وضع المشاركة السياسية للمرأة في اليمن
[c1]* ترتفع نسبة تمثيل الفتيات في مجلس شورى الشباب إلى (33.3 % من إجمالي قوامه)[/c]
عرض : ذكرى النقيبإن تأمين الاحتياجات الأساسية للإنسان لا ينحصر في إشباع حاجاته المادية الأساسية، بل يتجاوز ذلك إلى تأمين كرامته وحريته الشخصية وإلى مشاركته الفعالة في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، التي تعني بالأساس قدرته الحقيقية على أن يكون مشاركاً فاعلاً في الشئون السياسية العامة وأن يسهم في اتخاذ القرار بشأن كل أمر مؤثر على حياته.ومع أن اليمن خطت خطوات حثيثة نحو الأخذ بالديمقراطية وتوسيع الجهود الداعمة لقضايا تنمية المرأة وتدعيم مركزها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي إلا أن مايتحقق في الواقع العملي من نتائج يؤكد أن عملية صنع القرار في مختلف هيئات سلطات الدولة والمجتمع والهيئات الحزبية تحديداً لاتزال حكراً على الرجل ،وأن النجاحات المتواضعة لاشتراكها في بعض هيئات صناعة القرار ليست أكثر من محاولات محسوبة لتمثيلها الرمزي كي تحاكي وتساير الإهتامات والمطالبات العالمية السائدة. عن وضع المرأة في الحياة السياسية وعملية صنع القرار نقدم لكم عرضا لما احتواه التقرير الوطني لوضع المرأة 2006م الذي تعده اللجنة الوطنية للمرأة سنوياً
[c1]تمثيل المرأة في المراكز القيادية الحكومية وفي القضاء [/c]شهد العام 2007 م تعيين وزيريتين ضمن قوام الحكومة المشكلة من 33 وزيراً ويعد ذلك تحسناً بالنظر إلى القوام السابق لمجلس الوزراء الذي لم يتضمن سوى وزيرة واحدة . لكن تمثيل النساء عموماً في هذا المجال لايزال متدنياً جداً كما هو موضح في الجدول رقم (1).وتجدر الإشارة إلى أن الزيادة العددية في المعينين في مركزي وكيل وزارة ومدير عام مقارنة بأرقام الأعوام السابقة تعود إلى كون المعنيين في الجدول أعلاه هم الحاصلون على الدرجة المشار إليها وليس الممارسون للوظيفة نفسها . ومن حيث تزايد أعداد النساء العاملات في المراكز القيادية ضمن المرافق الحكومية يمكن اعتبار وزارة الخارجية مثالاً على التزايد العددي لتواجد النساء في تلك المراكز.والجدول يوضح بعض الزيادة في أعداد شاغلات المواقع القيادية، لكن نسبة هذه الزيادة لاتزال محدودة جداً كما أن النسبة الغالبة بين العاملات في الوزارة (56 % ) هي للإداريات ، فيما يشكل الإداريون من إجمالي العاملين الرجال بنسبة لا تزيد عن ( 27%) . راجع جدول رقم (2).أما مشاركة المرأة في المنظمات الدولية فلا تزال محدودة وتقتصر على إمرأتين فقط : الاولى في منصب المدير الاقليمي للبرنامج الانمائي العربي في الامم المتحدة والثانية في المكتب الاقليمي لمنظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة ( الفاو ) .
[c1]تمثيل المرأة في الهيئات القيادية للأحزاب السياسية :[/c]بالرغم من أن اللوائح الداخلية للأحزاب السياسية لا تتضمن تمييزاً ضد النساء، بقدر ما تتضمن في حالات عديدة بنوداً تؤكد على أهمية تمكين النساء من توسيع مشاركتهن في الهيئات القيادية ، إلا أن الحضور الحقيقي للنساء، والمنتشر على مستوى الهيئات الأدنى والأعلى والمناطق المختلفة لتواجد الأحزاب ،لا يزال متدنياً ويظهر التواجد الرمزي للنساء في أعلى هيئات الأحزاب متناقضاً جداً مع غيابهن الفاعل في أدنى الهيئات .والجداول الاربعة التالية توضح التوزيع العددي والنسبي لأعضاء الهيئات القيادية ( بحسب النوع ) في الاحزاب الاربعة الرئيسية التي لها تمثيل اكبر في مجلس النواب . راجع جداول (3 /4/5/24).
