[c1]فريد الصحبي[/c]يقولون " إن الإنسان في سن العشرين يفكر في إصلاح العالم ، وفي الثلاثين يفكر في إصلاح وطنه ، وفي الأربعين يفكر في إصلاح مدينته ، وفي الخمسين يفكر في إصلاح الحي الذي يعيش فيه ، وفي الستين يفكر في إصلاح نفسه"! الإنسان في سن العشرين يكون في لحظة إنفلاق نواة طاقاته الحيوية الروحية والجسدية .. فيتصور نفسه مركز الكون العالم بين يديه والدنيا ملك يمينة وإصلاح حياة الناس على سطح الأرض جزء من مسؤوليته .. هكذا توحى إليه صحته وعافيته وخيالاته وأحلامه المحلقة في عرض السموات والأرض .. ألم يقل سبحانه في كتابه الكريم " إنى جاعل في الأرض خليفه "؟ في سن العشرين لايرى الإنسان الحياة إلا حب في حب .. والدنيا ربيع والجو بديع .. وكما هي كذلك هي أيضاً قوة ومقاومة وفكر ودراسة وأعمال عقل حتى آخر قطرة جهد وعرق وآخر قطرة دم وآخر نفس وآخر رمق .. فالحياة كفاح وتضحيات وفداء .. يتفاعل ويذوب فيما يدور ويجري ويضطرب حوله .. يخوض معارك الشرف والبطولة والمبادئ والقيم ، ويقاتل من اجل الكرامة والحرية كل أشكال الظلم والفساد ! في سن الثلاثين يطرأ تغير غير محسوس على الإنسان خاصة إذا ما دخل قفص الحياة الزوجية .. يقول أحد الفلاسفة " يولد الناس أحراراً ولكن بعضهم يتزوج " .. تلقي الحياة الزوجية وتربية الأبناء على الإنسان أعباء أثقل من الحديد وهموم لم يكن يعرفها من قبل .. وتضعف شخصيته وتنكمش تطلعاته وهنا ينصرف الإنسان عن التفكير في إصلاح العالم ويكتفي بالتفكير في إصلاح وطنه !في سن الأربعين يصبح الإنسان كهلا .. وهو سن النضوج الفكري والإكتمال العقلي بما يجعل الإنسان يدرك أن من الحكمة الإهتمام بإصلاح حال مدينته أو قريته وأن ذلك هو الأجدى والأنفع والممكن ! أما إذا ما بلغ الإنسان سن الخمسين فالشيخوخة قد أقبلت مع بعض أمراضها وعللها .. فاذا به يسحب نظره من الخارج إلى الداخل .. إلى نفسه وجسده الذي كان مزهواً به وبها في أيام شبابه وفتوته .. هنا يبدأ يتعرف على نفسه فيبدو أكثر تواضعاً ، فلا يتطلع إلى خارج حدود المديرية أو الحي أو حتى الشارع الذي يعيش فيه ولم يعد يأمل أو يفكر في إصلاح ماهو أبعد من ذلك ! في سن الستين يكون العظم قد وهن واشتعل الرأس شيباً .. وضعف البصر ولم يعد لضجيج الحياة وصخبها حس ولا اثر .. وينحصر فكر الإنسان في إصلاح ما قد خرب بفعل المرض وضعف الجسد ! ومع ذلك يقولون " بعد الستين تبدأ الحياة " .. فالإنسان في هذه السن يكون قد تعلم قواعد لعبة الحياة .. وعرف أسرارها .. فهو يتعامل بحكمة مع الله ومع نفسه ومع الناس .. فيقضى ماتبقى له من العمر في هدوء وسلام وراحة بال ما يمكنه من إخراج أجمل ما يمكن أن تجود به قريحته من أعمال وابداع وفنون ! وبالمناسبة تحضرني الآن حكاية الممثل المصري القدير ( توفيق الدقن ) عندما جاوز الستين من عمره وقررت نقابة الفنانين في مصر إيقافه عن مزاولة مهنة التمثيل لبلوغه أرذل العمر .. حينها احتج الممثل العريق وقال قولته الشهيرة ( دا أنا لسه دلوقتى بدأت أمثل ) ! توفيق الدقن يريد أن يقول من الخطأ أن توقفوني عن التمثيل الآن بعد أن بلغت هذا المستوى العالي في الأداء الفني .. ولكن .. أليس هذا هو نفس ما يحدث للمتقاعدين في مرافق العمل والإنتاج بعد بلوغهم سن الستين وهم في قمة القدرة على العطاء والإبداع !؟ ولكن أيضاً .. اليس القول ( بعد الستين تبدأ الحياة ) ماهو الا من قبيل التشجيع على مواصلة الحياة وسط ركام السنين التي تساقطت أحجارها فجأة ، وناء بحملها الجسد المكدود والنفس المجروحة الخارجة للتو من معركة الحياة الضارية ! مهما يكن الأمر .. تبقى الحقيقة المؤلمة .. تلك التي يكتشفها الإنسان بنفسه بعد بلوغه سن الستين .. بعد رحيل العمر – كما قال نزار القباني – وهي أنه .. أي الإنسان .. كان يطارد خيط دخان ! [c1]إشارات [/c]·-من الخطايا الكبرى في حياتنا : سياسة بلا مبدأ .. وتجارة بلا أخلاق .. وفلوس بلا عمل .. وتعليم بلا تربية .. وطب بلا إنسانية .. ولذة بلا ضمير .. وزواج بلا حب .. و ( أنا ) من غير ( أنت )!" أنيس منصور " ·-من جاهد جهاداً شريفاً في سبيل غاية شريفة ، لا يعد فاشلاً إن أخفق ! “ بيرون " ·-الحياة مأساة للإنسان الذي يشعر ، ومهزلة للإنسان الذي يفكر ، ومتعة لمن لا يشعر ولا يفكر !. لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل .“ عنترة بن شداد " ·-أحسن المصلحين هم الذين يبدؤون بأنفسهم ! “ برنارد شو " ·-أحسن ما في هذه الحياة المؤلمة .. إنها مؤقتة ![email protected][c1]
أخبار متعلقة