د . لؤي عبد الباري قاسمنائب عميد كلية الحقوق جامعة عدننشأ نظام المجلسين في إنجلترا عندما تكون مجلس العموم بجوار مجلس اللوردات، ثم انتقل نظام المجلسين إلى عدد كبير من دول الديمقراطية التقليدية . وقد نشأ هذا النظام في إنجلترا لأسباب تاريخية تتعلق بالبناء الطبقي للمجتمع البريطاني .أما فيما يخص الولايات المتحدة الأمريكية فقد حدد الدستور في مادته الأولى أنه تناط جميع السلطات التشريعية الممنوحة هنا بكونجرس للولايات المتحدة يتألف من مجلس للشيوخ ومجلس للنواب .وفيما يخص حجج ومبررات نظام المجلس الواحد فقد جاءت على أساس أن يقوم بمهام السلطة التشريعية مجلس واحد يمارس الاختصاصات المقررة في الدستور التي أهمها الوظيفة التشريعية ؛ ومحاسبة السلطة التنفيذية في بعض النظم الدستورية . ويرى بعضهم أن مبادئ الديمقراطية تقضي أن تكون هذه الهيئة واحدة ، وذلك حتى تكون تعبيراً عن الرغبة الشعبية وإرادة الجماهير.إن أهمية إنشاء نظام المجلسين لدينا في الجمهورية اليمنية جاءت في (مبادرة الرئيس) مع طلب لتعديل بعض مواد الدستور، وإضافة مواد جديدة إليه كل ذلك مراعاة لتعزيز ومساندة النظام الجديد، ألا وهو نظام الغرفتين في البرلمان والذي يجمع بين كل من مجلسي النواب والشورى . وهو بمثابة تطوير لسلطات الدولة، حيث إن السلطات هي الاختصاصات القانونية للدولة كما حددها الدستور ، وهي عادة في الدولة ثلاث : السلطة التشريعية ؛ والسلطة التنفيذية ؛ والسلطة القضائية . وتعد السلطة التشريعية أهم هذه السلطات الثلاث ، فهي التي تقوم على عمل القوانين ومناقشتها ، وهي تستنير في المناقشة بآراء الشعب .[c1]تطوير النظام البرلماني :[/c]إن استحداث أو تطوير أي برنامج أو نظام في أي من مجالات الحياة يجب أن تكون بصدد النهوض والمضي نحو البديل الجديد لمسيرة الحياة ولمستقبل أفضل .نعني بهذا في ورقتنا هذه بأن التعديل المقترح من فخامة الأخ / رئيس الجمهورية لبعض من مواد الدستور إنما جاء لدراسة مسبقة ومتأنية بزغت فكرتها من المؤتمر التأسيسي لرابطة مجالس الشيوخ والشورى في إفريقيا والعالم العربي المنعقد بصنعاء في إبريل 2004م.إلى جانب ما ذكر في المذكرة الإيضاحية بشأن تطوير النظام البرلماني والأخذ بنظام المجلسين في هذه المذكرة الموجزة هي عرض مكتوب لتفكير بصوت مسموع ، وتهدف إلى إجراء تعديل دستوري محدود جوهره هو تحويل مجلس الشورى إلى غرفة ثانية في البرلمان . حيث حملت هذه الفكرة الدلالات الآتية :- أن تتكون السلطة التشريعية من مجلسين هما مجلس النواب ومجلس الشورى.- انتقال مجلس الشورى من إطار السلطة التنفيذية إلى إطار السلطة التشريعية ؛ مع ما يترتب على ذلك من مسائل تنظيمية وإجرائية .- إعادة تنظيم مهام الاجتماع المشترك للمجلسين الواردة في المواد الدستورية النافذة.والقصد من الارتقاء بمجلس الشورى إلى مواقع أو مكانة مجلس النواب ليس على صعيد المباهاة أو لغيره ممن قد يفسره بقصد أو بدون قصد ، وإنما لما سيكون على عاتقه من مهام تأخذ المفهوم التشريعي أكثر مما هو ذو طابع تنفيذي أو استشاري فقط . ويعني ذلك بشكل رئيس أن وجود غرفتين لمجلسين متجانسين يعد تكوينه في إطار واحد كمصدر لإخراج الكثير من الأعباء ، ولفلترة الكثير من الشوائب ، بدلاً مما كانت عليه في مجلس النواب فقط ، وسيكون ذلك بدرجة رئيسة في الاجتماع المشترك للمجلسين الذي سيعطي حتماً النتيجة المرجوة على صعيد القناعات سياسياً واجتماعياً .لربما يعتقد بعضهم أو يبدي تخوفه تجاه هذه التجربة ؛ وهو أمر طبيعي أن يحدث ذلك . ولكن متى ما اتخذ الإنسان موقفاً ايجابياً تجاه أي متغيرات على أساس الأخذ بعين الاعتبار مواجهة العقبات أو الإرباكات التي قد تحدث في أي مرحلة ولا يتقدم الإنسان أو يحدث تغيير وتطوير لينظم عمله وحياته دون المرور بها وللاستفادة من تجربتها ترسيخاً للمستقبل .