[c1]مشاركة المرأة في مجلس النواب والمجالس المحلية :[/c]ينعكس الوضع الإلحاقي التابع للمرأة داخل الأحزاب وضعف تأثيرها الفعلي في الهيئات القيادية بصورة مباشرة على مستوى تمثيلها في مجلس النواب والمجالس المحلية، الذي لم يشهد تحسناً طوال فترة التجربة النيابية الممتدة من عام 2003 م. فعلى مستوى مجلس النواب، شهد تمثيلها تراجعاً منذ عام 2003 م، رغم أن أعداد النساء المسجلات ضمن قيد الناخبين تزايد بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة والجدول رقم (6) يوضح ذلك .والبيانات أعلاه توضح حالة التناقض الواضحة بين معدلات الزيادة في أعداد المقيدات كناخبات ، والإنخفاض في أعداد المرشحات لعضوية المجالس أما عدد الفائزات بعضوية مجلس النواب، فقد شهد بدوره تراجعاً من اثنتين عامي 1993 م و 1997 م إلى فائزة واحدة فقط في عام 2003م. والشيء الملفت في تناقض مواقف الأحزاب السياسية تجاه ترشيح المرأة وترددهم في دعمها الفعلي لتوسيع تمثيلها في المجلس، هو ما أصبح يجنيه كل منهم جراء إستثماره لأصوات النساء . فالحزب الحائز على الأغلبية في المجلس ( المؤتمر الشعبي العام)، حصد مايقارب 60 % من إجمالي أصوات النساء في عموم البلاد وشكلت أصوات النساء 43 % من إجمالي أصواته. أما الحزب الذي يليه ( التجمع اليمني للإصلاح ) فقد حصد مايقارب من 21 % من إجمالي أصوات النساء في عموم البلاد، وشكلت أصوات النساء حوالي 40 % من إجمالي أصواته أما الحزبان الأخيران ( الحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري ) فقد حصدا نسباً قليلة من أصوات النساء عموماً. لكن أصوات النساء شكلت حوالي 39 % من إجمالي أصوات كل منهما .ولا يختلف الحال كثيراً عند النظر لمستوى مشاركة المرأة في المجالس المحلية؛ ففي انتخابات عام 2001 م ، بلغ إجمالي عدد المرشحات 133 مرشحة ،والفائزات 36 عضوةً فقط ( اثنتان في المجالس المحلية للمحافظات و34 في المجالس المحلية للمديريات ) وهي النسبة التي لم تتجاوز 0.5 % من إجمالي المرشحين وعدد الفائزين.وهذه المعدلات كادت تكرر نفسها في انتخابات عام 2006 م وبعد مرور خمس سنوات على التجربة الأولى للإنتخابات المحلية
[c1]انتخابات 2006 م المحلية :[/c]تكررت قبل حلول المواعيد الحاسمة لإستحقاقات هذه الإنتخابات، تكررت الوعود المألوفة التي تكيلها الأحزاب السياسية للنساء بإستعدادها لتوسيع مشاركتهن في المجالس المحلية بنسب لا تقل عن 15 %. ثم جرى التلويح بمواثيق شرف تلزم جميع الأحزاب بتعهدات معينة بشأن تسهيل وصول النساء للمجالس، هروباً مما تطالب به النساء من تشريعات تلزم الجميع بحصص نسبية مؤقتة لصالح المرأة. ولكن كالعادة وفي غمرة صراع المنافسة، وتوتر العلاقات بين الأطراف الحاسمة والمؤثرة داخل الأحزاب وفيما بينها، خفتت تدريجياً ثم اختفت تماماً مختلف التعهدات التي قطعت للمرأة وبدأت في ممارسات الضغط عليها للإنسحاب في كثير من الحالات، وجاءت نتيجة الانتخابات كعادتها بنسبة منخفضة جداً لمشاركة النساء كمرشحات حزبيات وكفائزات في عضوية المجالس. ومع ذلك فقد جنت المرأة ثماراُ متواضعة في مجال المشاركة في إدارة الانتخابات في مرحلة مراجعة وتعديل جداول الناخبين، عن طريق تعيين نساء في اللجان الإشرافية والأساسية. حيث عينت 6 نساء في اللجان الإشرافية على مستوى المحافظات من مجموع 66 عضواً وبلغت نسبتهن 9.1 % كما عينت 60 امرأة في لجان أساسية بالدوائر الإنتخابية من مجموع 903 عضواً، وبنسبة 6.6 %.وفي اللجان الفرعية بالمراكز ظلت نسبتهن مساوية للرجال تساوي عدد اللجان المخصصة للتسجيل لكلا الجنسين .
