c]قال البعض أن فريق عمل " كيني ميني" يكرر نفسه في كل موسم بتكرار الأفكار التي يطرحها ونحن نقول إن هذه مقولة ظالمة فأبرز ما في هذا المسلسل هو أنه "متجدد" حتى عندما يعيد طرح قضية سبق وأن تطرق إليها فإنه يطرحها بشكل آخر ومن زاوية أخرى حتى تشعر أنه يناقشها لأول مرة .. لماذا ؟ لأن " كيني ميني" ورق مكتوب بشكل صحيح وإخراج مدروس لا تتحرك كاميراته بعشوائية ولا تجد بين عبارات حواره كلمة زائدة أو خارجة عن سياق الموقف وهذا ليس تحيزاً منا لكنها ملاحظة يمكن لأعين الجميع إلتقاطها إذا ما ألتزموا الحيادية !ويحسب أيضاً لمسلسل " كيني ميني" إكتشاف وجوه جديدة " متميزة" تنبئ عن مستقبل واعد ومبشر إذا ما وجدت البيئة الفنية الصالحة للنمو نذكر من هذه الوجوه – على سبيل المثال وليس الحصر- الفنان الشاب " صلاح الوافي" الذي يذكرنا في قالبه العام شكلاً وأداءً ببدايات ملك الكوميديا العربية " عادل إمام في أعماله الاولى دون أن يقع " صلاح الوافي" خصوصاً أن تلقائية "الوافي" في مطب التقليد "لعادل إمام" خصوصاً أن تلقائية "الوافي" وأداءه الذي لا يشوبه التصنع أو الاستظراف يعطيه نكهة خاصة كفنان يمتلك "كاريزما خاصة به " .. ونذكر أيضاً الفنان الشاب " سلطان الجعدبي" الذي لا يقل مقدرةً وتميزاً عن "الوافي" ووجوه أخرى كان لها حضوراً ملحوظاً لولا أنها لم تقدم في المسلسل كأسماء منفصلة فلم يتح لنا معرفة أسماءهم بالتحديد لكنهم في النهاية كانوا "جروب أكثر من رائع" !ومن أجمل مميزات المسلسل تطعيمه بوجوه أجنبية " أمريكية – بريطانية – فيتنامية" إلخ إضافة الى النكهة اليمنية التي تتجلى في أعظم حضور لها من خلال شخصية الفنان الجميل / يحيى الحيمي أمده الله بالصحة والعافية والفنان القدير / عبدالرحمن المسيبي الذي تظهر قدراته مع كل شخصية يتقمصها وفي تلوين جاذب!!الكادر النسائي بقيادة النجمتين " منى الاصبحي + رضا الخضر" يستحق التأمل وبإعجاب لأنه أبرز نجومية الممثلة اليمنية من خلال تصويرها لنماذج مختلفة في مجتمعها اليمني وبدون تكلف أو خروج عن الواقعية أو مثاليات مبالغ فيها وأبرز النضج الذي يتمتع به الطاقم النسائي فلم يستطع النجوم الرجال تغطية بريق النجمات أو الطغيان بمواهبهن على قدراتهن فكان التنافس الجميل ظاهراً ومحسوباً لصالح العمل أولاً وأخيراً .. أخيراً ثمة ملاحظتان لا بد من وضعهما للضرورة "الأولى : هي أن على النجم "عادل سمنان" مراعاة مخارج الألفاظ أثناء نطقه لعبارات حواره لأن كثيراً من العبارات الخاصة " تطيش" وتؤكل ولا يستطيع المشاهد فهمها وهي نقطة سلبية يجب أن ينتبه إليها ليكتمل له الألق الفني ..الثانية: أن غياب الطفل / عبدالله السريحي أفقد المسلسل نقطة نجاح غير عادية وظهوره في حلقتين أو ثلاث لم يكن كافياً خصوصاً أن قدراته مبهرة !