ولأن كل فكرة أو مقترح تعديل لأي مواد الدستور بقصد إنشاء برلمان ذي غرفتين تشريعيتين لابد أن تسبقه دلالات وتليها مبررات وأهداف ومزايا حددت جميعاً في هذه المذكرة الإيضاحية بالآتي :أولاً: إذا كانت تجربة العديد من البلدان الديمقراطية تؤكد أفضلية الأخذ بنظام البرلمان ذي المجلسين على البرلمان ذي المجلس الواحد فإن تجربتنا اليمنية خلال السنوات المنصرمة تشير إلى ضرورة الانتقال إلى الثنائية البرلمانية وخاصة في الجانب التشريعي ؛ فلا شك أن تشريعاتنا أصبحت بحاجة ماسة لمزيد من الضبط والتدقيق ؛ ولن يأتي ذلك إلا بمشاركة ذوي الخبرة والكفاءة من أمثال أعضاء مجلس الشورى في العملية التشريعية وهذه المشاركة غير ممكنة إذا بقي مجلس الشورى في إطار السلطة التنفيذية وعليه فإن انتقال هذه المجلس إلى السلطة التشريعية إلى جانب مجلس النواب من شأنه أن يطور ويعزز العملية التشريعية ؛ يوفر لها قدراً أكبر من الرصانة والاستقرار ؛ وفي ذلك دون ريب مصلحة مؤكدة للوطن ولنظامه السياسي الديمقراطي.ثانيا: إضافة إلى ذلك فإنه عند انتقال مجلس الشورى إلى غرفة ثانية في البرلمان سيكون بمقدوره أن يقدم مساهمات فعالة في تهدئة وتسوية أي مشاكل قد تطرأ في العلاقة بين مجلس النواب والحكومة ( كما حدث في الآونة الأخيرة ) وذلك يشير إلى ما يمكن أن يقوم به مجلس الشورى من دور مهم في تفادي وقوع أزمات أو في حل أية مشاكل بصورة صحيحة وبما يكفل تعاون مختلف مكونات النظام السياسي الديمقراطي .ثالثاً: وينبغي أن يتم التعامل مع هذه الخطوة بوصفها جزءاً من عملية الإصلاح السياسي المتواصلة والنابعة من تجربتنا العلمية وفقاً لظروف ومعطيات واقعنا السياسي والاجتماعي ومستوى تطور الراهن ؛ دون أن يمنع كل ذلك الاستفادة من تجارب الآخرين .رابعاً : وينبغي كذلك أن يتم التعامل مع هذه الخطوة بوصفها لآليات النهج الديمقراطي على صعيد العلاقات بين هيئات الدولة وتأكيداً لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية .[c1]إجابة عن الأسئلة ووضع البدائل لها :[/c]ج1) الوقت المناسب لإجراء استفتاء على هذا التعديل يفضل أن يكون متزامناً مع الانتخابات الرئاسية أو النيابية المقبلة لأمرين ؛ أولهما لأن المواطن اليمني سيكون في أوج حضوره للانتخابات وبنفس الخطوة سيؤدي استفتاءه حينها أي سيتم كسب كثير من الوقت والحضور للاستفتاء .الأمر الآخر يمكن في توفير الكثير من المال والتحضيرات والزمن حين يكون الاستفتاء فاعلية مستقلة .ج2) يتم النص في مشروع التعديل على جزء منهم سيكون منتخباً؛ والجزء الآخر منهم سيعينون لاعتبارات يرى فيها رئيس الجمهورية ضرورة للخصوصية.ج3) لمن سينتخبون منهم انتخاباً مباشراً في اجتماع موسع لمجموع الأعضاء في لمجلس المحلي ومجلس المديريات لكل محافظة . وهذا يأتي تجاوباً مع الشطر الأول من الإجابة الثانية (ج2) . ولأن التعديل بشكل عام بخصوص إيجاد صفة تشريعية لمجلس الشورى فلابد من الانتخاب ؛ والآخرين منهم سيكونون في رأينا حسب ما ذكرنا مختارين أو معينين وفق (ج2).ج4) تسمية الاجتماع المشترك لمجلس النواب والشورى لابد أن ينطلق من تركيبة أو جمع المجلسين ؛ بحيث لا يمكن أن يكون الجمع بين مجلسين يخرج باسم (مجلس) بل الأفضل أن يكون باسم جمعية كالجمعية الوطنية ؛ ولأن التسمية (الوطنية) ؛ تعني الوطن كافة دون استثناء وهذا هو الأصل في أن أعضاء المجلسين من كافة أنحاء البلاد في الغالبية العظمى .