أما في إدارة المرحلة الأكثر حسماً للانتخابات وهي مرحلة الترشيح والإقتراع فقد تدنت نسبة الثقة في النساء، ولم تشرك أي إمرأة في اللجان الإشرافية، وأشركت 9 عضوات فقط في اللجان الأصلية بالمديريات ( من مجموع 999 عضواً )كما أشركت 37 امرأة فقط في اللجان الأصلية على مستوى المراكز( من مجموع يزيد عن 16 ألف عضو ) .ومع أن مرحلة التسجيل الجديد للناخبين أضافت للسجل القديم 1.149.875 ناخباً وناخبة . راجع جدول (7).إلا أن نسبة مشاركة النساء في سجل الناخبين، كما تظهر في الجدول أعلاه لم تتغير وبقيت كما كانت سابقاً حوالي 42 %، لكن المؤشرات المخيبة للآمال ظهرت في مرحلة الترشيح للإنتخابات ، عندما اتضح أن مواقف الأحزاب بهيئاتها المختلفة – العليا والدنيا – عادت لتتنصل عن وعودها تجاه النساء داخلها وخارجها ...، حيث رفضت ترشيحات كثير من الحزبيات من قبل أحزابهن واللاتي اضطررن للترشح كمستقلات ثم واجهن ضغوطات كبيرة لإ كراههن على الإنسحاب أيضاً، وكانت النتائج كما في الجدول رقم (8).
والبيانات أعلاه توضح أن عدد المستقلات من المرشحات تجاوز كثيراً عدد الحزبيات وأن المنسحبات هن في الأساس مستقلات ،رغم وجود خمس حزبيات اضطررن ايضاً للإنسحاب. أما من تبقين لخوض المعركة الإنتخابية فبلغن 16 مرشحة فقط : 77 حزبية و83 مستقلة وهو رقم متواضع جداً من عدد إجمالي المرشحين الذي فاق العشرين ألفاً .وفقاً للنتائج المعلنة عن الفائزين لم تنجح سوى 38 مرشحة ( ثمان منهن فزن بعضوية مجالس المحافظات و 30 مرشحة فزن بعضوية مجالس المديريات ) ،وهذا الرقم المتواضع لايشكل سوى نسبة 0.5 % من إجمالي الفائزين بعضوية المجالس والذين تجاوز عددهم السبعة ألآف عضواً، وهي تقريباً نفس النسبة التي شاركت بها النساء ضمن قوام المجالس المحلية في الدورة الإنتخابية السابقة 2001 م .وقد فازت مرشحات الحزب الحاكم - المؤتمر الشعبي العام بـ 34 مقعداً من إجمالي 38 ( بنسبة تقارب 90 %) أما المقاعد الأربعة المتبقية ففازت بها حزبية واحدة مرشحة الحزب الاشتراكي اليمني وثلاث مستقلات.وقد جاء خوض النساء لهذه التجربة الانتخابية بما رافقها من صعوبات وتحديات ظلت تكرر نفسها بنفس الوتيرة لأكثر من 13 عاماً وبما نجم عنها من نتائج هزيلة، جاء ليؤكد صواب الاستنتاجات والمطالبات التي تبنتها المنظمات والهيئات الناشطة في مجال حقوق المرأة، وهي المطالبات التي رأت في نظام الحصص النسبية “الكوتا” المؤقتة سبيلاً ضرورياً ولا مناص منه لتمكين المرأة من توسيع مشاركتها في الحياة السياسية في مختلف المواقع وتحويل الحق في المساواة المنصوص عليه في دستور البلاد وقوانينها الأساسية إلى أمر قابل للتحقيق الفعلي في الواقع ، وبوتائرمتنامية تدريجياً تضع حداً لحالة الجمود، بل والتراجع التي أنتجتها التجارب الماضية .
[c1]الفتاة في مجلس شورى الشباب : [/c]إن تجربة تكوين هذا المجلس ( الذي ترتفع نسبة تمثيل الفتيات فيه إلى 33.3 % من إجمالي قوامه)، ترعاها المدرسة الديمقراطية، لتعويد الشباب في أعمار مبكرة على الممارسة الديمقراطية والترويج لقيم المواطنة المتساوية والحوار والقبول بالآخر وتداول السلطة سلمياً.هذه التجربة جديرة بالإشادة لحرصها على الأقل على أن تجمع في كيان موحد ، مواطنين متساوي الحقوق بغض النظر عن جنسهم وعن قدومهم من مختلف أرجاء البلاد بخلفيات اجتماعية وثقافية ومهنية وسياسية متنوعة. وقد يغدو ظهور هيئة كهذه حافزاً معنوياً للحلم ببرلمان الغد المنشود، الذي يمثل فيه الرجل والمرأة بنسب أكثر عدالة .