قراءة أولية في النتاج الفكري لباكثير على هامش الذكرى المئوية لميلاده
عبدالله الضراسياحتضنت مدينة (سيئون) مساء الأربعاء الموافق 22 ديسمبر 2010م فضاءات الندوة العلمية الدولية حول الذكرى المئوية لميلاد الأديب علي أحمد باكثير في سياق فعاليات (تريم) عاصمة للثقافة الإسلامية 2010م.وقد كانت هذه (التطوافة الباكثيرية) رسالة وفاء وعرفان لكون أطياف باكثير تجاوزت دروب (حضرموت) إلى أصقاع أكبر حفر لنفسه فيها مكانة أدبية رفيعة خلدته وأعطته مقامه الذي استحقه.[c1]موعده مع النجومية[/c]كما يقال (من رحم الحزن يتولد الإبداع) فبعد فقدان زوجته الأولى قرر باكثير الرحيل إلى مصر للدراسة الجامعية حيث جاءت فرصة التحاقه بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية ليواصل الإطلاع على الآداب الأجنبية فأنطلق يقرأ ويكتب ويترجم في العصر الأدبي لقاهرة العمالقة .ووجد نفسه على طريقه (واثق الخطى يمشي ملكاً) يعبر عباب بحرها الأدبي بدون قلق أو استحياء وتسبقه موهبته الأدبية ترجمة وأدباً ومشرحاً إلى ما كان يمور به مشهدها الأدبي من قمم أدبية وثقافية حتى وجد نفسه في الصفوف الأولى من متسلقي تلك القمم الذين تفاجؤا بهذا الوافد الحضرمي .[c1]توجس فكري[/c]شاءت الأقدار أن يأتي (باكثيرنا) العملاق وسط أمواج فكرية وثقافية وسياسية ونقدية ساخنة خاصة بعد نجاح ثورة يوليو بمصر وظهور الحركات العقائدية السياسية والأدبية والنقدية والجمالية (القومية واليسارية) لكنه كان هو بمنأى عنها لذا أصابه شيء من المضايقة والإهمال لسلمه البياني الفكري الإسلامي.وقد جسدت تلكم المرحلة صدور مسرحيته الشهيرة(حبل الغسيل) التي فتح فيها (نيرانه) على الاتجاهات الماركسية والقومية واضعاً أصابعه الفنية والأدبية في مكامن خللها وأخطائها العملية حتى زاد الخناق عليه أكثر وأكثر.[c1]منحة التفرغ الأدبي[/c]معاول الهدم الأيدلوجية من الأجنحة الفكرية والسياسية التي كانت متسلقة ميادين الحياة الفكرية لم تؤثر عليه (قيد أنمله) لأن ثمة راعياً فكرياً يقدر المبدعين، ووسط هذه الإشكاليات والمضايقات لباكثير وجد نفسه (يكرم) من القائد والزعيم عبدالناصر بمنحه جائزة التفرغ الأدبي وهي جائزة أدبية تقديرية لعمالقة الأدب المصري، تفرغ بموجبها لتأليف رواية وا (وإسلاماه) التي دخلت مقرر الثانوية العامة بمصر في تلك الفترة وتحولت إلى فيلم سينمائي من بطولة (ماجدة).وكانت هذه المكرمة الناصرية إشارة خضراء الى نضوج ورقي مشهده الأدبي والفكري آنذاك.وقد ظل باكثير فارساً في معاركه الأدبية هنا وهناك رغم إشكاليات أعداء النجاح .[c1](باأليل)[/c]ومن أطرف ما حصل لأديبنا الكبير خاصة بعد كبر شهرته الأدبية ووصولها إلى خارج مصر أن طلبت سيدة الطرب العربي الراحلة أم كلثوم مقابلته خاصة بعد أن عرفت أن له أشعاراً غنائية راقية وعند رؤيتها له وكان هو بالمناسبة (قصيراً ممتلئاً) وكما عرف عنها الظرافة وحب النكتة قالت:الله باكسير باكسير دنتاطلعت (باأليل)أي أنه ذو شهرة جابت الآفاق ومع هذا شكله (باأليل) أي قصير القامة.[c1]لقد ذبحوني[/c]وكم كانت ضريبة شهرة وموهبة راحلنا الكبير باكثير غالية الأثمان نظراً لحجم الحقد السياسي والفكري عند أعداء نجاحه حيث كانوا يضعون له (العصا تحت الشملة) بانتظار سقوطه ولم يشفع له تاريخه الأدبي والفكري المتميز حيث توالت عليه (ضربات وظيفية ونفسية وأدبية تحت حزامه الأدبي حتى قال لدى زيارته حضرموت قبيل وفاته بشهور (لقد ذبحوني !!!).