- قبل 41 سنة كان التنافس بين منتخبي دولتين لاتينيتين في أشده في ظلال توتر وحرب إعلامية وانتهت المباراة بهزيمة المنافس القوي، وخرج اللاعبون والمشجعون من الملعب إلى بيوتهم، وبعد ساعات خرج جيشا البلدين من الثكنات وتلاقيا عند الحدود وبدأت واحدة من أعجب الحروب العسكرية، كل ذلك بسبب مباراة في كرة القدم.. ومن حسن الحظ أن هناك دولتين تفصلان بين مصر والجزائر، فلو كانتا شقيقتين عربيتين متجاورتين لكانت الجيوش قد بدأت في التحرك فور انتهاء المباراة التي جمعت بين المنتخبين في ملعب المريخ السوداني، وكانت الحرب في الجبهة مستعرة في يومها الرابع.. ومن حسن الحظ أيضاً أن المباراة التي فاز فيها منتخب الجزائر لعبت في السودان بحضور مقنن للمشجعين من الطرفين، ولو تمت في مصر أو الجزائر لأزهقت أرواح وأطيح بجماجم وكسرت عظام وخربت بيوت وبيع وصوامع ومساجد، ولسادت فوضى عارمة وتصايح القوم “انج سعد لقد هلك سعيد” وهلكت العروبة والأخوة..- بالله عليكم.. ما الذي جرى وما هذا الذي يجري بسبب كرة قدم؟.. يا لها من محنة هذه الأمور التي تحدث في مصر والجزائر.. الرئيس يعقد اجتماعاً طارئاً.. مجلس الأمن القومي يعقد اجتماعاً استثنائياً.. السفير يستدعى.. السفير يسلم رسالة احتجاج.. جزائريون ضربوا على أيدي مصريين.. مصريون اعتدوا على جزائريين.. مصالح البلدين في الجهتين عرضة للهجوم.. والإعلام في الجانبين يسخن الأجواء ويشحن النفوس بالغضب والكراهية.. مصر تعبر عن غضبها بإجلاء 15 ألف عامل مصري في الجزائر.. والجزائر تفكر بسحب دبلوماسييها من القاهرة..بسبب مباراة كرة قدم.. الفائز فيها عربي والخاسر فيها عربي.. والخاسر القادم عربي.. “طاحت” العروبة والتضامن وحركة الطيران، وزلزلت الأسواق في الأرضين..ولاحظوا حتى التسميات.. المنتخب المصري لكرة القدم أطلق عليه اسم “الفراعنة” ومنتخب الجزائر سموه “مقاتلو الصحراء”.. تركوا كل شيء جميل وحضاري وعادوا إلى زمن الفراعنة وحروب القبائل الجاهلية.- الغريب في الأمر أن المتفرجين المحايدين في اليمن والسودان والمغرب وحتى الصومال وأفغانستان الذين يفترض أنهم محايدون، انحازت عواطفهم مع الجزائر ضد مصر.. وحتى الذين يؤكدون أنهم لا يهتمون بالرياضة ولم يشاهدوا المباراة ولا يعرفون أين ولماذا لعبت يقول لك الواحد منهم إذا سألته: أنا مع الجزائر.. وتباً لمصر..! وأزعم أن هذا يعكس تأثير الدول والأحزاب والجماعات الإرهابية ووسائل إعلامها التي تعمدت تشويه صورة مصر.. وخاصة الحملة التي شنت ضد مصر إبان هجوم إسرائيل على غزة والذي قيل إنه هجوم ضد حركة حماس التي خرجت من الحرب “سالم غانم”.. تلك كانت حملة ظالمة وأظلم منها الذين يشوهون صورة مصر وهم يعلمون أن نصف عيالهم تعلموا على أيدي مصريين، ويعلمون أن مصر رائدة السلام والتضامن العربي والمصالحة العربية.. ويعلمون أيضاً أن مصر هي التي استعادت عروبة الجزائر بعد أن كانت مستعجمة أو ولاية فرنسية!
إنها “مصر” يا جماعة!
أخبار متعلقة