فرز إحصائي للمواد المرشحة للتعديل في الدستور ؛ والمواد الجديدة المقترح إضافتها المواد المرشحة للتعديل 33 مادة تضمنها طلب تعديل الدستور وذلك للأخذ بنظام المجلسين :99.95.94.92.84.83.82.81.80.79.77.76.75.74.73.72.71.69. .68.67.66.62.91.90.88.87.85.115.109.104.102.100نص بديل للفقرات 13.12.8 من المادة (119)؛185.173.172.126.125.121 كما أن هناك عشر مواد جديدة تضاف إلى مواد الدستور كالآتي :[c1]- الباب الثالث تنظيم سلطات الدولة : مادة جديدة :[/c] يعتمد مبدأ الفصل بين السلطات أساساً لتنظيم سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ؛ وينظم الدستور علاقات التعاون والتكامل بينها .[c1]الفرع الأول:مجلس النواب:مادة جديدة :[/c]يتولى مجلس النواب إلى جانب المهام التشريعية ممارسة الرقابة على أعمال الهيئة التنفيذية على الوجه المبين في الدستور .[c1]الفرع الثاني :[/c]مجلس الشورى : مادة جديدة (تلي المادة 125):[c1]مادة جديدة :[/c]يراعى في تشكيل مجلس الشورى أن يكون جميع أعضائه المنتخبين والمعينين من ذوي الخبرات والكفاءات الوطنية والشخصيات الاجتماعية وممثلي المجتمع المدني والمغتربين اليمنيين في الخارج وغيرهم من رجال الأعمال ؛ على أن لا يقل سن العضو في مجلس الشورى عن أربعين عاماً ؛ ويحدد القانون المزايا والحقوق التي يتمتع بها أعضاء مجلس الشورى .[c1]مادة جديدة:[/c]مدة مجلس الشورى ست سنوات شمسية تبدأ من تاريخ أول انعقاد له.[c1]مادة جديدة :[/c]يدعو رئيس الجمهورية مجلس الشورى لعقد أول اجتماع له خلال أسبوعين من اكتمال تشكيلة عن طريق الانتخاب والتعيين.[c1]مادة جديدة:[/c] لكل عضو من أعضاء مجلس الشورى أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم أسئلة في أي موضوع يدخل في اختصاصهم ؛ وعلى من يوجه إليه السؤال أن يجيب عنه .[c1]مادة جديدة :[/c]لمجلس الشورى حق توجيه التوصيات إلى الحكومة في المسائل العامة أو في أي شان يتعلق بأدائها لمهامها ؛ أو بأداء أي عضو من أعضائها ؛ وإذا تعذر على الحكومة التنفيذ بينت ذلك المجلس .[c1]الفرع الثالث :[/c][c1]أحكام عامة ومشتركة للمجلسين:[/c][c1]مادة جديدة[/c][c1] (تلي المادة 127):[/c]يضع مجلس الأمة لائحة داخلية تنظم أعماله وكيفية عقد اجتماعاته وطريقة اتخاذ قراراته وتصدر بقانون:[c1]مادة جديدة :[/c]ينعقد مجلس الأمة بدعوة من رئيس الجمهورية ، أو يطلب من هيئة رئاسية أي من مجلس النواب والشورى أو الحكومة . وتحد اللائحة الداخلية بقية الإجراءات المتعلقة بذلك .[c1]مادة جديدة :[/c]مجلس الأمة هو الهيئة العليا للسلطة التشريعية ؛ وقراراته تعلو على القرارات المنفردة لكل من مجلس النواب والشورى .نستخلص من ذلك كله أنه بالفعل جاء طلب التعديل الدستوري وفق دراسة وقراءة متأنية ودقيقة خرجت بهذه المواد المطلوب تعديلها ؛ وكذلك إضافة مواد جديدة كمتطلب للفروع المختلفة من فروع تبويب الدستور .[c1]الخاتمة : [/c]ختاماً لورقتنا هذه حول إنشاء برلمان ذي غرفتين تشريعيتين نخلص إلى أن الضرورة توجب وجود غرفتين تشريعيتين ؛ وذلك لتوسيع قاعدة المجلس ذي الغرفتين تشريعياً وكذلك قاعدة المشاركة الشعبية ؛ ونوصي بالآتي :1. أهمية إعداد الدراسات والندوات على مستوى الوطن كافة بخصوص هذا الموضوع والأخذ بما سيخلصون إليه ويوصون به .2. أهمية الإسراع في ترتيب موعد للاستفتاء العام .3. وضع برنامج زمني ينظم للمجالس المحلية في المحافظات بعد ظهور نتائج الاستفتاء حول كيفية انتخاب الأعضاء من المحافظات إلى مجلس الشورى (وذلك لتهيئة المجالس في المحافظات لذلك).4. الأخذ بعين الاعتبار بتجارب هذا النظام ( ذي الغرفتين ) لدى الدول المتعاملة به ؛ خاصة الجوانب السلبية التي واجهوها كالآتي : 1. بطء التشريع ؛ وذلك لوجود مجلسين بدلاً من واحد ؛ حيث إن ذلك سيأخذ مزيداً من الوقت .2. ألا يتمسك كل مجلس بوجهة نظره عند الاختلاف في بعض المسائل .ج. ألا يؤدي ذلك (نظام الغرفتين) إلى خلق أرستقراطية جديدة .د. فرض شروط في أعضاء المجالس العليا: مثل درجة عالية من التعليم أو لسبقه شغل وظائف معينة .
|
دراسات
البرلمان ذو الغرفتين التشريعيتين
أخبار متعلقة